الإمارات تستقطب أهم الفاعلين في قطاعي النشر والتأليف

عبر المبادرات والفعاليات والجوائز الأدبية وغيرها، نجحت الإمارات في أن تصبح مركزا عربيا في مجال صناعة الكتاب، ومازالت تجتذب أبرز الناشرين والمؤلفين والفاعلين الثقافيين، ما يخلق بيئة معرفية تقوم على الجودة وتؤمن بالتطوير والتجديد. وتثبت ذلك الدراسة التي أنجزها كل من مركز تريندز للبحوث والاستشارات وجمعية الناشرين الإماراتيين وقدماها في معرض الشارقة الدولي للكتاب.
الشارقة - أطلق مركز تريندز للبحوث والاستشارات وجمعية الناشرين الإماراتيين دراسة خاصة حول “تأثير جمعية الناشرين على دعم حركة النشر الثقافية في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية”، وذلك ضمن جلسة حوارية بعنوان “أثر جمعية الناشرين الإماراتيين على دعم حركة النشر الثقافية”، عقدت في قاعة الملتقى بمعرض الشارقة الدولي للكتاب 2024.
وشارك في الجلسة النقاشية التي أدارها عبدالله الخاجة، الباحث في “تريندز”، كل من راشد الكوس، المدير التنفيذي لجمعية الناشرين الإماراتيين، وسلطان ماجد العلي، نائب رئيس قطاع “تريندز – دبي”، ومدير إدارة الباروميتر العالمي.
صناعة النشر
أفاد الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، بأن قطاع النشر في دولة الإمارات أصبح رمزا للجودة والإبداع، وأحد أهم المجالات التي تسهم في تطوير الفكر والمعرفة، ووجهة للكتّاب والناشرين من مختلف أرجاء العالم، مضيفا أن ما تحقق من نجاحات كبيرة يرجع إلى الالتزام بتهيئة البيئة المناسبة للنشر، ودعم الكتّاب والمبدعين لجعل دولة الإمارات مركزا عالميا للنشر والإبداع.
وذكر أن التعاون والشراكة الفاعلة بين “تريندز” وجمعية الناشرين الإماراتيين تكللا بإصدار دراسة مهمة للغاية، تتناول تأثير جمعية الناشرين ودورها في صناعة النشر في دولة الإمارات ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما تستعرض الدراسة أهم التحديات والفرص أمام صناعة النشر.
وأشار الدكتور محمد العلي إلى أن الدراسة توصلت إلى 15 توصية مقترحة لتعزيز قطاع النشر في دولة الإمارات، ومن أبرزها: إنشاء الجهات الحكومية صندوق تمويل، لتقديم تسهيلات تمويلية للناشرين المحليين، ودعم وتشجيع التحول إلى صناعة كلٍّ من الكتاب الرقمي والإلكتروني، واستخدام التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي في صناعة النشر، إلى جانب توفير مطبعة حديثة خاصة بمواصفات عالمية وأسعار مدعومة للناشرين المحليين والأجانب، وذلك لجذب المستثمرين في هذا القطاع.
وأكد الرئيس التنفيذي لـ”تريندز” أن الدراسة أوصت أيضا بتطوير الإطار القانوني لحماية حقوق الناشرين، وحقوق الملكية الفكرية، وهنا يمكن أن تؤدي جمعية الناشرين دورا بارزا في هذا المجال، فضلا عن ضرورة عقد شراكات بين الناشرين وبعض المراكز الثقافية المرموقة في الدولة، لتوفير الترجمة الرصينة للكتب والمطبوعات إلى كل اللغات المختلفة.
وبين العلي أن هذه النتائج توضح التأثير الكبير والمهم لجمعية الناشرين الإماراتيين، بقيادة راشد الكوس، المدير التنفيذي لجمعية الناشرين الإماراتيين، على حركة النشر والثقافة في دولة الإمارات عامة، وإمارة الشارقة خاصة.
وثمّن راشد الكوس الجهود التي بذلها مركز “تريندز” لإجراء هذه الدراسة وفق أعلى المعايير وأفضل الممارسات، مشيرا إلى أهمية هذه الدراسة بوصفها أداة بحث علمية لرصد وتحليل واقع صناعة النشر في الدولة، واستشراف سُبل النهوض بها، موضحا أن إطلاقها جاء ضمن جهود الجمعية ومشاريعها الهادفة إلى تطوير القطاع وتحقيق نقلة نوعية على مستوى صناعة الكتاب في دولة الإمارات.
وأكد الكوس أن الجمعية ماضية في أداء مهمتها المتمثلة في تمكين الناشر الإماراتي تحت قيادة الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، المؤسِّسة والرئيسة الفخرية للجمعية، مثمِّنا دورها في دفع عجلة التطوير في قطاع النشر على المستويين المحلي والعالمي.
مركز إقليمي وعالمي
قال “لقد كرست الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي كل جهودها لدعم صناعة النشر، ليس على الصعيد المحلي وحسب؛ بل أيضا على المستوى الدولي، وكانت بصماتها واضحة في تطوير وتحفيز صناعة النشر في دولة الإمارات عبر المبادرات الريادية التي تواصل إطلاقها في هذا الإطار، واستنادا إلى رؤية الشيخة بدور وتوجيهاتها، ستواصل الجمعية لعب دور فاعل في مواجهة أي تحديات تواجه صناعة النشر، وتقديم حلول مشتركة من شأنها تطوير القطاع وتمكين الناشرين من تحقيق الاستدامة والازدهار في أعمالهم.”
