الابتكار والوسائط المتعددة يؤججان المنافسة الصحافية في العراق

الصحف الورقية وبعدها الوكالات الإخبارية، أبرز ضحايا التطور التكنولوجي الذي فرض أن تكون المواد الصحافية أقصر والصور ومقاطع الفيديو أكبر، وأصبحت الوسائط المتعددة ضرورة لا غنى عنها في المجال الإعلامي العالمي، متجاوزة الطرق الإعلامية الكلاسيكية التي فقدت بريقها في بث الأخبار والتقارير، رغم أن العديد من وسائل الإعلام ومنها العراقية، مازالت تجربتها محدودة في هذا الإطار.
الجمعة 2017/12/22
الصحف الورقية أبرز ضحايا التطور التكنولوجي

بغداد - تسبب التطور التكنولوجي والمعلوماتي، بإفقاد وسائل الإعلام ميزة الانفراد بنشر الأخبار، وأصبحت الحاجة ملحة لنقل الأخبار العاجلة متضمنة صورا ومقاطع فيديو بعد أن منحت مواقع التواصل المستخدمين القدرة على نقل هذه الأخبار، ليضيف ذلك تحديات كبيرة أمام وسائل الإعلام تتعلق بصميم عملها ومن بينها استخدام الوسائط المتعددة.

ورصد “بيت الإعلام العراقي” في تقريره الثالث والثلاثين تقنية الوسائط المتعددة “ملتي ميديا” المستخدمة في وسائل الإعلام المحلية، بعدما أصبحت أحد أبرز التطورات الحديثة في المجال الإعلامي العالمي خلال السنوات الأخيرة الماضية متجاوزة الطرق الإعلامية الكلاسيكية التي فقدت بريقها في بث الأخبار والتقارير بعد الثورة المعلوماتية والتكنولوجية الهائلة في العالم. ووجد العاملون في قطاع الإعلام والصحافة أنفسهم أمام تحدي ابتكار مهمات جديدة تجذب الجمهور.

ويمكن تعريف الوسائط المتعددة بأنها مزيج من النصوص والصور ومقاطع الفيديو والصوت والرسوم البيانية والغرافيك والخرائط، ويتم استخدامها جميعا أو البعض منها وفقا لطبيعة التقارير والأخبار محور التغطية الإعلامية.

وتوفر هذه الوسائط معلومات إضافية مكثفة تعرض بطريقة صورية أو مرئية لافتة وجذابة، وتركز على تقليل النصوص المكتوبة والاستعانة بالوسائط المتعددة، وهو ما يوفر انتشار هذه التقارير بشكل أوسع ويتم تداولها على نحو كبير في مواقع التواصل الاجتماعي.

وفرض التطور الذي نشأ في العصر الرقمي أن تكون المواد الصحافية أقصر والصور ومقاطع الفيديو أكبر، ووفقا لذلك أضحت الصحف الورقية أبرز ضحايا التطور التكنولوجي وبعدها الوكالات الإخبارية، وأصبح أمام هذه المنابر الإعلامية خياران؛ إما الاستسلام -وهو ما يعرضها للإغلاق كما حصل في صحف عالمية عريقة- وإما قبول المنافسة عبر تطوير مواقعها الإلكترونية ونشر الأخبار بطريقة مبتكرة تستند إلى الوسائط المتعددة.

ولا يغيب الإعلام العراقي المحلي عن هذه التحديات إذ اضطرت العشرات من الصحف والوكالات والمواقع الإخبارية إلى الإغلاق فيما تسعى أخرى إلى منافسة خجولة أمام تطور عمل القنوات التلفزيونية التي تعاني هي الأخرى من تحديات لا تقل صعوبة عن نظيرتها العالمية في مجال استخدام الوسائط المتعددة.

40 بالمئة نسبة وسائل الإعلام العراقية التي تعتمد الوسائط المتعددة

واستند “بيت الإعلام العراقي” في تقريره إلى رصد 51 وسيلة إعلامية محلية توزعت على 26 وكالة وموقعا إخباريا، و13 صحيفة، و12 قناة، ركزت على رصد طبيعة ومحتوى مواقعها الإلكترونية وتحليل طريقة تقديم خدماتها الإخبارية والإعلامية ومدى استعانتها بالوسائط المتعددة.

وتوصل الرصد إلى نتائج عديدة منها محدودية استخدام وسائل الإعلام المحلية لتقنية الوسائط المتعددة في تقديم خدماتها الإخبارية، والتزام غالبيتها بالطرق الكلاسيكية في عرض الأخبار والتقارير الصحافية عبر نصوص لغوية مع صورة غالبا ما تكون أرشيفية خصوصا الأحداث الأمنية والعمليات العسكرية التي تحتاج إلى صور حديثة مرتبطة بالأخبار والتقارير.

وتشكّل وسائل الإعلام التي تعتمد تقنية الوسائط المتعددة ما نسبته 40 بالمئة من عدد التقارير والأخبار المنشورة على مواقعها الإلكترونية، كما لوحظت محدودية خبرة نتاجات وسائل الإعلام بطريقة الوسائط المتعددة مع غياب بعض تقنيات الوسائط خصوصا استخدام الخرائط والجداول البيانية والصور المتحركة.

ولاحظ التقرير أن القنوات التلفزيونية المحلية تولي تقنية الوسائط المتعددة اهتماما أكثر مما توليه للمواقع والوكالات الإخبارية والصحف التي من المفترض أن تكون الأكثر استعانة بالميلتي ميديا لمنافسة القنوات التلفزيونية.

وأضاف أن وسائل الإعلام مهتمة بتطوير تصميم مواقعها الإلكترونية بطريقة مبتكرة تعتمد على الوسائل المتعددة وإضافة تبويبات جديدة متعلقة بخدمات الفيديو والصور والانفوغراف في مؤشر على وجود تفاؤل في تطورها مستقبلا.

وأوصى بيت الإعلام المؤسسات الإعلامية، بأن تولي تقنية الوسائط المتعددة اهتماما كبيرا لضمان الوصول إلى أكبر عدد من الجمهور وتقديم مواد إخبارية مشوقة تحتوي على معلومات وإحصاءات بدل الاقتصار على آراء سياسيين وشخصيات عامة.

ونوه إلى أن على الصحافي والإعلامي بذل جهود شخصية لزيادة خبراته في تقنية الوسائط المتعددة -إذ أن مستقبل متطلبات العمل الصحافي يتجاوز الحاجة إلى المهارات التقليدية في نقل الأخبار وإجراء الحوارات وكتابة التحقيقات- وأن يكون ملما بالتطورات التقنية والتكنولوجية، فالأخبار غالبا ما تحتاج إلى تحديثات مستمرة مدعومة بالصور ومقاطع الفيديو والخرائط، وعلى الصحافي أن يتابع ما ينتجه بنفسه مع التوجه العام لإلغاء وظيفة محرر الأخبار.

وتشير بحوث وتقارير دولية معنية بدراسة توجهات الرأي العام إلى أن الجمهور غالبا ما يميل إلى تلقي الأخبار المتضمنة إحصاءات وبيانات وأرقاما ومعلومات أكثر من التصريحات وتغطية الأحداث، وهو ما من شأنه تحجيم خطاب الكراهية الذي عادة ما يكون مصدره تصريحات ومواقف متشددة، ولهذا فإن أمام وسائل الإعلام العراقية فرصة لكسب الجمهور وعدم التورط في نشر خطاب الكراهية، عبر التحول إلى تقنية الوسائط المتعددة في العمل الصحافي والإعلامي.

18