"الإنسان الرخيص" رواية تحذرنا من المستقبل

لندن - تتناول رواية “الإنسان الرخيص” للكاتب الكردي العراقي كوران صباح قضايا إنسانية واجتماعية معقدة من خلال سرد خيالي مستقبلي، يحمل في طياته تأملات فلسفية حول الوجود البشري ومعاني الحياة والموت.
تدور أحداث الرواية في مستقبل بعيد حيث يختار البشر إنهاء حياتهم بطريقة غير تقليدية، إذ يقدم الأفراد على الانتحار من ناطحات سحاب بشكل دوري، ما يعكس حالة اليأس وانعدام الأمل في هذا العالم الافتراضي. هذه الظاهرة تصور بوضوح من خلال شخصية “سامي سيل”، وهو رجل يعيش في هذا المجتمع المحبط. يجسد سامي حالة التردد والخوف من الموت، إذ يتنقل بين محطات الحياة وكأنه في سباق مع الزمن، محاولا التمسك بأي خيط يمكن أن ينقذه من النهاية الحتمية.
وتتسم الرواية بأسلوب سردي يجمع بين الخيال العلمي والتشويق، حيث يصور الكاتب مشاهد مروعة لانتحار جماعي وأحداث متسارعة تكشف عن جوانب مظلمة من النفس البشرية. ويستخدم كوران صباح رموزا كثيرة تشير إلى مفاهيم فلسفية عميقة، مثل “الكرات القاتلة” التي تمثل تجسيدا لفكرة الموت الذي يطارد الجميع.
ومن خلال هذا السرد الدرامي يطرح الكاتب تساؤلات جوهرية حول معنى الحياة وقيمة الإنسان وكيفية التعامل مع اليأس الوجودي.
وتبدو الرواية كتحذير من المستقبل الذي قد ينتظر البشرية إذا ما استمرت في تجاهل القضايا الجوهرية التي تمس الإنسان في أعماقه، مثل الحاجة إلى الشعور بالانتماء والقيمة الذاتية.
ويجمع كوران صباح في “الإنسان الرخيص” بين الوصف الدقيق والمباشرة، مع الحفاظ على عنصر الغموض الذي يشد القارئ حتى نهاية الرواية، ويتميز بقدرته على خلق عالم خيالي متكامل، يتمازج فيه الواقع بالخيال بطريقة تجذب القراء وتدفعهم إلى التفكير في المسارات التي يمكن أن تسلكها البشرية في المستقبل.
كما تسلط الرواية الضوء على تحديات العصر الحديث من خلال رؤية مستقبلية قاتمة، ومن هنا فهي دعوة للقارئ إلى التأمل في حياته الخاصة ومجتمعه، وطرح الأسئلة الصعبة حول مصير الإنسان في هذا العالم المتسارع، كما أنها تجربة فكرية تحث على التفكير العميق في ما يخبئه المستقبل للبشرية.
ويذكر أن الرواية ترجمها إلى العربية عبدالله عبدالرحمن عبدالله، وصدرت مؤخرا عن منشورات رامينا في لندن بالتعاون مع وكالة حرف في الرياض.