الإنفاق العربي على تكنولوجيا المعلومات يشهد قفزة في 2024

دول المنطقة تتسلح بالقوانين واللوائح التنظيمية لتجسيد خططها رغم التفاوت في ما بينها.
الثلاثاء 2024/06/18
حان وقت السباق الأكبر

يُكلف التحول الرقمي الشامل الحكومات العربية المليارات من الدولارات إلى جانب الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات. ومع اعتماد هذا المسار، فإن دول المنطقة لديها إمكانيات لذلك رغم التفاوت في ما بينها لمواجهة التحديات التنموية ودراسة المسارات المستقبلية للاستعداد للمرحلة المقبلة.

لندن - رصد تقرير حديث لشركة غارتنر الأميركية للأبحاث أن إنفاق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تكنولوجيا المعلومات سيشهد قفزة خلال العام الحالي، بما يؤكد حرص الحكومات على التحول السريع في مجال الرقمنة.

ولئن كان هناك تفاوت بين دول المنطقة في مسار تسريع التحول التقني وجعل التكنولوجيا محفزا لنمو الناتج المحلي الإجمالي لكل بلد، لكن في كل الأحوال هناك أرضية قانونية ولوائح تنظيمية محفزة تجعل الحكومات ترصد المزيد من الأموال في ميزانياتها لهذا الأمر.

ويقول المحللون إن الفجوة الرقمية في المنطقة باتت ضيقة مع مناطق أخرى من العالم تعد أكثر تقدما من خلال الإصلاحات التدريجية على اللوائح وتمكين النظام البيئي المزدهر من وضع التقنيات التكنولوجية في صدارة الاهتمام.

وأشارت أحدث التوقعات إلى أن إنفاق المنطقة العربية هذا العام سيصل إلى حوالي 193.7 مليار دولار بزيادة قدرها 5.2 في المئة على أساس سنوي وبانخفاض عن نسبة النمو المسجلة خلال العام الماضي والبالغة 6.6 في المئة.

ميريام بيرت: قادة القطاع في المنطقة اتفقوا على تقديم المزيد مستقبلا
ميريام بيرت: قادة القطاع في المنطقة اتفقوا على تقديم المزيد مستقبلا

ورغم تحسن حجم الاستثمارات في هذا المجال خلال 2022، والتي تجاوزت الملياري دولار في الأسواق العربية قياسا بحوالي 1.2 مليار دولار خلال عامي 2019 و2020، إلا أن هذا الرقم لا يزال بعيدا عن المساهمة في خطط التنمية.

ووفق معدي التقرير المنشور على المنصة الإلكترونية لغارتنر، ومقرها ستامفورد الأميركية، فمن المتوقع أن يشهد إنفاق دول المنطقة على خدمات تكنولوجيا المعلومات في عام 2024 زيادة بنسبة 9.6 في المئة.

وقالت ميريام بيرت، نائب الرئيس التنفيذي للتحليلات لدى الشركة، إن “قادة تكنولوجيا المعلومات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اتفقوا على تقديم المزيد من الخدمات المهنية والاستشارية”.

وأوضحت أن هذه المساعي تأتي من أجل تهيئة شركاتهم للانتقال إلى السحابة واستخدام الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي وتطبيقات إنترنت الأشياء، والاستفادة من فرص تسييل البيانات والناتجة عن التقارب بين هذه التقنيات.

ويظل الأمن مجالا رئيسيا للإنفاق على خدمات تكنولوجيا المعلومات، فضلا عن زيادة شراء المنتجات والخدمات والأدوات من خلال نماذج استهلاك وكلاهما يساهم في النمو الإجمالي لهذا القطاع.

ومن المتوقع أن ينخفض الإنفاق على الأجهزة بنسبة 4.5 في المئة هذا العام بسبب الطلب غير المتكافئ على الأجهزة الأحدث مثل الهواتف الجوالة في بلدان متعددة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتعتمد منهجية غارتنر لتوقعات الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات بشكل كبير على التحليل الدقيق للمبيعات من قبل أكثر من ألف بائع عبر مجموعة كاملة من منتجات وخدمات تكنولوجيا المعلومات.

هناك تفاوت بين دول المنطقة في مسار تسريع التحول التقني وجعل التكنولوجيا محفزا لنمو الناتج المحلي الإجمالي لكل بلد

وتستخدم الشركة تقنيات البحث الأولية مع مصادر بحث ثانوية، لبناء قاعدة بيانات شاملة لبيانات حجم السوق التي تستند إليها توقعاتها.

