الإكراهات الاجتماعية تنغص صفو الانتخابات الرئاسية الجزائرية

فشل الحكومة في اختبارات ماء الشرب وكبش العيد يربك حسابات السلطة.
الأحد 2024/06/23
فترة ثقيلة على حسابات السلطة

الجزائر- تواصل لجنة الإشراف وتنظيم الانتخابات سهرها على توفير الشروط اللازمة للراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة بعد أقل من ثلاثة أشهر، وفي المقابل تزحف الإكراهات الاجتماعية بشكل مفاجئ ومنغص لانخراط الجزائريين في الشأن السياسي، فقد شكل تزامن تجدد الاحتجاجات في محافظة تيارت بسبب التزويد بمياه الشرب، مع موجة غلاء فاحش وغير مسبوق حرم آلاف العائلات من اقتناء أضحية العيد، إنذارا مبكرا للسلطة الباحثة عن استقرار اجتماعي ومرور سلس للموعد الانتخابي.

وعاد ملف تزويد السكان بماء الشرب إلى أروقة الحكومة الجزائرية، فبعد طرحه في مجلس الوزراء منذ عدة أسابيع، تناول اجتماع الحكومة الخميس مسألة تعزيز تزويد السكان بالمادة الحيوية في فصل صيف يرجح أن يكون معقدا قياسا بالإكراهات الاجتماعية والاقتصادية التي تزحف بقوة على الجبهة الاجتماعية.

ويبدو أن حكومة نذير العرباوي تحث الخطى لاستباق تداعيات وتأثير الألغام الاجتماعية المفاجئة على أكبر استحقاقات السلطة، وتريد تسخير الإمكانيات المتاحة لضمان استقرار يكفل مرورا هادئا للانتخابات الرئاسية المقررة بعد أقل من ثلاثة أشهر، وأنها لا تريد تكرار سيناريو الاحتجاجات المتجددة في محافظة تيارت بغرب البلاد، بسبب أزمة التزويد بماء الشرب، ولا الإحباط الذي أصاب الآلاف من العائلات نظرا لعدم قدرتها على اقتناء أضحية العيد، بسبب الغلاء الفاحش الذي زحف على سوق المواشي.

وجاء في بيان لرئاسة الوزراء أن “اجتماع الحكومة خصص لاستعراض مختلف التدابير المتخذة تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية المتعلقة بتعزيز التزويد بالمياه الصالحة للشرب ومدى تنفيذ البرنامج الخاص الذي أمر به للتخفيف من وطأة نقص ماء الشرب، وتطوير قدرات إنتاج المياه ضمن مشروع طموح يهدف إلى الاستجابة بشكل مستدام لاحتياجات المواطنين ومواجهة الشح المائي الناجم عن الجفاف والتغير المناخي”.

وكانت احتجاجات اجتماعية قد تجددت خلال أيام عيد الأضحى في عدة مناطق من محافظة تيارت، بسبب عدم حل مشكل انقطاع مياه الشرب رغم وعود الحكومة بالقضاء على الأزمة قبل العيد بطلب من الرئيس عبدالمجيد تبون.

وأمام تعتيم إعلامي محلي على الأحداث، فإن مدونين وناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي تحدثوا عن “تجدّد الاحتجاجات وغلق الطرق في عدة بلدات ومدن بمحافظة تيارت، بسبب عدم التزام المسؤولين المعنيين بتعهداتهم لتوفير ماء الشرب قبل حلول العيد”.

محمد شرفي: تم اتخاذ كافة التدابير التنظيمية اللازمة والاستجابة بشكل فوري لطلبات الراغبين في الترشح وممثليهم
محمد شرفي: تم اتخاذ كافة التدابير التنظيمية اللازمة والاستجابة بشكل فوري لطلبات الراغبين في الترشح وممثليهم

وكان وزيرا الداخلية والري والموارد المائية، ووالي الولاية، قد وعدا سكان المحافظة عند اندلاع الاحتجاجات السابقة، حيث كشفا عن تخصيص برنامج استثنائي سيتم تنفيذه قبل حلول العيد، وذلك تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، في اجتماع مجلس الوزراء، غير أن الوعود لم تتحقق بحسب تقارير محلية.

ويبدو أن السلطة الباحثة عن تحقيق صيف هادئ من أجل تهيئة الشارع للانخراط في الانتخابات الرئاسية القادمة، قد اصطدمت بنيران صديقة ولذلك يجري الحديث عن تعديل حكومي وتغييرات على رأس عدة مؤسسات لامتصاص غضب السكان، خاصة وأن الفشل في اختبار تيارت، سيضاف إلى غضب صامت سببته موجة الغلاء الفاحش الذي طال أسواق المواشي والخضار، وهو ما لا تريده الآن قياسا بتأثيراته على انخراط الشارع في الاستحقاق الانتخابي والقبول بمرشحها.

ويذكر شهود عيان أنه لم يحدث في الجزائر أن امتنعت الآلاف من العائلات عن الأضحية، حيث بدا أن الغلاء أثر على موازناتها لدرجة عدم القدرة على اقتناء الأضحية التي تراوح سعرها بين 600 وأكثر من 1500 دولار، وأثير جدل صاخب في البلاد توجهت فيه أصابع الاتهام إلى الحكومة بالفشل في اختبار “كبش العيد”، وترك مواطنيها للوبيات وشبكات السوق.

ولا زالت السلطة تتريث في الكشف عن مرشحها، ولو أن كل المؤشرات تشير إلى الرئيس الحالي، وأن الرجل الذي بدا أنه يهوى لعبة التشويق السياسي، يريد تحقيق نتيجة مبكرة أمام منافسيه، حيث ينتظر أن يعلن عن نيته خلال زيارة مرتقبة له إلى ولاية تيزي وزو خلال الأيام القليلة القادمة، في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية مسبقة، أبرزها اختراق السلطة لمنطقة القبائل، وإنهاء حالة القطيعة بين الطرفين.

ويبدو أن أشهر الصيف ستكون ثقيلة على حسابات السلطة، نظرا للاحتياجات الاجتماعية المطروحة، خاصة في ما يتعلق بالتزويد بماء الشرب والطاقة الكهربائية والحرائق، فضلا على موجة الغلاء، خاصة وأن موعد الانتخابات يتزامن مع الدخول المدرسي الذي يعد هو الآخر عبئا ثقيلا على العائلات.

وفي المقابل كشف رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي عن تسجيل 14 راغبا في الترشح للانتخابات الرئاسية، فقد تقدم هؤلاء أو من ينوب عنهم لدى الهيئة لسحب قرابة مليون نسخة من استمارات التزكية.

وصرح لوسائل إعلام محلية أنه “تم اتخاذ كافة التدابير التنظيمية اللازمة والاستجابة بشكل فوري لطلبات الراغبين في الترشح وممثليهم، حيث تم تزويد الاستمارات برقم تسلسلي وتسجيلها على مستوى السلطة المستقلة باسم الشخص الراغب في الترشح منعا لكل محاولة تزوير، كما تخضع هذه الاستمارات إلى متابعة يومية بفضل تطبيق معلوماتي”.

ولفت إلى أن النصوص الناظمة تقضي بتقدم الراغبين لخوض غمار الموعد الانتخابي بعد 40 يوما من تاريخ الإعلان عن توقيع رئيس الجمهورية لمرسوم استدعاء الهيئة الانتخابية، إلى الهيئة لإيداع ملف الترشيح، على أن تفصل السلطة المستقلة في صحة الترشيحات لرئاسة الجمهورية بقرار معلل تعليلا قانونيا في أجل أقصاه سبعة أيام من تاريخ إيداع الملف.

1