الإمارات تتحرك لمعالجة الأزمة الإنسانية في السودان رغم اتهامات البرهان

أديس أبابا/ الخرطوم - أعادت دولة الإمارات العربية المتحدة تسليط الضوء على أزمة وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المتضررين من الحرب في السودان، عبر مؤتمر إنساني نظمته في أديس أبابا الجمعة، على هامش اجتماعات للاتحاد الأفريقي بحثت التطورات في السودان وإمكانية الدعوة إلى حوار شامل.
ودعت الإمارات أطراف النزاع إلى هدنة إنسانية خلال شهر رمضان، مؤكدة التزامها المستمر بدعم السودان وأهمية الجهود الجماعية لمعالجة الأزمة المحتدمة.
وشارك في المؤتمر وزير الدولة في الخارجية الإماراتية الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، والرئيس الكيني ويليام روتو، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، والسكرتير العام للهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) ورقني قبيهو، وتضمن المؤتمر دعوات لضرورة وقف إطلاق النار، وتدشين عملية سياسية شاملة تشارك فيها كافة مكونات الشعب السوداني.
ودعا رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الأطراف المتصارعة إلى وقف فوري للحرب دون شروط، والجلوس للتفاوض من خلال عملية سلمية سودانية شاملة، مشيرا إلى أن المفوضية ستعقد جلسة لمجلس السلم والأمن حول السودان، دون أن يحدد تاريخها.
وتعالت الإمارات على الاتهامات المتكررة لها من جانب الجيش السوداني، وأكدت جهودها الإنسانية على أنها تنفتح على جميع الأطراف، وتبحث عن سبل للوصول إلى حل حقيقي للأزمة السودانية التي تصل تداعياتها إلى المحيط الإقليمي، إذ أن الحديث عن إنفاذ توصيل المساعدات لا يتطرق إلى مناطق معينة وإنما يشمل مختلف المتضررين، كما أن ذلك اقترن بمبادرات سياسية توفر وقفا للحرب وإنهاء النزاع القائم.
وأكدت الإمارات أن للشعب السوداني حقوقا أساسية يجب الحفاظ عليها، بما في ذلك الأمن والغذاء والرعاية الصحية والمياه النظيفة والمأوى، مشددة على ضرورة عدم تسييس المساعدات الإنسانية أو عرقلتها بآليات بيروقراطية.
وجددت دعوتها جميع أطراف الصراع إلى ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومن دون عوائق في جميع أنحاء السودان، وحماية عمال الإغاثة والمرافق الإنسانية، ووقف الهجمات على العمليات الإغاثية وفضح أي طرف يعيقها.
وأعلنت أبوظبي خلال المؤتمر عن تمويل إضافي بقيمة 200 مليون دولار لدعم الجهود الإنسانية في السودان، ليصل إجمالي الدعم الإماراتي منذ أبريل 2023 إلى أكثر من 600 مليون دولار وخلال عشر سنوات إلى 3.7 مليار دولار.
وقال الخبير السوداني الدولي في العمل الإنساني صلاح الأمين إن مؤتمر أديس أبابا يرمي إلى إيجاد حلول إنسانية، وتضمّن صبغة سياسية أيضا، لأن أغلب من تواجدوا في المؤتمر كانوا ممثلين سياسيين من الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي أو من دولة الإمارات، وتحالف “صمود” الذي تشكل أخيرا، ما يعد مقدمة مهمة لتوصيل ما جرى التوافق عليه إلى منظمات العمل الإنساني وتسهيل مهمة وصول المساعدات إلى المتضررين على الأرض.
◙ الإمارات تعلن عن تمويل إضافي بقيمة 200 مليون دولار لدعم الجهود الإنسانية ليصل دعمها إلى 3.7 مليار دولار
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن الأيام المقبلة بحاجة إلى انعقاد ورشة عمل تشارك فيها منظمات إنسانية تترجم ما تقدمت به دولة الإمارات من خطط إنسانية ومساعدات يمكن تنفيذها كي تقوم بتوصيلها من خلال ممثليها الذين يعملون على الأرض، وضرورة الضغط السياسي على حكومة السودان لتوافق على دخول المساعدات دون عراقيل، مع توقع موافقة قوات الدعم السريع.
