الإمارات تسبق جيرانها إلى ثورة تعدين الكربون

إطلاق مشروع تجريبي في الفجيرة بالاعتماد على التكنولوجيا والطاقة النظيفة.
الأربعاء 2023/01/18
ما قيمة المشروع برأيكم؟

أدخلت الإمارات الاستثمار في تعدين الكربون ضمن دائرة اهتماماتها مع إبرامها أول شراكة في المجال، مما يجعلها تسبق منافسيها بمنطقة الشرق الأوسط لتحويل الانبعاثات إلى صخور رغم البعض من التحديات التي تتطلب جهدا للتغلب عليها لتحقيق الأهداف.

أبوظبي - انضمت دولة الإمارات إلى ركب الكثير من بلدان العالم، التي تستثمر دولاراتها بكثافة في مشاريع احتجاز الانبعاثات الضارة لحماية المناخ، من خلال إطلاقها مشروعا واعدا هو الأول من نوعه في الشرق الأوسط لتعدين الكربون.

وتقود شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) هذه الجهود باعتبارها أحد أهم الكيانات الإماراتية، التي تعمل على قيادة خطط الحكومة لترسيخ أعمال منسجمة مع البيئة.

وأطلقت أدنوك الثلاثاء خلال فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة 2023 مشروعا تجريبيا قائما على التكنولوجيا يعمل على تعدين ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى صخور في إمارة الفجيرة.

ولتنفيذ المشروع الذي لم يتم الإعلان عن تكلفته التقديرية، أبرمت شركة الطاقة الإماراتية شراكة مع مؤسسة الفجيرة للموارد الطبيعية وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) وشركة 44.01 للتكنولوجيا.

وسيستخدم المشروع، المقرر أن يبدأ الشهر الجاري، تقنية شركة 44.01 لالتقاط الكربون وتعدينه بهدف إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي.

وتكمن المشكلة الرئيسية في هذه التقنية أنها تستهلك الكثير من الماء، وهو مورد موجود بكثرة في الإمارات، لكنه أصبح نادرا في باقي أنحاء العالم، فلكل طن يتم ضخه من ثاني أكسيد الكربون يتعين الاستعانة بقرابة 25 طنا من المياه المحلاة.

شريف العلماء: عقدنا العزم على اتباع نهج يركز على تنويع مزيج الطاقة
شريف العلماء: عقدنا العزم على اتباع نهج يركز على تنويع مزيج الطاقة

وأكدت صوفيا هيلديبراند رئيسة قطاع التكنولوجيا في أدنوك "أن الشركة تلتزم بإيجاد طرق جديدة لإزالة الكربون من عملياتها، مع الاستمرار بالوفاء بمسؤوليتنا في توفير الطاقة للعالم وباعتبارها أول شركة طاقة بالمنطقة تدير أول مشروع سالب الكربون".

ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية إلى هيلديبراند قولها إن "المشروع التجريبي يمثل أحدث خطوة في استثمارات أدنوك البالغة قيمتها 15 مليار دولار في مشاريع تهدف لخفض البصمة الكربونية لعملياتها للمساهمة في تحقيق هدف الحياد المناخي بحلول 2050".

وتشجع هيئات ووكالات دولية معنية بتغير المناخ على جمع ثاني أكسيد الكربون وتخزينه بغية احتواء ارتفاع معدلات درجات الحرارة وحصره عند 1.5 درجة مئوية مقارنة مع مستويات ما قبل الثورة الصناعية.

وتم اختيار الفجيرة لتنفيذ المشروع التجريبي نظرا لوفرة البريدوتيت فيها، وهو شكل من الصخور يتفاعل بشكل طبيعي مع ثاني أكسيد الكربون ويحوله إلى معدن ويضمن عدم تسربه مرة أخرى إلى الغلاف الجوي.

وسيتم من خلال هذا المشروع التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي وخلطه مع مياه البحر، ومن ثم حقنه بطريقة آمنة في التكوينات الصخرية البريدوتيتية تحت الأرض حيث سيتمعدن.

