الإمارات في نجدة تونس للخروج من الوضع الصعب

أبوظبي تتعهد بمساعدة تونس في عدة ميادين وتوفير الدعم الضروري.
الأحد 2023/08/06
شراكة واعدة

تونس- حمل اللقاء الذي جمع الرئيس التونسي قيس سعيد في قصر قرطاج بوزير الدولة الإماراتي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان إشارة جديدة وأكثر وضوحا بشأن استعداد الإمارات لدعم تونس ومساعدتها على الخروج من الوضع الصعب الذي تعيشه.

وفيما أشار الرئيس سعيد بمتانة العلاقات الثنائية، أكد الشيخ شخبوط “توجيهات القيادة الإماراتية وحرصها على مواصلة مساندة تونس في عدة ميادين وتوفير الدعم الضروري لتجاوز التحديات التي تواجهها”.

ويراهن الرئيس التونسي على علاقته المتينة مع الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي لم يخف في مرات سابقة عزمه على دعم تونس، وكان آخرها لقاءه بوزير الخارجية التونسي نبيل عمار في أبوظبي، حيث أكد الشيخ محمد بن زايد بالمناسبة على متانة العلاقات التونسية – الإماراتية وعراقتها وخصوصيتها، والاستعداد التام للمزيد من تطويرها والارتقاء بها إلى مستويات أرفع من التعاون والشراكة.

وترى أوساط سياسية تونسية أن تعدد اللقاءات بين المسؤولين التونسيين والإماراتيين وتبادل الزيارات في الفترة الأخيرة يؤكدان رهان تونس على الإمارات في مساعدتها على تحصيل التمويلات التي تسعى لتوفيرها من دون المرور بصندوق النقد الدولي، الذي يعارض الرئيس سعيد شروطه القاسية ويرى أن بلاده لا تقدر على تحملها في ظل وضعها الحالي.

ويسمح تأثير الإمارات ووزنها وعلاقاتها مع التكتلات الدولية والمؤسسات المالية بفتح الباب أمام حوار تونس مع صندوق النقد والتوصل إلى اتفاق يراعي إمكانياتها ويستجيب لمخاوفها ويمنحها المدد الكافية لتحقيق الإصلاحات المطلوبة، وهو ما يظهر أن تونس ليست وحيدة وأن لها سندا، وهو ما يرسل إشارات طمأنة إلى المانحين.

وتعرف تونس أن الإمارات لن تتركها وحدها في مواجهة المشكلات المالية والاقتصادية الراهنة التي تحتاج إلى حلحلة سريعة. ومن شأن تبادل الزيارات والتشاور المستمر بين الشيخ محمد بن زايد وقيس سعيد أن يفضيا إلى نتائج إيجابية في الوقت القريب.

◙ نجاح تونس في إزالة عوامل التوتر السياسي داخليا بتحجيم دور الأحزاب والنقابات ومنح الاستقرار الاجتماعي الراهن عناصر من شأنها أن تشجع الاستثمار الخليجي

ويرى المحلل السياسي التونسي خليل الرقيق أنه ليس غريبا أن تكون الإمارات على خط الدعم الاقتصادي والمالي في ظرف تكابد فيه تونس صعوبات خاصة إزاء ملف صندوق النقد وهي تحتاج الآن إلى أصدقائها الحقيقيين لعقد اتفاقات ثنائية ومتعددة الأطراف تجنبها الخضوع للشروط والإملاءات التعجيزية.

وقال الرقيق في تصريح لـ”العرب” إن تجارب الشراكة الاستثمارية بين تونس والإمارات كانت ناجحة وذات مردودية اقتصادية مهمة قبل العشرية الماضية التي بعثرت كل الأوراق، مشيرا إلى أن تونس قد دخلت الآن مرحلة جديدة ستتغير فيها المعادلة، والأكيد أن البوادر القادمة من المشاورات بين البلدين تحمل آفاقا واعدة لتعاون مثمر.

وأضاف أن أشقاء تونس في الإمارات والسعودية ومجلس التعاون الخليجي يتفاعلون مع مطالب تونس بتفهم كامل لوضعية البلاد وبوعي راسخ بمبدأ التكامل والتضامن العربي في مواجهة متغيرات العالم المتسارعة.

ولا تحتاج تونس إلى التمويلات العاجلة فقط، فهذا عنوان ظرفي لتحركاتها، وهي تسعى لاستعادة ثقة المستثمرين الإماراتيين وإحياء المشاريع الكبرى التي توقفت بعد الثورة بسبب الفوضى التي سادت البلاد ودفعت إلى تراجع المستثمرين والأموال الإماراتية.

خليل الرقيق: تجارب الشراكة الاستثمارية بين تونس والإمارات كانت ناجحة
خليل الرقيق: تجارب الشراكة الاستثمارية بين تونس والإمارات كانت ناجحة

وفي مارس من العام الماضي، أعطت مجموعة بوخاطر إشارة قوية لعودة الاستثمارات الإماراتية إلى تونس بإعلانها عن استئناف مشروع المدينة الرياضية بالعاصمة التونسية. وتبلغ التكاليف التقديرية للمشروع الضخم خمسة مليارات دولار.

ويشمل المشروع أكاديميات رياضية وفنادق وملاعب غولف و49 فيلا كبيرة وفاخرة على مساحة تمتد على نحو 250 هكتارا شمال العاصمة التونسية. ويتوقع أن يوفر الآلاف من فرص العمل للشباب.

ويرى مراقبون أن نجاح تونس في إزالة عوامل التوتر السياسي داخليا بتحجيم دور الأحزاب والنقابات ومنح الاستقرار الاجتماعي الراهن عناصر من شأنها أن تشجع الاستثمار الإماراتي بصفة خاصة والخليجي بصفة عامة على العودة بعد أن فوّتت على نفسها في سنوات ماضية الكثير من الفرص وأعاقت الفوضى، وخاصة الخطاب العدائي للإسلاميين الذين سيطروا على الدولة ومؤسساتها، حماس الخليجيين لدعم تونس.

ويحسب للرئيس سعيد أنه نجح في تجاوز أسباب الفوضى وقطع الطريق أمام محاولات إرباك علاقات تونس الخارجية ووضعها ضمن أجندات وأحلاف في غير صالحها، وهو ما يمهد الآن للعودة الخليجية إلى تونس، ولو بشكل حذر.

وأشاد الرئيس التونسي الجمعة بعلاقات الأخوة والتعاون التاريخية القائمة بين بلده ودولة الإمارات، مؤكدا “حرص تونس الراسخ على مواصلة تعزيز هذه الروابط وتنويعها لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين”.

وأشار إلى “الأسس الثابتة لعلاقات ثنائية بين البلدين تؤسس لآفاق شراكة واعدة في عدة قطاعات بينها الطاقة المتجددة وتحلية المياه والصحة والتحول الرقمي والتربية والسياحة والبنية التحتية”، وفق بيان نشرته صفحة الرئاسة التونسية على موقع فيسبوك.

وتابع البيان “فضلا على تشجيع الاستثمارات الإماراتية في تونس في عدة مجالات، وتذليل كل الصعوبات التي قد تحول دون ذلك”.

من جهته، أكد وزير الدولة الإماراتي أن “الوفد الذي يرافقه في هذه الزيارة سيتولى التنسيق مع الجهات التونسية المعنية من أجل تحديد مشاريع مشتركة في عدة مجالات للبدء في تنفيذها في أقرب الآجال”.

1