الإنتاج السينمائي في الجزائر يتقاطع مع سياساتها

الفيلم الوثائقي "فوت أوف" للمخرج الجزائري فيصل حمون يدرس أحداث انتخابات 2014 في الجزائر من خلال إجراء المحادثات التلقائية مع المواطنين والصحافيين.
الأربعاء 2019/05/01
الواقع كما هو

تونس – قدمت الدورة الـ19 لمهرجان “سينما السلام” بتونس الفيلم الوثائقي “فوت أوف” للمخرج الجزائري فيصل حمون، وهو فيلم جزائري وثائقي عن انتخابات البلاد عام 2014، والذي يصوّر الاحتجاجات الواسعة التي تحدث في الجزائر.

وعلى خلفية مظاهرات واسعة النطاق في الجزائر تدعو إلى تغيير سياسي كاسح في العام 2014، كان الفيلم الجزائري، الذي تم عرضه في تونس، موضوعا مثيرا للنقاش في مهرجان كان موضوعه “المصير” وما تبقّى للإنسان من حيّز قد يحقّق فيه شيئا من ذاته.

وتضمن مهرجان “سينما السلام” الذي ينظمه الاتحاد التونسي لجمعيات السينما، حلقة نقاش حول السينما الجزائرية والأرشيفات، مما أتاح للمشاركين استكشاف التاريخ المعقد والتطور السياسي للدولة الواقعة شمال القارة الأفريقية.

ويدرس الفيلم الوثائقي أحداث الانتخابات الأخيرة في الجزائر من خلال إجراء المحادثات التلقائية مع المواطنين والصحافيين، وكذلك أخذ لقطات من اجتماعات الأحزاب المعارضة والرائدة.

فيصل حمون: الفيلم يصوّر ردة فعلي على التغيرات التي تحيط بي في الجزائر
فيصل حمون: الفيلم يصوّر ردة فعلي على التغيرات التي تحيط بي في الجزائر

وقال المخرج الجزائري فيصل حمون “الفيلم يصوّر ردة فعلي على التغيرات التي تحيط بي في الجزائر وفي العالم، إنها ليست مسألة الحديث عن الانتخابات فقط، بل ما حدث في الخلفية، وما الذي يفكر فيه الناس حول الانتخابات”.

ولكنّ تصوير حمون لما حدث أثار غضب الدولة الجزائرية التي عملت على إخضاع الفيلم للرقابة. وفي العام 2016 تم رفض تأشيرة عرضه في مهرجان “بجاية” السينمائي.

وقال حمون “كان الفيلم يخضع للرقابة في بلدي، لأن الدولة اعتقدت أن تصوير الفيلم للرئيس كان مُسيئا، بينما ركّز فقط على الأشخاص الذين سيصوّتون في انتخابات 2014”.

وأضاف “الفيلم لا يصوّر حدثا بعينه، حاولت تصوير الرئيس لكنني لا أريد تصوير الحدث في الانتخابات نفسها، كما أن الفيلم ينتهي قبل إعلان النتيجة، وكان ذلك متعمّدا، كلنا نعرف كيف ستكون النتائج، لم تكن هذه هي القصة، كلنا يعلم أنه سيفوز، تماما كما يوحي العنوان، لكن الفيلم كان يمثل عقبة في ما يحدث في خلفية الحدث”.

ومع استمرار الاحتجاجات في الجزائر الآن، فكّر حمون في كيفية ارتباط الفيلم بالشؤون الجارية، ويقول “خرج جميع الأشخاص في الفيلم في الاحتجاجات التي تحدث اليوم، لم يتوقع أحد أن يحتج الناس، أعتقد أننا جميعا محاصرون في موقف معقد، عندما صوّرت الفيلم، كان ذلك في العام 2014 وكان الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة مريضا جدا، ولم أعتقد بأنه سيترشح لولاية خامسة في العام 2019”.

وأضاف “هؤلاء هم أشخاص مثلي، ويمكن للجميع أن يشعر بوجود فجوة كبيرة بين الشباب والسياسة.. في الجزائر، نرى متظاهرين ولكن لا توجد أحزاب سياسية، بل ويقف المتظاهرون أيضا ضد المعارضة”.

وتحدث حمون عن الصعوبات التي واجهها في التصوير، بما في ذلك العديد من القيود التي فرضت عليه وعلى طاقم العمل، والذي تمت مراقبته عن كثب. وقال المخرج والممثل الجزائري نبيل الجدواني، إن المناخ السياسي للجزائر كان له تأثير عميق على السينما، وخاصة على عمله لتجميع وتنظيم أرشيف رقمي.

وأضاف الجدواني “لقد أصبحت محاولة جمع وتصنيف الأفلام من قبل المخرجين أمرا سياسيا، نحتاج إلى إظهار الجانب الآخر من تاريخ السينما الجزائرية المنتشرة في كل مكان من العالم، تشكل هذه الأفلام فصلا مهما في السينما الجزائرية، لكن غالبا ما يتم إهمالها من قبل النظام لأنها لا تعبر عن نفس الأيديولوجيا السياسية”.

وقال نبيل الجدواني “منذ الاستقلال، تعرضوا للاضطهاد من قبل النظام الذي أراد أن يمسح صورتهم وتمثيلهم لحقائقهم، لقد تمكنوا من الفرار من خلال الغوص في الخيال، وهو الخيط الذي يربط العديد من الأفلام من عصور مختلفة بتاريخ السينما الجزائرية، لاسيما وأن الرقابة مستمرة حتى اليوم، يمكن رؤية هذا الخيط وكذلك هذا الخيال في احتجاجات اليوم.. إنها جزء من الهوّية الجزائرية”.

15