الاتحاد الأفريقي ينشئ وكالة تصنيف لمواجهة التحيز وإطلاق الأموال

أديس أبابا - أعلن الاتحاد الأفريقي الجمعة عن مؤسسته الخاصة للتصنيف الائتماني لمعالجة المخاوف من أن التقييمات التي تجريها الوكالات العالمية تحمل تحيزا مكلفا ضد القارة.
وقال الرئيس الكيني ويليام روتو خلال إطلاق وكالة التصنيف الائتماني الأفريقية “لم تتعامل وكالات التصنيف الائتماني العالمية معنا بشكل سيء فحسب، بل إنها فشلت عمدًا في أفريقيا.”
وسبق أن ذكر الاتحاد الأفريقي وعدد من قادة دول القارة في مناسبات عديدة أن وكالات التصنيف الائتماني الكبرى لا تقيم المخاطر الائتمانية لدول القارة بعدالة، وأنها تكون الأكثر سرعة في خفض تصنيفها خلال الأزمات، مثل ما حدث خلال جائحة كورونا.
وفكر وزراء المالية الأفارقة في إنشاء مثل هذه الهيئة لأول مرة في عام 2021 وسط شكاوى من المعاملة غير العادلة من قبل وكالات التصنيف الائتماني الدولية، التي أكدوا أنها تؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة مقارنة بما يدفعه المقترضون الآخرون من الأسواق الناشئة والدول المتقدمة.
وقال روتو في الحدث الذي أقيم في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا “إنهم يعتمدون على نماذج معيبة، وافتراضات عفا عليها الزمن، وتحيز منهجي، ويرسمون صورة غير عادلة لاقتصاداتنا ويعتمدون تصنيفات مشوهة، ومخاطر مبالغا فيها، وتكاليف اقتراض مرتفعة بشكل غير مبرر.”
وتبلغ كلفة التصنيف المتحيز 75 مليار دولار في الفرص الضائعة، وفقا لدراسة أجرتها آلية مراجعة الأقران الأفريقية وبنك التنمية الأفريقي وبنك التصدير والاستيراد الأفريقي ومفوضية الاتحاد الأفريقي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وآلية مراجعة الأقران هي كيان متخصص تابع للاتحاد الأفريقي، تدعم دول القارة في مجال وكالات التصنيف الائتماني. وكجزء من التفويض يقوم المشرفون عليها بمراجعات روتينية لتصنيفات الدول الأفريقية والصادرة عن الوكالات العالمية للتصنيف الائتماني.
وقال روتو في بيان إن “تحسين التصنيف بدرجة واحدة من شأنه أن يفتح المجال أمام 15.5 مليار دولار من التمويل الإضافي للقارة، وهو المبلغ الذي قد يساعد في استبدال جزء كبير من مساعدات التنمية الرسمية أو إنفاقه على احتياجات البنية الأساسية في أفريقيا.”
وقد انتقد الاتحاد الأفريقي في الماضي تصنيف الوكالات لأفريقيا، وفي يناير الماضي اعتبر أن تقييم موديز المتقلب لتوقعات كينيا كان معيبا.
وذكر الاتحاد في بيان على موقعه في الإنترنت أنه “من النادر أن تنتقل وكالة تصنيف ائتماني من سلبي إلى إيجابي، متجاوزة توقعات مستقرة… إن التغيير هو اعتراف، في العلاج، بأن التوقعات السلبية كانت تصنيفًا غير صحيح.”
وعلى الرغم من الثروة الطبيعية الوفيرة في أفريقيا، فإن دولتين أفريقيتين فقط مصنفتان على أنهما من الدرجة الاستثمارية، وفقًا لروتو. وقال “لقد حان لأفريقيا وقت استخدام المقياس الصحيح، الذي يعكس وزنها الحقيقي.”
ومن المتوقع أن تضيف الوكالة، التي ستعد تقييم المخاطر الخاص بها المرتبط بالقروض الممنوحة للدول الأفريقية، سياقا إلى المعلومات التي يأخذها المستثمرون في الاعتبار عند اتخاذ قرار شراء السندات أو منح القروض.
وواصلت الديون الأفريقية تسجيل قفزات كبيرة خلال العام الماضي، مدفوعة بتراجع الإنتاج المحلي والتضخم وتراجع معدلات التنمية والاستثمار وارتفاع الفوائد.
ووفق ورقة بحثية أعدها مركز إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية قبل فترة، فإن العبء المتزايد لخدمة الديون الأفريقية سيقوض أهداف التنمية المستدامة في القارة، خاصة في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية.
◙ الديون الأفريقية تواصل تسجيل قفزات كبيرة خلال العام الماضي، مدفوعة بتراجع الإنتاج المحلي والتضخم وتراجع معدلات التنمية والاستثمار وارتفاع الفوائد
وأظهر تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة أن الدين العام المتزايد يخنق بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مشيرا إلى أن خدمة الديون تمثل 50 في المئة من عائدات حكومة أنغولا وكينيا وملاوي ورواندا وأوغندا وزامبيا.
وتشير تقديرات مجموعة البنك الدولي إلى أن إجمالي الدين الخارجي لأفريقيا ارتفع إلى 1.15 تريليون دولار في 2023، مقارنة بنحو 1.12 تريليون دولار في 2022، كما تشير بعض التقديرات إلى بلوغه نحو تريليوني دولار في عام 2024.
وسبق أن أشار كبير خبراء وكالات التصنيف الائتماني لدى الاتحاد الأفريقي ميشيك موتيز في تصريحات خلال عام 2023 إلى أن “القطاع الخاص مهتم فعلا بتنفيذ هذه المبادرة.”
وتوقع آنذاك أن يتم إطلاق وكالة التصنيف الجديدة في عام 2024. وأوضح أن الهدف ليس استبدال وكالات التصنيف الأخرى التي تحتاجها الدول الأفريقية لدعم الوصول إلى رؤوس الأموال الدولية وإنما هو توسيع قاعدة تنوع الآراء في هذا المجال.
ومن المقرر أن تكون الوكالة مستقلة ولن تكون مملوكة للتكتل، وفق ما أكده قبل فترة ألبرت موشانغا مفوض التنمية والتجارة والسياحة والصناعة والمعادن بالاتحاد الأفريقي.
وقال “نشعر بأننا لا نلقى معاملة جيدة عندما يتعلق الأمر بالتصنيفات وكلفة الاقتراض، ونريد مؤسسة تسهم في عملية إزالة المخاطر في سوق رأس المال الأفريقي، حتى نتمكن من الحصول على وضع يمكننا من خلاله الاقتراض بشكل تنافسي في الداخل والخارج.”