الإنترنت متهمة بالتسبب في زيادة حالات الطلاق في العالم العربي

كشف خيانة الزوجين على وسائل التواصل يؤدي إلى شيوع الفضائح وقطع العلاقة الزوجية.
الاثنين 2022/03/21
سهولة العلاقات الافتراضية تتسبّب في تلاشي العلاقات الواقعية

أدّت وسائل التواصل الاجتماعي إلى خلق هوة في العلاقة بين الزوجين ما تسبّب في التفكك الأسري والوصول إلى الطلاق. ويؤكد خبراء علم الاجتماع أن الإنترنت خلقت عائلات جديدة افتراضية جعلت لكل من الزوجين عالمه الواقعي في المنزل والافتراضي خارجه، كما يشيرون إلى ضرورة استغلال الجانب الإيجابي لشبكات التواصل بغاية الحفاظ على الأسرة.

تونس - يشير المختصون إلى تزايد نسب الطلاق في العالم العربي بسبب الإنترنت جراء عدم اهتمام الأزواج ببعضهم البعض ما ينتج اللامبالاة والخيانة الزوجية.

ولم يقلل علماء الاجتماع في تونس من دور وسائل الاتصال الحديثة في الوصول إلى التفكك الأسري، حيث صنفوها في المرتبة الثالثة بعد المشاكل المادية التي تتسبب في الخيانة والطلاق.

وقال الباحث في علم الاجتماع الدكتور محمد الطويلي إن التطور التكنولوجي في مجال الإنترنت أدى إلى خلق عائلات جديدة افتراضية جعلت لكلا الزوجين عالمهما الواقعي في المنزل والافتراضي خارجه.

وأشار إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت متنفّسا للزوجين في حالة الخصام مما يسهل عليهما إيجاد البديل. وأكد أن تسهيل القيام بالعلاقات الافتراضية وإكثارها لدى أحد الزوجين يجعلانه يدخل في مقارنات بين الشريك الموجود في المنزل بنقائصه وهناته وبين الآخر الموجود على الإنترنت بصورة أكثر وجاهة وجاذبية.

ورأى إبراهيم سليم رئيس صندوق المأذونين الشرعيين أن حالات الطلاق في مصر ستقل بنسبة 60 في المئة إذا تم غلق الإنترنت ومنصات مواقع التواصل الاجتماعي.

التطور التكنولوجي في مجال الإنترنت أدى إلى خلق عائلات جديدة افتراضية جعلت لكل من الزوجين عالم واقعيا وآخر افتراضيا

وفي تصريحات تلفزيونية قال سليم موضحا “قبل الإنترنت كان لدينا 84 ألف حالة طلاق في عام 2008، لكن هذا الرقم ارتفع الآن إلى 222 ألف حالة”.

وأشار سليم إلى أن إدمان الإنترنت سبب رئيسي في زيادة حالات الطلاق، ومثال على ذلك عدم اهتمام بعض الأزواج بزوجاتهم، والزوجات المهملات بحق أزواجهن وأسرهن.

وقال أمير زين العابدين القاضي ورئيس مجمع دار القضاء في بغداد الجديدة إن “أهم سبب يؤدي اليوم إلى زيادة حالات الطلاق هو الإنترنت”.

وأضاف أن “حالات الخيانة الزوجية كان من الصعب إثباتها سابقا، إذ يفترض أن تحدث في فراش الزوجية، أما اليوم أصبح إثبات حالة الخيانة لدى الزوجين سهلا. فيكفي أن يتحدث الزوج أو الزوجة مع شخص آخر أو يقوم ببعض الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعي لتثبت الخيانة وبعدها يقع الطلاق”.

كما أرجع الحسين الدرويش رئيس المركز العراقي لشؤون المرأة السبب في تزايد حالات الطلاق إلى التكنولوجيا الحديثة التي أثرت بشكل كبير على النساء والرجال، حيث أن أغلب حالات الطلاق كان سببها المباشر أو غير المباشر مواقع التواصل الاجتماعي.

ويقول خبراء علم الاجتماع إن هناك من الرجال من يكتب للمرأة أرق التعبيرات التي تُشعرها بأنها “جوهرة بين يدي فحّام”، وأنها مظلومة، وأنها في المكان الذي لا يناسبها وبين يدي الرجل الذي لا يستحقها، فضلاً عن الكلمات الرقيقة. ومن النساء أيضا من تستغل منشور رجل يصف فيه بعض معاناته لتعلق له بأجمل تعابير المواساة وبأرق الكلمات.

وبهذا يجد كل من الزوج والزوجة اللذين يسيئان استخدام الإنترنت ضالتهما في الحياة الافتراضية.

