الإمارات وقطر تتفقان على حاجة العالم للغاز لفترة طويلة

أبوظبي - أكد وزيرا الطاقة الإماراتي والقطري السبت أن العالم سيظل في حاجة للغاز الطبيعي لفترة طويلة، وأن هناك حاجة لمزيد من الاستثمارات للحفاظ على أمن الإمدادات والأسعار المقبولة خلال التحول العالمي للطاقة، في وقت يشهد العالم أزمة غير مسبوقة في الطاقة جراء الحرب في أوكرانيا.
وقال سعد الكعبي وزير الطاقة القطري خلال مؤتمر الطاقة العالمي في أبوظبي إن الشتاء المعتدل في أوروبا أدى إلى انخفاض الأسعار، لكن هذا التقلب سيستمر "لبعض الوقت" نظرا لعدم تدفق الكثير من الغاز إلى السوق حتى عام 2025.
وتابع "المهم هو ماذا سيحدث عندما يريدون (أوروبا) تجديد مخزوناتهم في هذا العام الجديد والعام المقبل"، مضيفا أن منتجي الطاقة قلقون إزاء تضرر الطلب.
وقال الكعبي بعد ذلك للصحافيين إن قطر التي تعمل على زيادة إنتاجها من الغاز لديها كميات محدودة توجهها إلى أوروبا لن تحولها بعيدا "لكن هناك حدودا لما يمكننا فعله".
وقطر هي واحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي المسال في العالم. والإمارات دولة منتجة للنفط وعضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي تزيد تركيزها على سوق الغاز وسط مساعي أوروبا لإيجاد بديل لواردات الطاقة الروسية بعد خفض الإمدادات منذ فرض العقوبات الغربية على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا.
وقال الوزير القطري إنه يعتقد أن الغاز الروسي سيعود في نهاية المطاف إلى أوروبا.
وتراجعت صادرات روسيا إلى أوروبا من الغاز الطبيعي، بنسبة 55 خلال العام الماضي. وفق شركة غازبروم الروسية العملاقة للطاقة.
و كان وزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي قد وافقوا في ديسمبر الماضي، على سقف لأسعار الغاز، يمكن تفعيله إذا قفزت أسعار الغاز القياسية إلى 180 يورو لكل ميغاواط/ ساعة. وقالت وثيقة تورد تفاصيل الاتفاق إنه يمكن بدء الحد الأقصى من 15 فبراير فصاعدا.
وخلال المؤتمر نفسه، أيّد سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي تصريحات الكعبي، وقال "لفترة طويلة جدا سيظل الغاز موجودا".
وأشار إلى أنه على الرغم من تدشين المزيد من الطاقة المتجددة فإن هناك حاجة لمزيد من الاستثمار في الغاز كمصدر لتلبية الحد الأدنى من الطلب.
وقال المزروعي "على العالم كله أن يفكر في الموارد وكيفية تمكين الشركات من إنتاج المزيد من الغاز لجعله متاحا وبأسعار معقولة".
وأضاف أنه من غير المنصف بالنسبة للبعض في الغرب القول، في إطار الضغط من أجل الطاقة الخضراء، إنه لا ينبغي للبلدان الأفريقية أن تنقب عن النفط والغاز وسط أهمية ذلك لاقتصاداتها وحاجة العالم للمزيد من الإمدادات.
ولفت إلى أن الإستراتيجية "غير الواضحة" للعديد من الدول جعلت من الصعب عليها الالتزام بعقود غاز طويلة الأجل تصعب بدورها على شركات الطاقة تأمين التمويل للاستثمار في تطوير الطاقة الإنتاجية.
ومع احتدام المنافسة على الغاز الطبيعي المسال، أبرمت ألمانيا العام الماضي صفقة مدتها 15 عاما للحصول على إمدادات من شركة قطر غاز اعتبارا من عام 2026، وهي الأولى من نوعها إلى أوروبا من مشروع توسعة حقل الشمال القطري. ووقعت شركة قطر للطاقة صفقة مدتها 27 عاما لتوجيه إمدادات لشركة سينوبك الصينية.
وقال الكعبي، وهو أيضا الرئيس التنفيذي لشركة قطر للطاقة، إن المفاوضات جارية مع العديد من الأطراف حول العالم.
