الائتلاف الحكومي الجديد ينهي حقبة نتنياهو بحصوله على الأغلبية البرلمانية

القدس - نال الائتلاف الحكومي الجديد بقيادة الزعيم اليميني المتطرف نفتالي بينيت الأغلبية في تصويت البرلمان، في جلسة امتدت منذ صباح الأحد وشهدت صخبا وانتقادات إلى جانب طرد بعض النواب.
وصوت 60 نائبا لصالح الائتلاف الجديد المتنوع ما بين اليمين واليسار والوسط بالإضافة إلى حزب عربي، في حين عارضه 59 نائبا معظمهم من حزب الليكود والأحزاب اليمينية المتشددة.
وسيخلف ائتلاف التغيير الحكومي الجديد رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو (71 عاما)، بعد 12 عاما في منصبه، جنح خلالها بقوة نحو اليمين.
ووعد الزعيم اليميني نفتالي بينيت بأن يمثل "ائتلاف التغيير إسرائيل برمتها".
وشدد بينيت في مستهل جلسة البرلمان الإسرائيلي لمنح الحكومة الجديدة الثقة، على أن "إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي"، رافضا إحياء الاتفاق النووي مع طهران.
وأضاف أن "إسرائيل تعيش لحظات تاريخية وحساسة، وسنعمل على تزويد الجيش الإسرائيلي بأحدث الأسلحة، سنوسع الاستيطان في جميع المناطق وسنفتح عهدا جديدا في إسرائيل مع الفلسطينيين داخل الخط الأخضر".
وقال بينيت إنه "يتمنى الحفاظ على وقف إطلاق النار مع قطاع غزة، لكن إذا اختارت حماس تهديد مواطنينا فسنواجه ذلك بحائط من النار".
وأضاف "هناك من حاول أن يجرنا إلى انتخابات خامسة وسادسة وعاشرة، وإلى مظاهرات يتم تمويلها ولبث الكراهية، هذا تفكيك للدولة، نحن أوقفنا هذا القطار".
وتابع حديثه "هذه لحظة سياسية هامة، وأرجو من الجميع ضبط النفس، وسنعمل على إخراج الدولة من أزماتها".
وذكرت قناة "كان" الرسمية أن عددا من أعضاء الكنيست عن حزب "الصهيونية الدينية" المعارض للحكومة الجديدة، طردوا من الجلسة بسبب أعمال شغب أثناء خطاب بينيت.
وكان نتنياهو تعهّد بالعمل على إسقاط "حكومة التغيير" بأسرع وقت ممكن، في حال صادق الكنيست (البرلمان) على تشكيلها الأحد.
وقال خلال جلسة منح الثقة "كيف يمكن الوثوق بمن خدع ناخبيه في أكبر عملية احتيال في تاريخ البلاد"، في إشارة إلى رئيس الوزراء المحتمل، نفتالي بينيت (49 عاما)، زعيم حزب "يمنيا" (يمين).
وأضاف مخاطبا الكنيست "إذا قُدّر لنا أن نكون في المعارضة، فسوف نفعل ذلك ورؤوسنا مرفوعة حتى نسقط هذه الحكومة السيئة بأسرع وقت ممكن، ونعود إلى قيادة البلاد على طريقتنا".
وفي حال منح الائتلاف الجديد الثقة، سيتولى بينيت من حزب "يمينا" القومي الديني رئاسة الحكومة لمدة عامين، يليه الوسطي يائير لابيد في 2023، بموجب اتفاق التحالف بين هذه التشكيلات.
وأعلن حزبا "يمينا" و"يش عتيد" الجمعة توقيع اتفاق ائتلاف لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وأكد الزعيم اليميني أن الحكومة المقبلة "ستعمل لمصلحة الجمهور الإسرائيلي كله دون استثناء كجماعة واحدة". وأضاف "أعتقد أننا سننجح".
وقال مقدم البرامج التلفزيونية يائير لابيد إن "الجمهور الإسرائيلي يستحق حكومة فاعلة ومسؤولة، تضع مصلحة الدولة على رأس أجندتها"، مؤكدا أن "جميع الشركاء في هذه الحكومة ملتزمون بشعب إسرائيل".