وأضافوا أنه ما إن يعودا إلى الحياة الواقعية حتى يخلعا تلك الشخصية الجذابة ليعودا إلى شخصيتهما الحقيقية والتي غالباً ما تختلف عنها، فمن الطبيعي أنهما لا يجدان نفس المعاملة الأولى، إلا أنهما وللأسف لا يدركان أن هذا أمر طبيعي للاختلاف الشاسع بين الشخصيتين وأن الخلل يكمن في داخلهما، بل يعزوانه إلى تقصير من يحيطون بهما في الحياة الواقعية، فيتذمران ويقارنان بين كلتا الحياتين إلى أن ينتهي بهما الحال إلى هجران الحياة الواقعية ولو عاطفياً، فيعيشان في الواقع بالجسد فقط حاصرين كل المشاعر والعواطف والحب والاهتمام في الحياة الافتراضية.

حياة زوجية سليمة
حياة زوجية سليمة

ويرى الخبراء أن لهذا السلوك انعكاسات سلبية شديدة على الحياة الزوجية، حيث يعاني الشريك من الجوع العاطفي والذي تترتب عليه الكثير من المشاكل الصحية والنفسية، بل ومع ضعف الوازع الديني قد تدفعه إلى الاتجاه نحو نفس السلوك الخاطئ في استخدام الإنترنت من قبيل الأخذ بالثأر.

ونبّهت دراسة سعودية متخصصة إلى السلبيات والمخاطر الاجتماعية المحتملة على الأسرة، والتي قد تنجم عن استعمال شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة منها الطلاق والخيانة الزوجية، خاصةً في ظل انتشار برامج التواصل الاجتماعي مؤخرًا بشكل كبير.

وقد أثر ذلك على حياة الأزواج والأبناء، ومطاردة شبكات التواصل الاجتماعي لأفراد الأسرة السعودية في كل مكان، حتى في غرف النوم، ونقلها للأمراض الاجتماعية الوافدة إليهم.

وتظهر الدراسة أن الإقبال على استخدام شبكات التواصل الاجتماعي يزداد داخل المجتمع السعودي بشكل خاص، إذ احتلت السعودية المرتبة الخامسة عربيًّا، فيما تظهر أرقام رسمية محلية أن إجمالي عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة تجاوز مؤخرًا 15 مليونا.

وقالت الباحثة وفاء بنت ناصر العجمي المحاضرة في قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إن شبكات التواصل تتسبب في الكثير من السلبيات على الأسرة السعودية، والتي من أبرزها تقليص العلاقات الاجتماعية والتسبب بحالات الطلاق والخيانة الزوجية.

الإنترنت تعد مصدرا للكثير من المعلومات وفي شتى مجالات الحياة ويمكن استثمارها في مناحي إيجابية من حياة الزوجين بما يقلل من نسبة الطلاق

وحذرت الدراسة من مخاطر شيوع الفضائح من خلال كشف أسرار الآخرين، وما يترتب على ذلك من هدم للبيوت، وسهولة تعلم الجريمة (نظرية المخالطة الفارقة)، فقد يراقب الوالدان التقليديان نوعية صحبة ابنهما، ولكن كيف يفعلان ذلك مع الإنترنت إذ أن مراقبة الشبكات وحدها لا تكفي.

كما أن من المخاطر سهولة تفشي الغيبة والنميمة كأمراض اجتماعية، وتسهيل تفشي الرذيلة والعلاقات الجنسية المحرمة، والاغترار بوجود مودة وحميمية زائفة قد يؤدي بالشخص إلى التضحية بالعلاقات الحقيقية مع الأشخاص من حوله، ويقود ذلك إلى خسارة الأسرة.

وتعد الإنترنت مصدرا للكثير من المعلومات وفي شتى مجالات الحياة ويمكن استثمارها في مناحي إيجابية من حياة الزوجين بما يقلل من نسبة الطلاق.

ويمكن استثمار الإنترنت في إغناء الزوجين بالمعلومات الهامة عن الحياة الزوجية السليمة والسبل الكفيلة بإنجاحها، فضلاً عن الحفاظ عليها وجعلها حياة سعيدة بدءا من تعلم كيفية اختيار الشريك والأمور التي لا بد أن تتوفر فيه مروراً بالتعرف على طبيعة تفكير الزوج الآخر، وإرشادات عن كيفية معاملته إلى كيفية احتواء المشاكل والقضاء عليها. وهي في كل تلك المراحل لا توفر معلومات وحسب، بل توفر مختصين من السهل جدا الاتصال بهم والاستفادة من خبرتهم.

ويمكن الاستعانة بالمحادثات الكتابية في فهم كل من الزوجين لبعضهما، إذ أنها تشكل خير وسيط للتفاهم بين الأزواج الذين يعانون من حاجز الخجل. وبذلك يتعرف كل منهما على ما يحب الطرف الآخر وما يكره.

كما يمكن الاستعانة بها في تخطّي بعض العراقيل في سبيل حل المشاكل الزوجية. فمثلاً من لا يستطيع أن يعتذر كلاميا أو يفتقر إلى مهارة لغة الجسد التي تناسب ذلك يمكنه اللجوء إلى الكتابة المدعومة بالوجه المعتذر والآسف مثلا، فيستشعر الطرف المقابل أنه فعلا نادم وآسف فيقبل اعتذاره.

17