وألمح الكوس إلى أن التقرير أبرز الاهتمام العالمي الذي استحوذت عليه دولة الإمارات في السنوات الأخيرة واستقطابها للناشرين بفضل تركيزها الاستثنائي على تنظيم معارض الكتب والجوائز الأدبية التي تطرحها باستمرار، حيث عملت هذه الجوائز كحافز للمؤلفين والناشرين، ما انعكس إيجابيا في نهاية المطاف على تطوير صناعة النشر المحلية.
◙ الإمارات نجحت في استقطاب الناشرين بفضل تركيزها الاستثنائي على تنظيم معارض الكتب والجوائز الأدبية التي تطرحها باستمرار
وأضاف “استنادا إلى جميع هذه المعطيات، مضافا إليها الموقع الإستراتيجي لدولة الإمارات والمنظومة الداعمة لريادة الأعمال والمشهد الثقافي النابض فيها، خلص التقرير إلى أن دولة الإمارات لديها كل العوامل التي تؤهلها كي تكون مركزا إقليميا وعالميا للنشر.”
وشرح الكوس أن الدراسة سلطت الضوء على الدور الذي تلعبه جمعية الناشرين الإماراتيين في تدعيم قوة قطاع النشر في دولة الإمارات عبر وضع رؤية مشتركة بين جميع أصحاب المصلحة المعنيين في القطاع، وتوفير بيئة مشجعة وجذابة للمستثمرين المحليين والدوليين في قطاعي النشر والتأليف من خلال التركيز على تعزيز الإطار القانوني في الدولة في ما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية وحماية حقوق النشر، فضلا عن توثيق التعاون بين الناشرين وتطوير مهاراتهم المهنية.
وبيّن أن الدراسة تطرّقت إلى الجهود الدولية المستمرة التي تبذلها الجمعية لتعزيز حضور الناشرين الإماراتيين عالميا من خلال المشاركة بشكل فاعل في المحافل الثقافية ومعارض الكتب الدولية، ما أسهم في فتح الآفاق الرحبة لإثراء مشهد النشر والترجمة والتوزيع في دولة الإمارات، وتعزيز حضور الثقافة والأدب الإماراتي في ساحات النشر والثقافة العالمية، فضلا عن زيادة إنتاج الكتب العربية الأكثر مبيعا في الإمارات بنسبة 11 في المئة.
وقال سلطان ماجد العلي، نائب رئيس قطاع “تريندز – دبي”، ومدير إدارة الباروميتر العالمي، إن التقرير ينقسم إلى 3 أجزاء رئيسية، يتناول الأول دور جمعية الناشرين في تطوير صناعة النشر في الإمارات، ويعرض الثاني نتائج استطلاع للرأي حول تأثير الجمعية على دعم حركة النشر الثقافية في دولة الإمارات، ويقدم الجزء الثالث عددا من التوصيات والاقتراحات اللازمة للنهوض بصناعة النشر في الدولة.
وأوضح أن إجراء استطلاع الرأي جرى بحرفية ومهنية عالية من أجل تحديد تأثير عمل جمعية الناشرين الإماراتيين وإنجازاتها على الناشرين والموزعين والكُتّاب، إضافة إلى تشكيل اتجاهها المستقبلي لخدمة احتياجات صناعة النشر، مبينا أن نتائج الاستطلاع توصلت إلى أن 81 في المئة من مالكي ومديري دور النشر في دولة الإمارات لديهم معرفة كاملة بجمعية الناشرين الإماراتيين ورسالتها.
دعم الناشرين والموزعين
ذكر سلطان ماجد العلي أن مستوى رضا مالكي ومديري دور النشر في دولة الإمارات عن المبادرات والبرامج التي تنفّذها جمعية الناشرين لتحقيق رسالتها وأهدافها بلغ 80 في المئة. وعند تقييم مدى استفادتهم من الخدمات والموارد والدعم التي تقدمها الجمعية، أظهرت النتائج أن مستوى استفادتهم قد وصل إلى 68 في المئة.
وأوضح أن 65 في المئة من مالكي ومديري دور النشر في دولة الإمارات يرون أن جمعية الناشرين الإماراتيين أسهمت في نمو وتطوير بيئة النشر، كما تبين أن أكثر من ثُلثيْ المستطلَعين بقليل (72 في المئة) يرون أن الجمعية تُمثّل بشكل فعّال مصالح الناشرين والموزعين والكُتّاب.
وأشار نائب رئيس قطاع “تريندز – دبي” إلى أنه عند سؤال مالكي ومديري دور النشر في دولة الإمارات عن المجالات والقضايا التي ينبغي لجمعية الناشرين الإماراتيين أن تركز عليها في المستقبل لتعزيز دعم الناشرين والموزعين والكُتّاب، أظهرت النتائج أن نصف المستطلَعين (49 في المئة) يرون ضرورة التركيز على تحسين التوزيع وتجارة التجزئة، بينما يرى أكثر من ربع المشاركين (28 في المئة) أهمية التركيز على تنويع وتعزيز المحتوى العربي، في حين يرى أقل من ثلثهم (18 في المئة) أن التركيز يجب أن ينصبّ على تطوير الإطار القانوني.