وأشار إلى أن أبوظبي تقدم الجزء الأكبر من المساعدات الإنسانية الواردة إلى السودان وجهودها لم تقتصر على ما قامت به بعد الحرب، وإنما تشمل أيضا الفترة التي سبقت اندلاعها، وأن تركيز جهودها على الجانب الإنساني يحقق فوائد مهمة للسودانيين.
وارتفعت قيمة المساهمات الكلية المقدمة من دولة الإمارات إلى السودان خلال الأعوام العشرة الماضية إلى ما يزيد عن 3.7 مليار دولار، وشملت المساعدات الإماراتية للسودانيين في الداخل ومناطق النزوح منذ بدء الحرب مختلف القطاعات الإنسانية والزراعية والصحية والغذائية والتنموية.
وشدد صلاح الأمين في حديثه لـ”العرب” على أن جهود الإمارات لوقف الحرب تشكك في مصداقية مزاعم الجيش حول انحيازها لقوات الدعم السريع، وأن الجانب الإنساني مدخل مهم لتجاوز أي خلاف سياسي، خاصة أن العلاقة بين السودان والإمارات لم تنقطع، وهناك خطوط تواصل على مستويات مختلفة.
ولفت إلى أن الجيش السوداني يمكن أن يقبل بهدنة في شهر رمضان إذا استطاع تحرير كافة المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في الخرطوم وأجزاء من مناطق النيل الأبيض، ويظل تواجد الدعم السريع في غرب كردفان وعدد من ولايات دارفور، وفي تلك الحالة يمكن القبول بهدنة قبل التجهيز لفصل آخر من الصراع، مشيرا إلى أن السودان يحتاج إلى تكرار عملية شريان الحياة التي استمرت 15 عاما في بداية تسعينات القرن الماضي لإغاثة أهالي الجنوب.
وأكدت وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي ريم الهاشمي التزام بلادها بتقديم الدعم الإنساني للشعب السوداني، ووجوب إدخال المساعدات للسودان الذي يواجه أزمة إنسانية غير مسبوقة.
وذكرت نفيسة حجر، نائب رئيس هيئة محامي دارفور، أن المؤتمر الذي نظمته دولة الإمارات في إثيوبيا حظي بأهمية كبيرة، انعكاسا لهوية الأطراف التي شاركت فيه على مستوى دول القارة الأفريقية والسياسيين السودانيين، وأن تواجد طرفي الصراع (الجيش والدعم السريع) كان سيدفع إلى تسهيل توصيل ما أعلنت عنه الإمارات من مساعدات، وفي حال لم يقتنع الطرفان بأهمية إيصال المساعدات فإن ذلك سيصبح عاملاً سلبيا يعيق تنفيذ ما جاء في المؤتمر من تعهدات.
وأوضحت لـ”العرب” أن الخطوات المقبلة يجب أن تسير في إطار دفع طرفي الصراع إلى الجلوس مجددا على مائدة حوار يقود إلى وقف الحرب وإيجاد مناطق آمنة يتم من خلالها إيصال المساعدات، في ظل التضييق الكبير الذي تواجهه منظمات المجتمع المدني التي لم تتمكن من الحركة بحرية بسبب اشتعال الحرب في مناطق مختلفة مع تكثيف استخدام سلاح الطيران.
وأكدت أن إقليم دارفور هو الأكثر حاجة إلى إدخال المساعدات الإنسانية، وجزء كبير من كردفان، وبعض المناطق التي تقع تحت سيطرة الجيش في الشرق مع استمرار تواجد مئات الآلاف من السودانيين داخل مدارس غير مهيأة لاستقبالهم.
وأوشكت الحرب في السودان بين الجيش والدعم السريع على دخول عامها الثاني وأدت إلى كارثة إنسانية هائلة مع مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص فيما الملايين على حافة المجاعة.