وفي غياب أي تقدم نحو التوصل إلى حل الصراع المستمر منذ العشرات من السنين مع إسرائيل، لن يعبأ فلسطينيون كثيرون بتغيير الإدارة، إذ يقولون إن بينيت سيتبع على الأرجح نفس الأجندة اليمينية مثل نتنياهو.
وقال متحدث باسم بينيت إنه سيتعهد بـ"معارضة قوية" لأي عودة أميركية إلى الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، لكنه سيسعى للتعاون مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.
وكان نتنياهو هدفا مرة أخرى لاحتجاجات جديدة مساء السبت، فأمام مقر إقامته الرسمي في القدس، لم ينتظر المتظاهرون التصويت للاحتفال بـ "سقوط" "الملك بيبي" لقب نتنياهو الذي تولى رئاسة الحكومة للمرة الثانية في 2009، بعد ثلاث سنوات في المنصب من 1996 إلى 1999.
وقال أوفير روبنسكي، أحد المتظاهرين، السبت إن "نتنياهو لم يسع سوى إلى تقسيمنا، جزء من المجتمع ضد آخر"، وأضاف "لكن غدا (الأحد) سنكون موحدين، يمينا ويسارا، يهودا وعربا".
وقال المتظاهر غالي يسرائيل تال (62 عاما) "هذا أمر جيد. انتهى وسيغادر"، في إشارة إلى نتنياهو.
وتثير تظاهرات غاضبة مؤيدة لنتنياهو بما فيها احتجاجات خارج منازل بعض نواب حزب يمينا الذين اتهموا بـ"الخيانة"، قلقا، ودفعت جهاز الأمن الداخلي "شاباك" إلى تعزيز الحماية الأمنية لبعض النواب.
وكان نتنياهو، الذي يواجه تهما بالفساد قد تنتهي به في السجن، وصف الحكومة المقبلة بأنها "يسارية خطيرة"، مثيرا مخاوف من إرباك سياسي.
ودعا بينيت معلمه السابق نتنياهو إلى التنحي من دون مشاكل ليتذكر الإسرائيليون إنجازاته للدولة العبرية، لكن تصريحات نتنياهو الأخيرة جعلته يبدو وكأنه يحاول تكرار سيناريو حليفه الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي جيّش أنصاره خارج مبنى الكونغرس (الكابيتول) الأميركي في الأيام الأخيرة من عهده.
واعتبر نتنياهو أن التغيير المحتمل في إسرائيل "أعظم تزوير انتخابي في إسرائيل"، متهما بينيت بقيامه بـ"بيع النار في البلاد". كما رأى أن الائتلاف الناشئ "لا يعكس إرادة الناخبين" الإسرائيليين.
ووعد حزبه الليكود "بانتقال سلمي للسلطة" بعد أزمة سياسية استمرت أكثر من عامين وتخللها إما فشل في تشكيل حكومة وإما ائتلاف حكومي استمر بضعة أشهر فقط. وأوضح أن اتهامات نتنياهو بالتزوير لا تتعلق بالانتخابات وإنما بقرار بينيت التحالف مع حزب لابيد الوسطي وحزب الحركة الإسلامية.
وكتب الصحافي المتخصص في الشؤون السياسية بن كاسبيت الجمعة عن هذا التحالف، أن "احتمالات بقاء مثل هذا المزيج في حقل الألغام السياسي في إسرائيل معدومة تقريبا"، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه "في الواقع كل شيء وأي شيء يمكن أن يحدث".
وأضاف أن مستقبل "حكومة 'بينيت - لابيد' الهشة يعتمد بشكل أساسي على علاقتهما الشخصية"، موضحا أنهما وإن كانا "مختلفين أيديولوجيا، فإنهما يمتلكان المستوى نفسه من القيم". وأشار إلى أن نجاحهما يعتمد على "الحفاظ على الثقة المتبادلة بينهما".
ورأى أن "تهديد نتنياهو سيظل يلقي بظلاله على الساحة السياسية ويلزم كل من يعتقد أن البيبوية (نسبة إلى "بيبي" نتنياهو) تشكل تهديدا لإسرائيل".