الإمارات ترد في مجلس الأمن على اتهامات السودان بتسليح الدعم السريع

لندن - رفضت دولة الامارات بشدة الاتهامات التي وجهها سفير السودان في مجلس الأمن بشأن تقديم أبوظبي السلاح والدعم لقوات الدعم السريع في الصراع المستمر بالسودان منذ 14 شهرا، حيث اعتبرت أنها "سخيفة وباطلة"، وهي اتهامات -وفق مراقبين- لا تستند إلى أي أدلة بل مجرد محاولات يائسة من الجيش للتغطية على الهزائم التي مني بها في أكثر من جبهة.
ووقع الصدام بين السودان والإمارات في مجلس الأمن الدولي الثلاثاء وقال سفير الإمارات لدى الأمم المتحدة محمد أبوشهاب إن سفير السودان لدى المنظمة الدولية الحارث إدريس الحارث أدلى باتهامات "سخيفة وباطلة لتشتيت الانتباه عن الانتهاكات الجسيمة التي تحدث على الأرض". وكان السفيران يجلسان بجانب بعضهما بعضا إلى طاولة مجلس الأمن.
واندلعت الحرب في أبريل من العام الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بشأن خلاف حول خطة الانتقال إلى حكم مدني.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات فيما تلوح المجاعة في الأفق وفر نحو ثمانية ملايين شخص من ديارهم.
وادّعى سفير السودان في إفادته أمام مجلس الأمن بأن الامارات تقوم بتقديم دعم عسكري لقوات الدعم دون اثبات ذلك بوقائع وأدلة واضحة قائلا "العدوان العسكري الذي تشنه ميليشيات الدعم السريع، بدعم من أسلحة الإمارات، يستهدف القرى والمدن بشكل متعمد ومنهجي".
وتنفي الإمارات مرارا تقديم الدعم العسكري لأي طرف من الطرفين المتحاربين في السودان وتشدد على ضرورة انهاء القتال ووقف معاناة المدنيين والمضي في عملية سلام.
وبدون تسمية أي دولة، أقر مجلس الأمن قرارا الأسبوع الماضي يحث الدول على "الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار" وأعاد تذكير "الدول الأعضاء التي تسهل نقل الأسلحة والمواد العسكرية إلى دارفور بالتزاماتها بالامتثال لتدابير حظر الأسلحة". وتقول الولايات المتحدة إن الطرفين المتحاربين ارتكبا جرائم حرب إضافة لجرائم ضد الإنسانية ونفذت عمليات تطهير عرقي.
والتفت سفير الإمارات إلى نظيره السوداني وقال "إذا كانوا يسعون إلى إنهاء الصراع ومعاناة المدنيين، فلماذا لا يأتون إلى محادثات جدة؟ لماذا يعرقلون وصول المساعدات؟ ماذا تنتظرون؟" مضيفا "يجب أن تتوقفوا عن المزايدات في مثل هذه المنتديات الدولية، وعليكم بدلا من ذلك تحمل مسؤولية إنهاء الصراع الذي بدأتموه".
وفي أواخر الشهر الماضي، رفض جيش السودان دعوة للعودة إلى محادثات السلام مع قوات الدعم السريع في جدة بالسعودية.
ورد سفير السودان بغضب على أبوشهاب وقال "من يريد إرساء السلام في السودان عليه أن يأتي أولا بنوايا خالصة".
وتعكس تصريحات سفير السودان موقف الفريق السياسي والعسكري في مجلس السيادة السوداني برئاسة عبدالفتاح البرهان الذي يقود منذ فترة حملة تشويه لدور دولة الإمارات الإنساني، بالتسويق على أنها دعم عسكري، في محاولة للتغطية على الهزائم التي مني بها الجيش في أكثر من منطقة سيطرت عليها قوات الدعم السريع.
ويكشف استرسال الحكومة السودانية في إلقاء التهم جزافا دون أدلة أو وقائع في وقت تتلقى دعما عسكريا من إيران التي أرسلت إلى الجيش طائرات مسيرة، عن حالة الإحباط التي باتت تسيطر على الجيش نتيجة الهزائم الميدانية المتتالية، مع اقتراب قوات الدعم السريع من السيطرة على مدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور.
