الإمارات.. والحملات المتشنجة

لا تخلو مواقف بعض الأطراف التي تحاول الإساءة إلى دولة الإمارات من التعبير على العجز الذاتي والجماعي لتلك الأطراف وفشلها في التماهي مع المشروع الإماراتي أو حتى تفسير ما حققه من نجاح.
الثلاثاء 2025/05/13
دولة التعايش والتسامح والسلام

عادت وتيرة الحملات الدعائية المعادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، لترتفع من جديد هذه الأيام، بسبب اتساع مساحات التأثير الإماراتي إقليميا ودوليا مقابل فشل المشاريع الأيديولوجية والحزبية المتشنجة والمرتبكة وحالة اليأس والإحباط التي بلغها أصحابها من القائمين عليها والمستفيدين منها.

لكن تلك الحالات، ليس أمامها إلا أن تذهب سدى تماهيا مع مآلات مشاريع الواقفين وراءها ورهاناتهم، ممن عصفت بهم رياح التحولات الداخلية في دولهم وخارجيا على مستويات الإقليم والعالم لتثبت أنهم يتحركون خارج سياقات التاريخ، وليس أمامهم إلا الاعتراف بأن الزمن لا يعود إلى الوراء، وإن عاد ففي شكل مهزلة سرعان ما تنتهي بما ينهي مشاريعهم ويفضح مؤامراتهم وإحباط مكائدهم.

وبالنظر إلى تلك الحملات، يمكن التوقف عند ما يلي:

أولا: أن دولة الإمارات تعرف ماذا تريد وكيف تحقق أهدافها، وهي اليوم تتقدم على جميع دول المنطقة، وتنافس على المراتب الأولى عالميا، وعندما تتسابق على مؤشرات التفوق والتميز على مستوى العالم، فإنها تتسابق مع الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وأوروبا الغربية وروسيا والصين، وغالبا ما تكون ضمن العشر الأوائل، ولديها مقدراتها المالية والاقتصادية والإستراتيجية التي تجعل منها قبلة لقادة وزعماء العالم وللشركات الكبرى ولكبار المستثمرين ورجال الأعمال والعلماء والأكاديميين وأهل الفن والإبداع وللمؤمنين بالسلام والتسامح والباحثين عن الأمن والاستقرار والطامحين إلى مستقبل أفضل. وبالتالي، فإنها مشروع حضاري وثقافي واقتصادي وتنموي ناجح ومتقدم بفضل مدرسة سياسية متفوقة وعقلية إستراتيجية ثاقبة وأهداف إنسانية نبيلة.

◄ الإمارات صاحبة المشروع الوحدوي العربي الوحيد الناجح منذ أن عرفت المنطقة مفهوم الدولة الوطنية وكانت تبادر إلى تضميد الجراح وتنظيف مخلفات المشاريع المرتبكة بتحالفها مع الشعوب وإيمانها بالإنسان

ثانيا: أن أيّ مراقب محايد، لا يستطيع تقييم الوضعين الإقليمي والدولي دون أن يضع في الاعتبار الدور الإماراتي القوي والمؤثر والطموح، وقدرة الدولة العربية الخليجية على تحديد أهدافها وحاجياتها الأمنية والإستراتيجية ومصالحها الاقتصادية وامتداداتها الجيوسياسية، وهو ما يمكن قراءته واقعيا واستشرافيا من خلاله تحليل الخيارات السياسية للقيادة الإماراتية المتحركة نحو المستقبل بروح شبابية متوهجة تستنبط خصوصياتها الروحية والمعرفية والإبداعية من شباب الدولة وحيوية المجتمع. وبالتالي فإنه من الطبيعي أن تتسع الرؤية الإستراتيجية نحو آفاق أرحب بما يخدم الأمن القومي بأبعاده المختلفة سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وعسكريا.

ثالثا: أن محاولات بعض التيارات الحزبية والأيديولوجية المتشددة المساس من سمعة وصورة دولة الإمارات، تبقى مؤشرا على هزيمتها ليس في مواجهة مفتوحة مع دولة الإمارات كما يحاولون تسويق ذلك، وإنما بسبب سقوط مشاريعها العقائدية أمام اتساع تأثير المشروع الحضاري القومي العربي والروحي الإسلامي الجديد الذي تشكلت ملامحه الحالية في دولة الإمارات، انسجاما مع إرث كامل من اجتهادات وأفكار ومبادرات حركات الإصلاح في منطقتنا العربية وحركات التنوير والتأسيس الفكري والفلسفي الواقف وراء التجارب الذكية والمتقدمة للشعوب والأمم على امتداد العالم.

