الإيرانيون ينزلقون في منحدر تآكل قيمة العملة

طهران - يواجه الإيرانيون أوضاعا معيشية واقتصادية أكثر صعوبة مع انزلاقهم في منحدر تآكل قيمة العملة أمام سلة العملات الأجنبية، في ظل قتامة الآفاق بشأن إمكانية تحسن المؤشرات خلال الفترة القادمة.
وسجّل الريال الإيراني أدنى مستوى على الإطلاق مقابل الدولار الأميركي مع عودة البلاد إلى العمل بعد عطلة طويلة، ومن المرجح أن تدفعه التوترات بين طهران وواشنطن إلى المزيد من الانخفاض.
وتراجع سعر الصرف إلى أكثر من مليون ريال خلال عطلة عيد النيروز، رأس السنة الفارسية، التي تبدأ في العشرين من مارس، مع إغلاق محلات الصرافة والاقتصار على التداول غير الرسمي في الشوارع، ما زاد الضغط على السوق.
ولكن مع استئناف التجار أعمالهم السبت الماضي، انخفض السعر أكثر ليناهز المليون ريال لكل دولار، ما يشير إلى أن هذا الانخفاض الجديد سيستمر.
وفي شارع فردوسي بالعاصمة الإيرانية طهران، قلب أسواق الصرف في البلاد، أطفأ بعض التجار لوحاتهم الإلكترونية التي تُظهر سعر الصرف الجاري، مع تزايد الشكوك حول مدى انخفاض الريال.
وقال رضا شريفي، الذي يعمل في إحدى البورصات، لوكالة أسوشيتد برس “نوقف التداول لأننا لسنا متأكدين من التغييرات المتتالية في سعر الصرف.”
وتأثر الاقتصاد الإيراني بشدة بالعقوبات الدولية، لاسيما بعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب أحادي الجانب من الاتفاق النووي بين طهران والقوى العالمية عام 2018.
وفي وقت إبرام اتفاق عام 2015، الذي شهد قيام طهران بالحد بشكل كبير من تخصيب اليورانيوم وتخزينه مقابل رفع العقوبات الدولية، كان سعر صرف الدولار 32 ألف ريال.
وبعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير الماضي استأنف حملته المسماة “الضغط الأقصى” التي تستهدف طهران بالعقوبات. وهاجم مرة أخرى الشركات التي تتاجر بالنفط الخام الإيراني، بما في ذلك تلك التي تبيع بأسعار مخفضة في الصين.
وكتب ترامب إلى المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي في محاولة لبدء محادثات مباشرة بين البلدين. وحتى الآن أبدت طهران استعدادها لإجراء محادثات غير مباشرة، لكن هذه المناقشات في ظل إدارة بايدن لم تُحرز أي تقدم.
وقال مهدي دارابي، محلل السوق، إنه يعتقد أن الضغوط الخارجية في الأشهر الأخيرة تسببت في “توقعات باحتمال انخفاض مبيعات النفط وزيادة التضخم، ما أدى إلى ارتفاع سعر صرف العملات الصعبة،” وفقًا لصحيفة “دوناي اقتصاد” الإيرانية.
وأدت الاضطرابات الاقتصادية إلى تبخر مدخرات الشعب، وهو ما دفع الإيرانيين العاديين إلى التمسك بالعملات الصعبة والذهب والسيارات وغيرها من الثروات الملموسة، بينما يتجه آخرون نحو العملات المشفرة أو يقعون في فخ الثراء السريع.
وقال سعيد، وهو متقاعد اكتفى بذكر اسمه الأول خوفًا من الانتقام، “إذا أوقفت إيران سياستها العدائية تجاه الخارج، فقد يكون من الممكن الحصول على مساعدات مالية.”
وأضاف “إذا أردنا أن نعيش حياة كريمة، فعلينا الحفاظ على علاقات جيدة مع جيراننا. لا ينبغي أن نكشّر لهم عن أنيابنا؛ سيفعلون الشيء نفسه.”
وفي غضون ذلك لا يزال الضغط السياسي الداخلي مُستعرًا بشأن قانون الحجاب الإلزامي، حيث لا تزال النساء يتجاهلن القانون في شوارع طهران.
1
مليون ريال سعر الدولار الأميركي، وهو أدنى مستوى لصرف العملة الإيرانية على الإطلاق
كما تستمر الشائعات حول احتمال قيام الحكومة بزيادة سعر البنزين المدعوم في البلاد، الأمر الذي أثار احتجاجات على مستوى البلاد في الماضي.
وردّت الحكومة الدينية في إيران بتخفيف تطبيق قانون الحجاب بشكل كبير وتخفيف القيود المفروضة على شخصية سياسية واحدة على الأقل.
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية (إرنا) السبت أجزاءً من بيان لمهدي كروبي، رجل الدين الشيعي ورئيس البرلمان والمرشح الرئاسي مرتين، والمحتجز في منزله منذ احتجاجات الربيع العربي عام 2011.
وصرح كروبي، أحد قادة احتجاجات الحركة الخضراء الإيرانية عام 2009، حيال رفع الإقامة الجبرية عنه في بيانه “تزامن انتهاء إقامتي الجبرية مع أزمة كبرى… وضعت البلاد على شفا حرب مدمرة.”
وزاد انخفاض قيمة الريال الإيراني من الضغوط على الرئيس الإصلاحي مسعود بزشكيان. ففي مارس الماضي، عندما كان سعر الصرف 930 ألف ريال للدولار، عزل البرلمان وزير ماليته عبدالناصر همتي بسبب انهيار العملة واتهامات بسوء الإدارة.
ودفع الغضب من الإنفاق الحكومي بزشكيان أيضًا إلى إقالة نائبه المسؤول عن الشؤون البرلمانية شهرام دبيري، لقيامه برحلة بحرية فاخرة إلى القارة القطبية الجنوبية، وفقًا لوسائل الإعلام الرسمية.
ورغم أن دبيري استخدم أمواله الخاصة لتغطية نفقات الرحلة مع زوجته، إلا أن صور رحلته المنشورة على إنستغرام أثارت غضب الرأي العام الإيراني الذي يكافح من أجل البقاء.
وقال بزشكيان في معرض إقالته لدبيري، الذي لم يقدم حتى الآن أي تفسير علني لرحلته، “في ظل الضغوط الاقتصادية الهائلة على الشعب وعدد المحرومين الهائل، فإن الرحلات الترفيهية الباهظة التي يقوم بها المسؤولون، حتى من أموالهم الخاصة، غير مبررة وغير معقولة.”
وصرح بشكل منفصل السبت بأن إيران تريد “حوارًا من منطلق الندية” مع الولايات المتحدة. وتساءل “إذا كنتم تريدون مفاوضات، فما جدوى التهديد؟” وأضاف “أميركا اليوم لا تُهين إيران فقط، بل تُهين العالم أيضًا وهذا السلوك يتناقض مع الدعوة إلى التفاوض.”