وفي سياق آخر، اتهمت منظمة العفو الدولية مصر باعتقال لاجئين سودانيين بطريقة تعسفية وجماعية قبل ترحيلهم قسرا إلى السودان، حيث حضت السلطات على وقف هذه الأعمال "غير المشروعة"، وذلك في تقرير أصدرته المنظمة الحقوقية الأربعاء.
ويشهد السودان منذ أكثر من عام حربا دامية بين القوات المسلحة النظامية وقوات الدعم السريع أعقبتها أزمة إنسانية عميقة.
وأفادت المنظمة في تقريرها أن "ثلاثة آلاف شخص رُحِّلوا من مصر إلى السودان في شهر سبتمبر 2023 وحده"، استنادا إلى تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ودانت المنظمة ومقرها لندن الإبعاد القسري للاجئين السودانيين إلى "منطقة نزاع نشطة (...) دون اتباع الإجراءات الواجبة أو إتاحة أي فرصة لطلب اللجوء، ما يشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي".
وقالت سارة حشاش، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه "من المستعصي فهم الإقدام على اعتقال النساء والرجال والأطفال السودانيين جماعيا بعدما عبروا الحدود فرارا من الصراع المسلح الدائر في بلادهم (...)ثم احتجازهم تعسفيا في ظروف سيئة ولاإنسانية، وترحيلهم بصورة غير مشروعة".
وتقول الأمم المتحدة إن عشرات الآلاف من السودانيين قتلوا ونزح أكثر من تسعة ملايين منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
بالإضافة إلى ذلك، تشير المنظمة الأممية إلى فرار نحو مليوني شخص عبر الحدود، بما في ذلك نحو نصف مليون توجهوا إلى مصر.
لكن منظمة العفو الدولية تقدّر أن يكون الرقم الحقيقي أعلى، باعتبار أن الكثيرين دخلوا البلاد من خلال معابر غير نظامية إثر قرار القاهرة المفاجئ بفرض تأشيرات دخول على جميع السودانيين في يونيو الماضي.
ولفت التقرير إلى أنه على مدى عدة عقود ظلت مصر موطنا للملايين من السودانيين، وكانت النساء والفتيات والفتيان دون 16 عاما والرجال فوق سن الـ49 يعفون من شروط الدخول.
ونقلت منظمة العفو عن شهادات للاجئين سودانيين أن بعضهم اعتقل أثناء وجوده في المستشفى أو الشارع، "ما بث شعورا من الخوف في أوساط اللاجئين، وجعل الكثيرين منهم يحجمون عن مغادرة منازلهم".
ووصفت المنظمة الظروف داخل مراكز الاحتجاز بأنها "قاسية وغير إنسانية" وبعضها غير رسمي، بما في ذلك "إسطبل للخيول داخل موقع عسكري".
كما أشارت إلى "الاكتظاظ الشديد وعدم تيسر المراحيض ومرافق الصرف الصحي وقلة الطعام ورداءته والحرمان من الرعاية الصحية الكافية".
ويقول التقرير إن السلطات المصرية أعادت "ما لا يقل عن 800 محتجز سوداني قسرا خلال الفترة بين يناير ومارس 2024".
وحذرت المنظمة الحقوقية الاتحاد الأوروبي من مخاطر "التواطؤ" في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات المصرية، ففي أكتوبر 2022، وقع التكتل ومصر اتفاقا للتعاون تبلغ قيمته 80 مليون يورو ويشمل بناء قدرات قوات حرس الحدود المصرية لمكافحة الهجرة غير النظامية والاتجار بالبشر عبر الحدود المصرية.
وقالت حشاش "من خلال التعاون مع مصر في مجال الهجرة بدون ضمانات صارمة لحماية حقوق الإنسان، يخاطر الاتحاد الأوروبي بالتواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها مصر".
وأضافت "يجب على الاتحاد الأوروبي الضغط على السلطات المصرية لحملها على اتخاذ تدابير ملموسة لحماية اللاجئين والمهاجرين".
ولا تسمح مصر بإنشاء مخيمات للاجئين من قبل الأمم المتحدة أو غيرها من منظمات الإغاثة، بحجة أن اللاجئين وطالبي اللجوء لا يُحرمون من حق البحث عن عمل والسفر بحرية في البلاد.