الإمارات تفتح أبواب الشراكة الاقتصادية الشاملة مع اليابان

الطاقة والتجارة محورا ارتكاز لتوسيع آفاق العلاقات الثنائية.
الخميس 2024/09/19
عهد جديد من التعاون المثمر

مدت دولة الإمارات شراكاتها الاقتصادية الإستراتيجية الشاملة إلى اليابان بعد سلسلة اتفاقيات مع العديد من الدول خلال الأعوام الأخيرة، والتي تعد مفتاحا لتعظيم التبادل التجاري، وخاصة غير النفطية، وزيادة حجم الاستثمارات في البلدين على أسس مستدامة.

أبوظبي- أطلقت الإمارات الأربعاء محادثات للتوصل إلى اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع اليابان تهدف إلى فتح آفاق أوسع من التعاون التنموي لدعم الازدهار والنمو الاقتصادي المستدام، بعد فترة وجيزة من إعلانها عن شراكة تجارية مع أستراليا.

وتعمل اتفاقيات من هذا النوع على إزالة الحواجز التجارية غير الضرورية، وتحسين وصول السلع والخدمات إلى الأسواق عبر إلغاء الرسوم الجمركية أو خفضها.

وتأتي الخطوة في إطار مبادرة الشراكة الإستراتيجية الشاملة التي أطلقت خلال زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان إلى اليابان في شهر سبتمبر 2022. كما أنها تندرج في إطار إستراتيجية الإمارات بشأن توسيع شبكة شركائها التجاريين حول العالم تحت مظلة برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة الذي جرى إطلاقه قبل ثلاث سنوات.

وبالنسبة إلى الإمارات التي تتمتع بعلاقات بالغة الأهمية مع الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، تمثل آسيا محورا أساسيا في إستراتيجيتها المتعلقة باتفاقيات الشراكة الشاملة. وقال رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد إن “إطلاق المحادثات يجسد الحرص المتبادل للبلدين ورؤيتهما المشتركة للارتقاء بعلاقاتهما إلى مستويات جديدة من الشراكة التنموية”.

1.1

تريليون دولار حجم التجارة غير النفطية مستهدف الإمارات من برنامج الشراكات الشاملة

ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية عن الشيخ محمد بن زايد تأكيده أن الاتفاق يستهدف دعم جهود التنويع الاقتصادي والابتكار والاستثمار إلى جانب فتح آفاق جديدة من التعاون بما يوفر مزيداً من الفرص لمجتمعي الأعمال في البلدين.

كما شدد على أن العلاقات الإماراتية ـ اليابانية ترتكز إلى تاريخ طويل من التعاون الإستراتيجي على مختلف المستويات، معربا عن تطلعه إلى تعزيزها من خلال إطلاق البلدين محادثاتهما للتوصل إلى اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة.

وتأتي المحادثات ضمن برنامج اتفاقيات للإمارات والذي يلعب دورا محوريا في تعزيز التجارة الخارجية غير النفطية للبلد والتي بلغت قيمتها 1.4 تريليون درهم (380 مليار دولار) بالنصف الأول من 2024، وبنمو قدره 11.2 في المئة على أساس سنوي.

وشهد البرنامج منذ إطلاقه توقيع 11 اتفاقية حتى الآن مع دول ذات أهمية إستراتيجية على خارطة التجارة الدولية على المستويين الإقليمي والعالمي، من بينها ست اتفاقيات دخلت بالفعل حيز التنفيذ، أبرزها مع الهند وإندونيسيا وتركيا.

ولكن بعض شركاء الإمارات الرئيسيين مثل الصين وبريطانيا وكوريا الجنوبية يفضلون إجراء محادثات حول اتفاقية للتجارة الحرة مع دول الخليج الست التي يبلغ ناتجها الإجمالي 1.6 تريليون دولار.

واعتبر رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا عبر حسابه في منصة إكس أن إطلاق المحادثات خطوة مهمة. وقال “نأمل في أن يسهم إبرام الاتفاقية في تعزيز العلاقات الاقتصادية، بما يشمل توسيع التجارة والاستثمار وغيرها من المجالات بين البلدين”.

