الإمارات تعزز التزاماتها العالمية في تنظيف النقل الجوي

مبادرات واعدة لزيادة إنتاج الوقود المستدام مع تسريع انخراط القطاع في مسار التحول الأخضر.
الثلاثاء 2023/09/26
من هذه اللحظة رحلاتنا ستكون منسجمة مع البيئة

أضفت دولة الإمارات على خطط مسح بصمتها الكربونية، التي صارت ضمن اهتماماتها، المزيد من الزخم حينما دعمت طموحاتها المستقبلية بحزمة من المبادرات التي تهدف إلى تنظيف قطاع النقل الجوي، وهو ما يعزز التزاماتها العالمية في هذا المسار المليء بالتحديات.

أبوظبي - يسعى الإماراتيون إلى تسريع خطواتهم نحو تقليص الانبعاثات الملوثة للبيئة في صناعة الطيران خلال السنوات المقبلة كإحدى الأولويات التي تتصدر أجندة بلدهم للحياد الصفري في غضون ثلاثة عقود من الآن.

وتتبنى الحكومة فعليا حلولا مبتكرة لمواجهة تحديات الطاقة والتغير المناخي وغيرهما من القضايا المتعلقة بالاستدامة، ترجمة لدورها الريادي في الاستثمار في الطاقة منخفضة الكربون، وعلى رأسها مجال إنتاج الوقود النظيف للطائرات.

كما تعمل على توسيع مجالات استخدام الطاقة المستدامة لتعزيز سياسة السماء النظيفة عبر إطلاق مبادرات ومشاريع طموحة ترمي إلى دعم مستهدفات الدولة ورؤيتها المستقبلية.

وتنخرط الدولة مع شركائها الإقليميين والعالميين والمحليين لتحقيق أهدافها بما ينسجم مع محور “الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي” ضمن حملة “استدامة وطنية” التي تم إطلاقها مؤخرا.

ويؤكد سيف السويدي، مدير عام الهيئة العامة للطيران المدني، أن بلاده تلعب دورا مؤثرا في ملف تغير المناخ بقطاع الطيران إقليميا وعالميا وخاصة ضمن منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو).

سيف السويدي: قطاع الطيران لاعب رئيسي في ملف التغير المناخي
سيف السويدي: قطاع الطيران لاعب رئيسي في ملف التغير المناخي

ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية عن السويدي قوله إن بلاده “تعتبر من أوائل الدول في المنطقة التي أدركت مبكرا أهمية التعامل مع هذا الملف الحيوي، لاسيما وأن قطاع الطيران لاعب رئيسي في ملف التغير المناخي، وركيزة من ركائز الاقتصاد”.

ووفق التقديرات، يسهم قطاع النقل الجوي بأكثر من 13 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، ومن المتوقع أن ترتفع بنسبة 170 في المئة خلال العقدين المقبلين. كما يوفر نحو 777 ألف وظيفة في السوق المحلية.

ويشدد السويدي على أن القطاع يدعم جميع الأهداف البيئية الإستراتيجية المنبثقة عن منظمة أيكاو، إذ تعكف الدولة على تهيئة البنية التحتية للنقل الجوي لتحقيق ذلك الهدف و”يعتبر الوقود المستدام على قائمة أولوياتها”.

وعلى مدار السنوات الأخيرة، كان على رأس أولويات الحكومة تقييم وتطوير السياسات المطلوبة بما يدعم التشغيل التجاري طويل المدى لمنشآت الوقود المستدام للطيران بمختلف أنحاء البلاد.

وإلى جانب ذلك، شرعت في العمل على المواءمة مع طموحات الوقود منخفض الكربون والوقود المستدام للطيران، في مسعى لتحقيق الحياد الصفري للانبعاثات.

ومن هذا المنطلق، تم تطوير خارطة طريق بالتعاون بين الجهات الحكومية المعنية وبالشراكة مع القطاع الخاص، بهدف تحويل البلد إلى مركز إقليمي مستقبلا.

كما تم وضع هدف طموح للوصول إلى طاقة إنتاج سنوية تصل إلى 700 مليون لتر من الوقود المستدام بحلول 2030، ما يجعل الإمارات تسبق جيرانها الخليجيين في هذا الجانب.

وقال السويدي إن هذا المسار “يوفر أيضا فرصا استثمارية واسعة في قطاعي الطيران والطاقة، بحدود 7 إلى 9 مليارات دولار لإنتاج المرافق والتسهيلات المطلوبة”.

