الابتكار يحفز انتعاش صناعة العقارات في الإمارات

تعطي المؤشرات حول أداء قطاع العقارات في الإمارات أن نموه المتوقع خلال 2024 سيكون مدعوما بالابتكارات والتوظيف الفعال للتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي الذي بات عاملا حيويا في تعزيز هذه الصناعة، بما يسهم في زيادة جاذبيته للمستثمرين.
أبوظبي- تؤكد طفرة المشاريع العقارية في الإمارات على الثقة الكبيرة، التي تتمتع بها السوق كوجهة استثمارية عالمية، نظرا للدعم والتحفيزات، التي تقدمها السلطات لهذا القطاع المهم بما في ذلك اعتماد التكنولوجيا كجزء أساسي من خطط التنمية الشاملة.
وتلعب الجهات المحلية مثل دائرة الأراضي والأملاك في دبي، وهيئة أبوظبي للإسكان، دورا حيويا في تقديم حلول وابتكارات نوعية، تسهم في تعزيز ريادة البنية التحتية العقارية المتطورة في البلاد.
وتعمل الشركات المحلية، ومن بينها الدار العقارية (الدار) على تطوير مشاريع مبتكرة ومستدامة، تواكب المتغيرات، التي تطرأ على القطاع مع ضمان تحقيق الكفاءة البيئية.
وفي إطار سعيها الدؤوب لتعزيز تنافسية القطاع، أطلقت دائرة الأراضي والأملاك بدبي مبادرات مبتكرة تهدف إلى تعزيز نمو وتطور القطاع، مثل مبادرة “ريس” للابتكار العقاري.
وتسهم هذه المبادرة في تقديم بنية تحتية داعمة، وتعزيز تنافسية شركات تكنولوجيا العقار المحلية في الأسواق العالمية عبر شراكات الدائرة العالمية.
وعلاوة على ذلك، تبرز مبادرة حاضنة الابتكار العقاري، التي تهدف إلى المساهمة في جذب الشركات العالمية الناشئة في الابتكار العقاري، وبناء قدرات ومهارات الأفراد والشركات المحلية، وتمكين اختبار وتسويق المنتجات والتقنيات الجديدة في الإمارة.
وكانت الدائرة قد أبرمت من خلال قطاع التطوير العقاري في مايو 2023 اتفاقية تعاون مع شركة إكسكلو سيفرس للتكنولوجيا لإطلاق هذه الحاضنة، التي تأتي انسجاما مع أجندة دبي الاقتصادية (دي 33).
وتقول ماجدة علي راشد المديرة التنفيذية لقطاع التطوير العقاري في أراضي دبي إن الحاضنة جاءت ضمن مساعي الدائرة في تشكيل خريطة طريق لتحقيق التنمية المستدامة في هذه الصناعة، وفق وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية.
وتعد دبي وجهة جاذبة لمختلف المستثمرين العقاريين، حيث تواصل الإمارة ريادتها في ارتفاع أعداد المشاريع العقارية، ووفقا لمنصة الأبحاث والبيانات العقارية بروبرتي مونيتور.
ومن المرجح أن تشهد الإمارة، التي تعتبر أبرز مركز للأعمال في منطقة الشرق الأوسط، زيادة في عمليات إطلاق المشاريع الجديدة على الخارطة، بمتوسط أكثر من عملية إطلاق واحدة يوميا في 2024.
وفي أبوظبي، استثمرت الدار العام الماضي أكثر من 23 مليون دولار في الابتكار، لتكون في طليعة المجالات الإبداعية الواعدة، حيث تضم الشركة أكثر من 70 مشروع ابتكار تجريبي، وتحرص على اختبار وتقييم التقنيات والحلول الجديدة قبل التوسع فيها.
وكانت الشركة التي تأسست قبل عقدين، قد أطلقت في 2018 حاضنة الابتكار الداخلية (ابتكار)، ومنذ تأسيسها قامت بتبني أكثر من 17 فكرة إبداعية وتطويرها وصولا إلى مرحلة النموذج الأولي.