ورجح المدير الاستشاري الأول لدى غارتنر إياد طاشوالي أن يقوم الرؤساء التنفيذيون لشؤون المعلومات في المنطقة العربية بزيادة الإنفاق على الخدمات السحابية.

ورغم تمتع الذكاء الاصطناعي، بما فيه التوليدي، ببعض التأثير على الإنفاق على الخدمات السحابية، لكن من المستبعد أن يكون له أثر مباشر أو ملموس على مستويات الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات في المنطقة.

وحاليا يركز الرؤساء التنفيذيون لشؤون المعلومات في المنطقة بشكل رئيسي على حالات الاستخدام منخفضة التكلفة أكثر من الذكاء الاصطناعي باهظ التكلفة والذي يمكنه إحداث أثر إيجابي ملموس.

وعلاوة على ذلك، فإن كبار مزودي الخدمات السحابية الذين يتمتعون بالقدرة على توفير بنى تحتية واسعة للتخزين ولمرافق الحوسبة المخصصة للذكاء الاصطناعي، يقومون بزيادة الاستثمار في مراكز البيانات المحلية، وخاصة المراكز الخضراء عالية المستوى.

وتعليقا على ذلك قالت بيرت “لقد أطلق بعض هؤلاء خدمات سحابية سيادية مخصصة لتلبية الاحتياجات المخصصة والمحددة لأسواق دول الخليج العربي”.

193.7

مليار دولار حجم الإنفاق الذي توقعته شركة غارتنر للأبحاث بزيادة قدرها 5.2 في المئة

وخلال 2022 اعتبر خبراء معهد ميلكين، وهو مركز أبحاث متخصص في التكنولوجيا، أن القطاع يشهد ازدهارا في الشرق الأوسط وخاصة على مستوى الخدمات المالية المتعلقة بالرقمنة.

وقدر المعهد أن نحو 465 شركة تمويل تعتمد على التكنولوجيا الحديثة في المنطقة قامت بتوليد أكثر من ملياري دولار خلال العام الماضي، مقابل ثلاثين شركة في عام 2017 وما يقرب من 80 مليون دولار.

وبحسب شركة أس أند بي الاستشارية في تقرير نشرته قبل الأزمة الصحية، فإن هذا النمو سيتزايد خصوصا في دول الخليج العربي حيث يرتفع طلب الزبائن على الخدمات المصرفية الرقمية.

وفضلا عن ذلك، ستزيد فرص العمل في شركات الصناعات التحويلية في المنطقة بنسبة خمسة في المئة على الأقل، أي ما يعادل 1.5 مليون فرصة عمل خلال العقود الثلاثة المقبلة و50 ألف فرصة عمل إضافية في الصناعات التحويلية في المتوسط سنويا.

ومع أن دول المنطقة عملت على تحسين الوصول إلى التكنولوجيا سواء الأفراد أو الشركات وحتى رقمنة الإجراءات الإدارية، تتضمن اللوائح التنظيمية للسياسات التي اقترحها البنك الدولي في أحد تقاريره السابقة فتح سوق الاتصالات في المنطقة لزيادة المنافسة.

وثمة قناعة بين المتابعين بأن هذا الاتجاه يمكن أن يساعد على رفع معدل إتاحة واستخدام المعاملات المالية عبر الهواتف المحمولة والمدفوعات الرقمية مع تحقيق فائدة إضافية.

وتظهر تقديرات أن نسبة استخدام المدفوعات الرقمية في الدول العربية، باستثناء دول الخليج العربي الست، تبلغ 32 في المئة مقابل نحو 43 في المئة في دول أميركا الجنوبية والبحر الكاريبي.

وفي تقرير صادر العام الماضي عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) بعنوان “التكنولوجيا والابتكار”، يوضح من خلاله أن موجة التغيير التكنولوجي التي أطلقتها التقنيات المتقدمة تفتح نوافذ جديدة من الفرص لبناء القدرة على الصمود ضد التهديدات.

وصنفت أونكتاد الإمارات في المركز الأول عربيا والـ37 عالميا، تليها السعودية على مستوى المنطقة، ثم الكويت والبحرين وسلطنة عمان وتونس وقطر والمغرب والأردن ولبنان.

وضم تقرير المنظمة الأممية مؤشر الاستعداد التكنولوجي، والذي يشمل خمسة محاور رئيسية، هي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمهارات، والصناعة، والبحث والتطوير، وأخيرا التمويل.

10