الإمارات تتوسع في استثمارات الطاقة النووية عالميا

أبوظبي - تسعى دولة الإمارات من خلال مؤسسة الطاقة النووية (إي.أن.إي.سي)، الشركة الحكومية للطاقة الذرية في إمارة أبوظبي، إلى التوسع عالميا بعد إكمالها أول محطة نووية في منطقة الخليج العربي العام الماضي.
وكشف الرئيس التنفيذي للمؤسسة، محمد الحمادي، في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ، أن المؤسسة تجري محادثات لتطوير مشاريع في الخارج. ولم يحدد ما إذا كانت ستستثمر في حقوق الملكية، بعد مطالبة شركاء محتملين بذلك، أو ستكتفي بلعب دور المقاول.
وبدأت الإمارات تشغيل آخر مفاعل محطة براكة للطاقة النووية في سبتمبر الماضي، وكانت أول بلد خليجي يتعهد بخفض الانبعاثات الكربونية إلى الصفر بحلول عام 2050.
وهذا الهدف يعتبر تحديا كبيرا لدولة تعتمد بشكل كبير على تصدير النفط والغاز، وتعد من بين أعلى الدول في معدلات الانبعاثات للفرد عالميا، رغم جهودها للتنويع.
وفتح تشغيل المحطة بطاقتها القصوى في سبتمبر 2024، الباب لتنفيذ خطوتها التالية والمتمثلة في دعم إنتاج الكهرباء من هذا المصدر النظيف، ببناء محطة ثانية كانت قد تحدثت عنها قبل فترة، لتكرس انفرادها العربي بمثل هذه النوعية من المشاريع.
ويتصف المشروع الذي استغرق إنجازه نحو 10 سنوات بأنه أحد أنجح استثمارات القطاع في العقود الثلاثة الأخيرة، باعتباره نموذجا عالميا في إدارتها، كما يعد مرجعا للدول التي تسعى لتطوير مشاريع طاقة سلمية.
وساهم المشروع الذي كلف قرابة 24.4 مليار دولار وشيدته شركة كيبكو الكورية الجنوبية في تطوير قطاع متقدم في الإمارات، وتعزيز الدراسات في العلوم النووية.
وترجّح وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الطلب العالمي على الكهرباء بمعدل أسرع على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وبما يصل إلى نحو 3.4 في المئة سنويا حتى 2026.
وتمثل الطاقة النووية نحو 10 في المئة من إجمالي الكهرباء المولدة عالميا، كما أنها ثاني أكبر مصدر للكهرباء منخفضة الانبعاثات بعد الطاقة الكهرومائية.
ولفت الحمادي أثناء المقابلة الأربعاء الماضي إلى أن الطلب العالمي على الطاقة النووية سيرتفع مع تسارع نمو الذكاء الاصطناعي. وقال إن “الولايات المتحدة، كونها أكبر سوق للذكاء الاصطناعي، تمثل أكبر فرصة لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية.”
وأوضح أن المؤسسة الإماراتية مهتمة بالعمل في مناطق أخرى، وتقديم المشورة بشأن المشاريع النووية عبر ذراعها الاستشارية.
وقال “مهتمون بأوروبا والولايات المتحدة والجنوب العالمي. فإذا نظرنا إلى دول مثل الفلبين، نجد أن متوسط كلفة الكهرباء تبلغ 20 سنتا لكل كيلوواط في الساعة. وبالنسبة إليّ، هذه فرصة كبيرة.”
وتضم محطة براكة أربعة مفاعلات بقدرة 5.6 غيغاواط، وتولد حوالي 60 في المئة من احتياجات الكهرباء في أبوظبي.
وباتت براكة أكبر مساهم في خفض البصمة الكربونية في الدولة والمنطقة العربية، إذ تحد من 22.4 مليون طن من الانبعاثات سنويا، وهو ما يعادل إزالة 4.6 مليون سيارة سنويا.
كما أن المحطة توفر عوائد اقتصادية، حيث انخفض استهلاك الغاز لإنتاج الكهرباء في أبوظبي إلى أدنى مستوى منذ 13 عاما، رغم الطلب المتزايد.
وأكد الحمادي أن الموقع يمكن أن يتضاعف حجمه باستخدام جزء كبير من البنية التحتية الحالية، لكن لم تحصل المؤسسة بعد على الموافقة من دائرة الطاقة في أبوظبي للتوسعة.
وتدعم المحطة شركات مثل أدنوك وحديد الإمارات أركان والإمارات العالمية للألمنيوم من خلال تمكينها لتصنيع منتجات تم إنتاجها بالطاقة النظيفة ويمكن بيعها بأسعار تنافسية للشركات التي تتخذ من أبوظبي مقرا لها.
10
في المئة نسبة الكهرباء من الطاقة النووية في المزيج العالمي، وفق وكالة الطاقة الدولية
ولدى دولة الإمارات نهج واضح في تنويع مصادر الطاقة، حيث تمتلك العديد من مشاريع الطاقة النظيفة الضخمة، خاصة محطة محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، والتي تُعد أكبر مجمع للطاقة الشمسية في موقع واحد على مستوى العالم.
وكذلك تم إنشاء محطة الظفرة للطاقة الشمسية، التي بدأت في العمل خلال نوفمبر 2023 بقدرة اثنين غيغاواط، فضلا عن إنشاء محطة العجبان بقدرة 1.5 غيغاواط.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة في دراسة نشرتها الخميس، أن الطاقة النووية ستعود على الساحة العالمية في ظل ارتفاع الطلب على الكهرباء.
وجاء في الدراسة أن الاهتمام بالطاقة النووية أصبح أكبر مما كان عليه منذ أزمة النفط في سبعينات القرن الماضي، حيث تسعى أكثر من 40 دولة لتوسيع نطاق الطاقة النووية.
وأوضحت أن زيادة الطلب على الكهرباء لا تأتي فقط من القطاعات التقليدية مثل الصناعة، ولكن من مجالات جديدة مثل السيارات الكهربائية ومراكز البيانات ومن أجل تشغيل الذكاء الاصطناعي.
ووفقا للوكالة، فإن توليد الكهرباء من الأسطول العالمي المؤلف من نحو 420 مفاعلا سيصل إلى ذروة جديدة هذا العام.
وقال فاتح بيرول المدير التنفيذي للوكالة "من الواضح اليوم أن العودة القوية للطاقة النووية، التي توقعتها الوكالة منذ عدة أعوام، تسير على قدم وساق، حيث من المتوقع أن تولد الطاقة النووية مستوى قياسيا من الكهرباء خلال عام 2025."
وأضاف "وعلاوة على ذلك، فإنه يتم بناء أكثر من 70 غيغاواط من الطاقة النووية الجديدة عالميا، وهو أحد أعلى المستويات خلال الثلاثين عاما الماضية، كما أن أكثر من 40 دولة في أنحاء العالم لديها خطط لتعزيز دور الطاقة النووية في أنظمتها للطاقة."