الإمارات تقود جهود تطويع الابتكار الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي

باكو – تتسارع خطوات الإماراتيين نحو اعتماد التكنولوجيا لتطوير أساليب الزراعة من أجل بلوغ أعلى درجات الاستدامة خاصة في أوقات الجفاف لتوفير الغذاء للسكان، وهو عنوان بارز بالنسبة للبلد الخليجي خلال فعاليات قمة كوب 29 المنعقدة حاليا في باكو.
وأكدت مريم المهيري، رئيس مكتب الشؤون الدولية في ديوان الرئاسة، خلال مشاركتها في سلسلة من الفعاليات المحورية ضمن القمة أهمية الشراكات والإنجازات التكنولوجية في تحويل النظم الغذائية وتعزيز قدراتها لمواجهة تحديات تغيّر المناخ.
وبعد الإعلان عن الشراكة التي تم التوصل إليها بين الإمارات ومؤسسة بيل وميليندا غيتس، بشأن الابتكار الزراعي في القمة الماضية في دبي، سلطت المهيري الضوء على التقدم المحرز في تنفيذها.
ونظم جناح الإمارات في القمة جلسة حملت عنوان “الشراكة من أجل تحقيق منافع عامة قائمة على الذكاء الاصطناعي لـ500 مليون من صغار المزارعين” بالشراكة مع مجلس إدارة نظام المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية وبيل وميليندا غيتس.
وركزت الجلسة على كيفية زيادة الوصول إلى خدمات الإرشاد الزراعي، باعتبارها عنصرا أساسيا لتغيير حياة مئات الملايين من أسر صغار المزارعين حول العالم.
وناقشت إمكانية توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي كأداة قوية لتحسين تقديم البحوث الزراعية وخدمات الإرشاد في البلدان المعرضة للتحديات المناخية، وتوسيع فرص الوصول إليها من قبل هؤلاء المزارعين.
ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية عن المهيري قولها أثناء الجلسة “يمكن تقديم الخدمات للعاملين في الإرشاد والمزارعين بطريقة أفضل عبر الاستعانة بجيل جديد من الأدوات الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل النماذج اللغوية الكبيرة.”
وأضافت “من خلال المشروع التجريبي الجديد ‘أغري أل.أل.أم’ الذي أطلقناه مع شركائنا العالميين في كوب 29، ستتيح مجموعة فالكون للنماذج اللغوية الكبيرة مفتوحة المصدر في الإمارات معلومات دقيقة وشفافة يمكن لمزارعي العالم الوثوق بها.”
وأوضحت أن النموذج اللغوي الكبير للأغراض الزراعية سيكون في بادئ الأمر بمثابة أداة لدعم القرار للباحثين الزراعيين والعاملين المتخصصين في المجالات التنموية والإرشاد.
وتدفع هواجس تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء بشكل مستدام العديد من الدول، بما في ذلك البلدان العربية، مثل الإمارات والسعودية والبحرين والمغرب إلى مطاردة الجدوى من وراء استخدام الابتكار رغم بعض التحديات التي تواجهها في طريق تجسيد أهدافها على الأرض.
وأشار مارتين فان نيوكوب، مدير التنمية الزراعية في بيل وميليندا غيتس، في كلمته إلى أن دولة الإمارات والمؤسسة أطلقتا في قمة كوب 28 شراكة جديدة للاستثمار في الابتكار الزراعي.
وقال إن ذلك يأتي “استجابة للاحتياجات الملحّة لصغار المزارعين في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا، لتوفير أدوات وموارد أفضل لهم لمساعدتهم على مواجهة التهديدات المتصاعدة الناجمة عن تحديات التغير المناخي”.
وتشتد الحاجة في أفريقيا إلى مثل هذه الحلول لأنها الأكثر تعرضا للجوع، وفقا لتقرير جديد للأمم المتحدة جراء الصدمات المناخية، والصراعات والأزمات الاقتصادية، إذ يعاني واحد من كل 5 أشخاص (نحو 300 مليون شخص) من نقص الغذاء.
ووفق تقرير عن حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم الذي أصدرته خمس وكالات متخصصة تابعة للأمم المتحدة في يوليو الماضي، عانى نحو 733 مليون شخص من الجوع في 2023، وهو ما يعادل واحدا من بين 11 شخصا في العالم.
ويعد شحن بذور المحاصيل لتحمل الجفاف بشكل أفضل وتربية الأبقار، التي تتجشأ كميات أقل من غاز الميثان، وتتبع الماشية لمنع إزالة الغابات جزءا من الترسانة التي يحتاجها العالم لمحاربة تغير المناخ من أجل الغذاء، وهو ما يتطلب دفعة نقدية كبيرة.
وخلال كوب 28 تم التعهد بأكثر من 3 مليارات دولار لتطوير الأغذية والزراعة، ومع اقتراب قمة كوب 29 على الانتهاء لا يمكن توقع حجم التمويلات التي سيتم رصدها في هذا الاتجاه بالنظر إلى حجم التحديات وتراكم الأزمات.
وعلاوة على ذلك تعمل الحكومات والمؤسسات الخيرية والأموال الخاصة على تعزيز التمويل لمعالجة غاز الميثان في الزراعة، وإنهاء إزالة الغابات.
ويؤكد المختصون أن ضمان حدود النظام الغذائي والتكيف بشكل أفضل مع الاحتباس الحراري يعتبران أمرا أساسيا لتحقيق الأهداف الخضراء، خاصة مع ازدياد عدد سكان كوكب الأرض.
ومن المزرعة إلى المائدة، يشكل الغذاء ثلث انبعاثات الغازات الدفيئة، بينما يتعرض أيضا لتهديد متزايد بسبب ارتفاع درجات الحرارة والطقس غير المنتظم وتغير أنماط الأمطار.
وقالت المهيري خلال جلسة جانبية أدارها أمير جينا، رئيس اللجنة الفنية لمبادرة آلية التوسع في الابتكار الزراعي، إن “هناك فوائد كبيرة عند تمكين المزارعين، وتزويدهم بالمعلومات المناخية المهمة التي يحتاجون إليها لتأمين مستقبلهم بالاعتماد على التنبؤات الجوية.”
وعن هدف المبادرة، أوضحت أن الابتكار يعدّ شريان الحياة للعمل المناخي، لذا فإنه يقع في صميم هذه المبادرة ، ودولة الإمارات لديها إيمان راسخ بضرورة تعزيز المنظومة العالمية التي تدعم تطوير التقنيات الرائدة ونشرها.
وبرأيها يشمل ذلك إعادة تصميم الأنظمة الغذائية، بما يساعد في تسريع التحول والوصول إلى صافي انبعاثات صفري في المستقبل.
وأكدت التزام بلدها بحزمة الابتكار في مجال الطقس ضمن هذه المبادرة عبر إطلاق برنامج جديد للتدريب والبحث في مجال التنبؤ بالطقس يعتمد على الذكاء الاصطناعي.