رابعا: لا تخلو مواقف بعض الأطراف التي تحاول الإساءة إلى دولة الإمارات، من التعبير عن العجز الذاتي والجماعي لتلك الأطراف، وفشلها في التماهي مع المشروع الإماراتي أو حتى تفسير ما حققه من نجاح وتفوق وتميز وفق معايير القراءة العقلية المتأنية. لذلك اتجهت تلك الأطراف إلى البحث عن مبررات لعجزها وفشلها بالتشكيك في مشروع الإمارات الحضاري وفي نهضتها الاقتصادية وفي تأثيرها السياسي والإستراتيجي البالغ، وذلك بمحاولة ترويج مزاعم عن وجود قوى دولية مهيمنة تقف وراء النهضة الكبرى لأهداف إمبريالية معادية للعروبة والإسلام، رغم أن أيّ متابع منصف يمكن أن يستنتج بسهولة سر الاستثناء الإماراتي، وعمق الأفكار والثوابت وصلابة الأسس التي تأسست عليها النهضة منذ أن جاءت بواكيرها الأولى على يدي الشيخ زايد في أبوظبي والشيخ راشد في دبي، عندما عمل الرجلان على الاستفادة من الإمكانيات الذاتية باستقطاب العقول المبدعة وتوظيفها في المواقع المناسبة، وتحويل البلاد إلى واحة للأمن والاستقرار، وتبنّي مفهوم العدالة والسلام وتجنب التورط في الحروب والصراعات، وتوفير ضمانات العيش الكريم للمواطن والمقيم بما يجعل من الدولة بيئة مثالية للتوافق الإنساني وللتنافس العملي على التميز والانجاز.

خامسا: لا شك أن الحملات الحزبية والأيديولوجية التي تستهدف الإمارات عبر الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي، هي بالفعل حملات ممنهجة يتم التخطيط لها ووضع خطوطها العريضة في الغرف المظلمة وتدفع تكاليفها من قبل أطراف بعينها لا تزال تعمل منذ سنوات على إرباك المشروع الإماراتي ولكن دون أن تحقق أيّا من أهدافها، ويتم الاعتماد فيها على صناعة الكذب وترويج الشائعات والتلاعب بالمعطيات والسعي إلى تضليل الرأي العام العربي والدولي بزعم مخاطبة الرأي العام الإماراتي غير المهتم أصلا بتلك الخزعبلات، والتركيز على المجتمعات الداخلية في بؤر التوتر التي تدرك قبل غيرها أن مآسيها ناتجة بالأساس عن تصرفات حكامها والأحزاب والقوى المؤدلجة داخل مجتمعاتها وليس عن دور إماراتي كما تزعم.

سادسا: أن محاولات الاستهداف الإعلامي الممنهج للإمارات، تعكس في جانبها الأبرز حالة التشنج التي باتت عليها بعض الأنظمة التي لم تخرج بعد من مناخات وطقوس الحرب الباردة، وبعض التيارات الحزبية والأيديولوجية التي جربت الحكم وتمركزت في مواقع القرار خلال عقود مضت ولكنها فشلت فشلا ذريعا وأثبتت عجزها على تحقيق طموحات شعوبها وأدخلت مجتمعاتها في سلسلة من الكوارث والمآسي والمصائب سواء باسم الإسلام وتطبيق الشريعة أو القومية ونصرة المقاومة وباسم الصمود والتصدي وغيرها من الشعارات. وقد صادف دائما أن الإمارات صاحبة المشروع الوحدوي العربي الوحيد الناجح منذ أن عرفت المنطقة مفهوم الدولة الوطنية، هي التي كانت دائما تبادر إلى تضميد الجراح وتنظيف مخلفات المشاريع المرتبكة والجماعات المتشنجة بتحالفها مع الشعوب وإيمانها بالإنسان هدفا وغاية في البدء والمنتهى وأساسا للنهضة ومنطلقا للإنجاز. فالإمارات دولة التعايش والتسامح والسلام وذلك منهجها يواليها من آمن به ويعاديها من يتعمد السير خارجه والعمل على خير أهدافه.

8