ومن المرجح أن يوفر ذلك نحو 18 ألف فرصة عمل جديدة، إضافة إلى دعم عمليات البحوث والتطوير المرتبطة بتسريع تكنولوجيا الوقود المستدام في الدولة.

طيران الإمارات يحقق قفزة نوعية

ويمتلك وقود الطائرات المستدام الذي يتم إنتاجه باستخدام المواد الأولية المستدامة مثل النفايات البلدية الصلبة والهيدروجين المتجدد، القدرة على تقليل الانبعاثات الكربونية.

ويصل الانخفاض بنسبة تصل إلى 80 في المئة في المتوسط خلال الدورة الإنتاجية الكاملة، مقارنة بوقود الطائرات التقليدي، وذلك بحسب الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا).

ويشير السويدي إلى أن ملف الوقود في قطاع الطيران محور أساسي في الجهود الدولية للتعامل مع تحديات التغير المناخي، نظرا لأنه مسؤول عن نحو اثنين في المئة من انبعاثات الكربون في العالم.

وقال إنه “مع استمرار نمو الطلب على السفر الجوي، يتوقع أن يرتفع هذا الرقم خلال السنوات المقبلة”.

وتعمل شركات الطيران المحلية، في مقدمتها طيران الإمارات المملوكة لحكومة دبي والاتحاد للطيران المملوكة لحكومة أبوظبي، على إدخال ممارسات فعالة في استهلاك الوقود أثناء وجود الطائرة على الأرض.

وتسعى هذه الشركات إلى استخدام وحدات الطاقة الأرضية بدلا من وحدة الطاقة المساعدة للطائرة (أي.بي.يو) وإيقاف تشغيل محرك أو محركين أثناء تحرك الطائرة على أرض المطار بعد الهبوط.

كما تستثمر في مبادرات الطاقة البديلة، بما في ذلك تركيب الألواح الشمسية لإدارة بعض منشآتها واستخدام المركبات الكهربائية على جانبي أرض المطار.

وقدمت طيران الإمارات أكبر التزام منفرد من قبل أي ناقلة جوية بشأن الاستدامة بعدما خصصت هذا العام 200 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات، لتمويل مشاريع البحث والتطوير التي تركز على الحد من تأثير الوقود الأحفوري في الطيران التجاري.

9

مليارات دولار حجم الفرص الاستثمارية لإنتاج 700 مليون لتر سنويا من الوقود البيئي

وتركز الأنشطة البيئية للشركة طويلة الأمد على 3 مجالات وهي الحد من الانبعاثات والاستهلاك المسؤول والحفاظ على الحياة البرية والموائل.

وكانت شركة طيران الإمارات قد أكملت بنجاح في يناير الماضي أول رحلة تجريبية في واحد من محركي أحد طائرتها، التي تعمل بالوقود المستدام (أس.أي.أف) بشكل كامل وذلك بالشراكة مع عملاق تصنيع الطائرات بوينغ وجنرال إلكتريك.

ومنذ أول رحلة لها عملت بوقود مستدام في 2017، تواصل طيران الإمارات المشاركة بنشاط في سوق هذا النوع من الوقود والبحث عن فرص لاستخدامه ضمن شبكتها حيثما كان ذلك ممكنا.

وتلتزم الاتحاد للطيران بالسير على نهج الاستدامة، وهو ما أثمر تحقيق إنجازات كبيرة على أرض الواقع في 2022، حيث تمكّنت من تحقيق انخفاض بنسبة 26 في المئة من الانبعاثات الكربونية للإيرادات الكلية للطن لتصل إلى 482 غراما مقارنة بنتائج 2019.

وتعتبر الشركة أول خطوط جوية أجنبية تتلقى الوقود المستدام في اليابان، من خلال شراكتها مع آيتوشو المصنعة لوقود نيست أم.واي المستدام للطيران.

وكانت الرحلة التي تمّ تشغيلها في أواخر 2022، أول رحلة تتلقى نحو 50 ألف وحدة من وقود الطيران المستدام، ليتم خفض كمية ثاني أكسيد الكربون المنتج بحوالي 75 طنا بمزيج من 39.66 في المئة من وقود الطيران.

وكذلك حققت الشركة إنجازا بتشغيل أول رحلة تسجّل صافي انبعاثات كربون صفرية بالتعاون مع وورلد أنيرجي، وباستخدام وقود الطيران المستدام باعتماد مبدأ “حجز الوقود واستخدامه”، مع إزالة نحو 26 ألف غالون من وقود الطائرات المصنع من النفط.

10