وأضاف "هناك الكثير من المشترين الأوروبيين والآسيويين، وهناك احتمالية أنه بحلول نهاية العام، سيتم بيع إنتاج التوسعة القطرية بالكامل".
وتتضمن خطة توسعة حقل الشمال القطري المكونة من مرحلتين ستة خطوط لإنتاج الغاز الطبيعي المسال ستزيد من قدرتها على التسييل من 77 مليون طن سنويا إلى 126 مليون طن بحلول عام 2027.
وانطلقت السبت في أبوظبي أعمال الدورة السنوية السابعة لمنتدى الطاقة العالمي الذي ينظّمه المجلس الأطلسي ضمن فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة بمشاركة قيادات الطاقة الأكثر تأثيرًا على مستوى العالم لصياغة أجندة الطاقة العالميّة للعام المقبل ومشهد تحول الطاقة العالمي .
ويحظى المنتدى هذا العام بأهمية خاصة حيث تشغل القضايا الحرجة المتعلّقة باستراتيجيات المناخ والطاقة صدارة الاهتمام خلال الفترة التي تسبق انعقاد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "كوب 28" والذي تستضيفه الدولة نهاية العام الجاري.
ويركز منتدى الطاقة العالمي 2023 بشكل خاص على تحدّيات إدارة أولويات أمن الطاقة والجهود المبذولة للتخلّص من الانبعاثات الكربونية ودعم جهود العمل من أجل المناخ وتعهّدات الدول بشأن الوصول إلى "صافي الصفر" في الانبعاثات الكربونية.
وفي السياق، أكّد رئيس مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 28) الإماراتي سلطان الجابر الذي يترأس واحدة من أكبر الشركات النفطية في العالم، السبت، على وجوب التركيز على خفض الانبعاثات، محذّراً من أن الاحتياجات العالمية للطاقة ستزيد.
وقال الجابر المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغيّر المناخي، في أول كلمة له منذ تعيينه رئيساً لمؤتمر (كوب 28) إن الوقود الأحفوري الأقل تلويثاً يجب أن يبقى جزءاً من خليط الطاقة، بالإضافة إلى الطاقة المتجددة وحلول أخرى.
وبحسب الجابر فإنه "طالما لا يزال العالم يستخدم مصادر الطاقة الهيدروكربونية، علينا ضمان أن تكون على أقل قدر ممكن من الكثافة الكربونية".
وأضاف: "نعمل مع صناعة الطاقة لتسريع تخفيض الكربون وتخفيض الميثان وتوسيع الهيدروجين. لنواصل التركيز على خفض الانبعاثات وليس التقدم".
وعيّنت الإمارات الخميس رئيس شركة بترول أبوظبي الوطنية رئيساً لمؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 28)، سيعقد في في دبي في نوفمبر وديسمبر المقبلين.
وقال الجابر إن بلاده تتعامل بمسؤولية وإدراك مع مهمة استضافة كوب. ورأى أن العالم "لا يزال متأخراً في تنفيذ الهدف الرئيسي لاتفاق باريس، وهو تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة كوكب الأرض 1.5 درجة مئوية"، مشيراً إلى أنه من أجل تحقيق هذا الهدف "يجب خفض الانبعاثات العالمية بـ43 بالمئة بحلول 2030".
وأصبح الغاز الطبيعي خلال السنوات الأخيرة من أهم مصادر الطاقة المطلوبة عالميا لعدة أسباب، من بينها تزايد طلب الدول الصناعية وزيادة حجم الإنتاج الصناعي والاستهلاك المنزلي، وضعف الاعتماد على الطاقات البديلة، حيث مازال الوقود الأحفوري (النفط والغاز وكذلك الفحم) يمثل نسبة 80 بالمئة من مصادر الطاقة الأولية في العالم.
وتؤكد بعض التقديرات أن احتياطات الغاز المؤكدة في العالم تبلغ 6923 تريليون قدم مكعبة عام 2019 (نحو 207 تريليونات متر مكعب) و1.6 تريليون برميل من النفط المكافئ، وهي تعادل 52.3 مرة الاستهلاك السنوي العالمي. ويعني ذلك أن المخزونات تكفي لنحو 52 عاما عند مستويات الاستهلاك الحالية، باستثناء الاحتياطيات غير المثبتة أو التي سيتم اكتشافها.