وتقوم هذه التقنية على إعادة مسرّعة لآليات مسار طبيعي قد يأخذ الآلاف من السنوات، وهو تمعدن ثاني أكسيد الكربون، أحد أكبر الغازات المسببة لمفعول الدفيئة الذي ينبعث بكميات كبيرة جراء وسائل النقل والصناعة والبراكين وغيرها.

وقال طلال حسن مؤسس شركة 44.01 إن "إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي أمر حيوي للحد من آثار وتداعيات تغير المناخ".

وأضاف "على عكس عملية تخزين ثاني أكسيد الكربون، فإن التمعدن يزيل ثاني أكسيد الكربون بشكل دائم عن طريق تحويله إلى صخور، مما يقلل على المدى الطويل من الحاجة إلى مراقبة وتأمين خزانات ثاني أكسيد الكربون تحت الأرض".

وتابع “يُمكننا هذا البرنامج التجريبي من اختبار تقنيتنا على نطاق واسع، ما يسهم في توفير حل آمن وفعال من حيث التكلفة وطبيعي للتخلص من ثاني أكسيد الكربون المحتجز عالميا".

وسيتم تشغيل المشروع بالاعتماد على مصادر الطاقة الشمسية التي توفرها مصدر، لكن الشركاء لم يكشفوا عن حجم الإنتاج السنوي من عملية تعدين الكربون أو كيفية تسويقه.

وفي وقت سابق هذا الأسبوع كشفت الإمارات عن خطط لاستثمار 160 مليار دولار إضافية في مصادر الطاقة النظيفة خلال العقد المقبل.

◙ مشكلة هذه التقنية استهلاكها الكثير من الماء، فيحتاج تحويل طن من ثاني أكسيد الكربون إلى 25 طنا من المياه

وتنسجم هذه الخطط مع إستراتيجيتها طويلة المدى للوصول إلى مستوى "صفر كربون" بحلول 2050، بعدما استثمرت على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية أكثر من 40 مليار دولار في الطاقة النظيفة.

وقال شريف العلماء وكيل وزارة الطاقة خلال الدورة الـ14 من القمة العالمية لطاقة المستقبل، التي انطلقت الاثنين في أبوظبي "كانت الإمارات في طليعة جهود تحول الطاقة في المنطقة، ونفخر بكوننا من أوائل الجهات التي صادقت على اتفاقية باريس في المنطقة".

وأضاف أن “ذلك يبرهن على التزامنا بتحقيق اقتصاد مستدام ومدعوم بمصادر طاقة منخفضة الانبعاثات الكربونية. كما عقدنا العزم على اتباع نهج يركز على تنويع مصادر الطاقة".

وستشمل هذه المشاريع تنفيذ استثمارات في الطاقة الكهربائية النظيفة والتقاط الكربون وتخزينه وزيادة الاعتماد على الكهرباء لتشغيل عملياتها وتحسين كفاءة الطاقة، وتطوير تدابير جديدة تُعزز من جهود الشركة في مجال الحد من عمليات حرق الغاز.

وقالت نوال الهنائي مديرة إدارة طاقة المستقبل بوزارة الطاقة خلال جلسة حوارية بعنوان “الاستثمار في تحول الطاقة”، إن "الإمارات قد استثمرت بالفعل 50 مليار دولار في مصادر الطاقة المتجددة في الخارج وتخطط الآن لمضاعفة هذا الرقم".

وأضافت “محطة براكة للطاقة النووية تعد حجر الأساس لبرنامج الطاقة البديلة، والتي ستنتج عندما تعمل بكامل طاقتها 5.6 غيغاواط، ما يوفر 25 في المئة من احتياجات الكهرباء في الإمارات من مصدر خال من الكربون".

وكمية إنتاج المحطة النووية توازي 21 مليون طن من انبعاثات الكربون سنويا، وهو ما يعادل إزالة 3.2 مليون سيارة من الطرقات أو 80 في المئة من السيارات على طرق الإمارات العام الماضي.

11