الإنتاج الرمضاني يثير انتقادات التونسيين منذ حلقاته الأولى

تونس – بدأت القنوات التونسية عرض إنتاجها الخاص بشهر رمضان والذي يتوزع رغم قلته بين مسلسلات وسلاسل كوميدية، أثارت في أغلبها ردود فعل غاضبة ومستنكرة للمستوى الذي بلغته الأعمال التونسية مقارنة بغيرها من الإنتاجات العربية.
وتتلخّص الأعمال الرمضانية لهذا العام في 3 مسلسلات درامية هي ”باب الرزق” للمخرج هيفل بن يوسف ويعرض على الوطنية الأولى، ”فلوجة 2” للمخرجة سوسن الجمني ويعرض على قناة الحوار التونسي، و”رقوج” للمخرج عبدالحميد بوشناق والذي يعرض على قناة نسمة الجديدة.
وتعرض القنوات التونسية 5 سلسلات كوميدية (سيتكوم)، وهي ”سوبر تونسي” على نسمة الجديدة، ”أولاد الحي في دبي” على قناة تلفزة تي، ”الفارماسي” على الوطنية الأولى، و”فندق المغرب العربي” على قناة حنبعل. وكان من المقرر عرض سيتكوم بعنوان “خوك من بوك” على قناة تلفزة تي في لكنها أعلنت عن تأجيله للنصف الثاني من الشهر.
وتتنوع المواضيع التي تتناولها هذه الانتاجات الرمضانية. وعلى سبيل الذكر لا الحصر، يتناول مسلسل “باب الرزق” الذي يصنف ضمن الدراما الاجتماعية العائلية، مشاكل وظواهر اجتماعية مختلفة تمس الشباب التونسي كالحب، الظلم، الطبقية، الحلم، الانتقام، التمرد والتسامح. وتدور أحداثه بين الريف والمدينة في ديكورات مختلفة تنقل جمال تونس وتراثها الطبيعي.
ويكمل مسلسل “فلوجة” مسيرة جزئه الأول مسلطا الضوء على الوسط المدرسي عبر حكايات مجموعة من التلاميذ المراهقين ومغامراتهم المحفوفة بالمخاطر حدّ الإجرام.
مع حلول رمضان، ترتفع كل عام الأصوات المطالبة بالعودة إلى الأدب التونسي والعالمي قصة ورواية ومسرحا لاقتباس بعض الأعمال الجيدة، في ظل استمرار الضعف على مستوى القصص والسيناريوهات المقدمة
وكان المسلسل قد أثار غضبا في صفوف التونسيين خلال عرض جزئه الأول، ورفعت ضده قضية أمام القضاء لوقف بثه، بتهمة تشكيل “خطر على المجتمع التونسي وعلى المراهقين من خلال التركيز على العنف واستعمال كلمات نابية وسلوكيات لا تتماشى وطبيعة شهر رمضان”. ورغم ذلك حقق أعلى نسب مشاهدة.
ولم يكشف المخرج عبدالحميد بوشناق عن طبيعة عمله الدرامي الجديد بل ترك الفرصة للجمهور في رسم ملامح القصة عبر متابعة الحلقات، وخاصة وأنه يملك جمهورا ينتظر أعماله ويتابعها بشغف، منذ أن نجح في لفت الانتباه إلى موهبته في السنوات الماضية، فمنذ شهر رمضان 2019 قدم المسلسل الشهير “النوبة” الذي لاقى نجاحا كبيرا، وحوله إلى عرض موسيقي غنائي بعنوان “عشاق الدنيا”.
ولئن لم يقع الكشف، من خلال الشريط الترويجي، عن معنى “رقوج” فإنه قد يحيل على اسم قرية تابعة للفحص من ولاية زغوان، أو قد يعكس “رقوج” اسم شخصية من أبطال العمل، ستروي من خلال هذا العمل قصة حياتها في هذه القرية، ذلك ما سيكتشفه المتابعون لهذا المسلسل.
ويبدو أن الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس منذ سنوات ألقت بظلالها على الإنتاج الدرامي، حيث تراجع من حيث الكم والكيف، وجاءت معالجة أغلب المسلسلات والسيتكومات التي عرضت أول يومين من السباق الرمضاني، مخيبة للآمال، بأفكار أغلبها قديمة ومستهلكة، وبموارد بسيطة لا ترتقي لمواكبة التطور التكنولوجي في تقنيات الإخراج عدا عن أن عددا كبيرا من المشاهدين أبدى استغرابه لمستوى الكتابة والنصوص الهزيلة لهذه الأعمال.
وقد تعزى هذه السطحية في تناول المواضيع رغم أهمية بعضها، إلى كون الدراما التونسية أسيرة منطق الموسمية الرمضانية، وهو ما لا يسمح لها بالتطور، وهي أسيرة الشِّللية ما يجعلها تقدم للمشاهد كل عام الوجوه نفسها مع حضور متنوع لمؤثري السوشال ميديا.
ومع حلول رمضان، ترتفع كل عام الأصوات المطالبة بالعودة إلى الأدب التونسي والعالمي قصة ورواية ومسرحا لاقتباس بعض الأعمال الجيدة، في ظل استمرار الضعف على مستوى القصص والسيناريوهات المقدمة.
ويرى البعض ضرورة أن تقيم المؤسسات العمومية من وزارة الثقافة والتلفزيون الرسمي ورشات حقيقية للسيناريو بالاستعانة بخبراء لخلق جيل جديد من كتاب السيناريو، بالإضافة إلى التنويع في كاستينغ الممثلين والموازنة في الأداء بين المحترفين والهواة، بالتوازي مع الحاجة لحركة نقدية تناقش بحرفية وموضوعية الأعمال الدرامية من أجل الارتقاء بمستوى الدراما التونسية.
وكتب المخرج والممثل حسام الساحلي في تعليق على أداء الممثلين في المسلسلات: “بالنسبة للمسلسلات فرحت بظهور أصدقائي الممثلين.. ولاحظت تفاوتا كبيرا في الأداء بين الممثلين، بين ثلاثة أنواع: الممثلون المتمرسون والمعتادون على اللعب أمام الكاميرا وبين من غايتهم الظهور والشهرة وبين بعض ممثلي المسرح الذين يستخدمون تقنيات الأداء على الخشبة والتي لا تصلح بالضرورة أمام الكاميرا. هذا إشكال كبير على المخرجين ومديري الممثلين التفكير فيه لوضع كل الممثلين على خط واحد”.
أما منتج سيتكوم “أولاد الحي في دبي”، مجدي الحسيني، فله رأي آخر، حيث اتهم المستشهرين التونسيين في تصريحات له بأنهم يدعمون أعمالا على حساب أخرى، وقال “نسب المشاهدة صفر في تونس خاطر (لأن) كل شي مقسوم من قبل والمستشهرين ربي يهديهم يطلعوا في أعمال على حساب أعمال آخرين”.
يذكر أن شهر رمضان يستأثر وفق بيانات إحصائية للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (حكومية) بـ40 في المئة من الاستثمارات الإعلانية، ما يعرّض المستهلك خلال النصف الأول من الشهر إلى معدل ساعتين و20 دقيقة يوميًا من الإعلان، ويوفر عائدات مالية ضخمة للقنوات التلفزيونية.