وأشار كيشيدا إلى أنها ستكون إضافة بالنسبة إلى بلاده مع اتفاقية التجارة الحرة مع دول الخليج العربي التي ستجري محادثاتها بالتوازي مع محادثات اليابان والإمارات. ومن المتوقع أن تستأنف اليابان ومجلس التعاون الخليجي محادثاتهما في هذا الخصوص بعد توقفها منذ العام 2009، لكن هيكاريكو أونو السكرتير الصحفي لوزارة الخارجية اليابانية قال إنه “ليس لدينا حقا أيّ عام مستهدف لإكمال المفاوضات”.

وتنطلق المحادثات الإماراتية – اليابانية من قاعدة صلبة من العلاقات التجارية المزدهرة، فالبلد الخليجي يعتبر الشريك التجاري العربي الأول لليابان من حيث الصادرات والواردات. وتشير الإحصائيات إلى أن البلد الخليجي يستقبل نحو 40 في المئة من صادرات اليابان إلى الدول العربية، بينما تعد اليابان ضمن أهم عشرة شركاء تجاريين للدولة.

وواصلت التجارة غير النفطية بين البلدين ازدهارها في النصف الأول من عام 2024 مسجلة 8.1 مليار دولار، في ما بلغت 17.3 مليار دولار بنهاية عام 2023، بزيادة 17.4 في المئة مقارنة بعام 2022.

الإمارات الشريك العربي الأول لليابان بحصة 40 في المئة من الصادرات، واليابان ضمن أهم عشرة شركاء للبلد الخليجي

ويعتبر برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة عنصرا أساسيا في خطط الإمارات الرامية إلى مضاعفة تجارتها الخارجية غير النفطية من السلع إلى 1.1 تريليون دولار، والصادرات السلعية إلى نحو 218 مليار دولار بحلول عام 2031.

وهناك منافسة متزايدة الآن بين الإمارات والسعودية، خاصة في مجال الاقتصاد، وأن الإمارات تريد أن تصبح أكثر تحررا في شروط مفاوضاتها في اتفاقيات التجارة الحرة، وتريد أن تتقدم على الجميع.

ويمكن أن يحقق التفاوض الثنائي للإمارات أولوياتها الاقتصادية والسياسية بشكل أسرع، ويقول المسؤولون إن أيّ مفاوضات تجريها في هذا المضمار تستغرق ستة أشهر على أقصى تقدير.

وخلال زيارة كيشيدا إلى أبوظبي حيث التقى فيها بالشيخ محمد بن زايد، وهي محطته الثانية في المنطقة، التي تركز على تأمين إمدادات الطاقة وتعزيز التكنولوجيا الخضراء، اتفق البلدان على التعاون في مجال التكنولوجيا وتغير المناخ.

وذكر بيان لوزارة الخارجية اليابانية الاثنين أن الشراكة ستشمل مخططا جديدا لتسريع أمن الطاقة، فضلا عن إطار عمل لدولة الإمارات للتعاون والاستثمار في اليابان في تكنولوجيا الرقائق والبطاريات.

كما تبنّى الزعيمان بيانا مشتركا بشأن العمل المناخي، والذي قال إن كليهما يظل ملتزما بهدف تحقيق صافي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050 وأقر “بدور الهيدروجين النظيف ومشتقاته بما في ذلك الأمونيا في تسريع التحول في مجال الطاقة”. وتعمل اليابان بنشاط على تطوير تقنيات الطاقة الخضراء والمتجددة وتهدف إلى أن تكون خالية من الكربون بحلول عام 2050.

وذكرت شركة أبوظبي الوطنية للبترول (أدنوك) في وقت سابق أن اليابان تستورد ما يقرب من 25 في المئة من نفطها الخام من الإمارات، مما يجعلها أكبر مستورد دولي للشركة لمنتجات النفط والغاز.

وكتب كيشيدا في مقال نشرته وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية الأحد الماضي “لقد دعمت إمدادات الطاقة الآمنة من دولة الإمارات النمو الاقتصادي لليابان لسنوات عديدة”.

ويقود وزير الاقتصاد عبدالله بن طوق المري منذ فترة جولات في العديد من الدول لاستكشاف فرص جديدة للاستثمار بقطاعات الاقتصاد الجديد والتكنولوجيا والسياحة والفضاء والأمن الغذائي وأيضا تعزيز المبادلات.

10