ويحرص المسؤولون في الدار على تمكين قدرات كوادر الشركة في مجال التفكير الإبداعي، عبر مبادرة “أبطال الابتكار”، التي يتم فيها تدريب وتمكين 72 موظفا على ثقافة الابتكار، والذي بدوره ينعكس على تطوير المنظومة الإبداعية في القطاع الإماراتي.
وتضم الشركة ثلاثة مجالات ابتكارية أساسية، هي التطوير الذكي الذي يمثل تطوير تقنيات جديدة تحافظ على كفاءة جودة البناء.
وبالإضافة إلى ذلك، الابتكار في صافي الانبعاثات الصفري لدعم تحقيق أهداف الشركة المتعلقة بإزالة الكربون والقائمة على أسس علمية، وأيضا الابتكار في التحسين والتي تهدف إلى تطوير حلول ونماذج أعمال مبتكرة وفعالة.
وتفتح التقنيات الجديدة آفاقا واسعة للعقاريين والزبائن، للاطلاع على تحليلات السوق والابتكار في المعروض لجذب المزيد من المستثمرين عبر المنصات الرقمية التي باتت تشكل عاملا مهما في زيادة تفاعل حركة السوق المحلية.
ويرجع الخبراء ذلك بالنظر إلى التسهيلات والشفافية في العرض بجودة عالية، كمنصة “داري” التابعة لدائرة البلديات والنقل – أبوظبي، التي تعرض مستجدات السوق العقاري في الإمارة وتطوراته للمستثمرين من كافة أنحاء العالم.
كما تلعب الميتافيرس أو تقنيات الواقع الافتراضي دورا فعالا في جذب الزبائن والمستثمرين، من خلال عرض المشاريع، حيث يتيح هذا النوع من الابتكار للمهتمين بالتعرف أكثر على المشروع وجذب انتباههم عبر الابتكار في العرض والتسهيلات المقدمة.
وشكلت هذه التقنية إضافة كبيرة لشركة الدار العقارية من خلال تسجيل أكثر من 150 ألف زيارة افتراضية لجزيرة ياس ميتافيرس، والتي بدورها عكست مدى اهتمام الجمهور بالمجالات الإبداعية.
وتجمع العديد من مؤسسات البحث العلمي على أهمية التطور الهائل الذي أحدثته تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع، ما يشكل عاملا رئيسيا في تنمية الأعمال التجارية والتشغيلية للشركات العقارية.
وأوضحت مؤسسة الأبحاث العالمية ريسيرش آند ماركت، أن قيمة سوق الذكاء الاصطناعي في قطاع العقارات بلغت 165 مليار دولار خلال 2023.
ومن المتوقع أن تنمو القيمة لتصل إلى 226.71 مليار دولار في العام الحالي، بمعدل نمو سنوي مركب 37.4 في المئة.
ويعزى هذا النمو الملحوظ إلى مجموعة من العوامل منها التقدم في تحليلات السوق والتنبؤ والابتكارات في التقييم العقاري والتحسينات في قدرات البحث وأتمتة العمليات في إدارة العقارات.
وأوضحت شركة أوول أباوت أي.آي لبحوث الذكاء الاصطناعي أن نحو 30 في المئة من الشركات العقارية توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملياتها التجارية حاليا.
وأشارت إلى أن إضافة الذكاء الاصطناعي كأداة مهمة في نشاط الشركات أسهمت بشكل ملحوظ في تطوير الخدمات العقارية من خلال تحسين التفاعل مع الزبائن بنسبة 25 في المئة.
وتتوقع شركة غلوبال داتا البريطانية المختصة في الاستشارات وتحليل البيانات أن تسجل صناعة البناء في الدولة نموا سنويا بنسبة 3.9 في المئة خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وسيكون ذلك النمو مدفوعا بارتفاع وتيرة الاستثمار في البنية التحتية ومشاريع الطاقة المستدامة والاستثمارية في القطاعات الصناعية وغيرها من القطاعات الجاذبة للاستثمارات.
واستنادا إلى البيانات الرسمية، فقد حقق القطاع مبيعات عقارية في دبي تجاوزت 108.9 مليار دولار، بينما كان حجم المبيعات في أبوظبي حوالي 13.6 مليار دولار. ويساهم القطاع بنحو 8.2 في المئة من نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبلاد، وفق ما تشير إليه التقديرات.