"الإفطار الأخير" فيلم عن عوالم إنسانية عميقة

رؤية سينمائية لجانب مخفي عن الحرب تجوب صالات العرض.
الجمعة 2022/05/27
إفطار على وقع الحرب والقنابل

تحظى أفلام المخرج السوري عبداللطيف عبدالحميد بإشادة وانتقادات واسعة، فهو وإن كان واحدا ممن عايشوا الحرب السورية إلا أنه لا ينقلها مجردة من كل ما هو إنساني وإنما يوجه كاميرته من الخاص إلى العام ليكشف للمشاهد تأثير الحروب على العلاقات الإنسانية والعائلية.

دمشق - يُعرض الفيلم السوري المثير للجدل “الإفطار الأخير” للمخرج عبداللطيف عبدالحميد ضمن جولة وطنية ستجعله متاحا للجمهور في قاعات السينما السورية.

لم تكن عروض الفيلم خارج المهرجانات السينمائية متاحة في السابق، ورغم ذلك تسببت لقطة واحدة من العمل روّجت ضمن الفيديو الدعائي للفيلم، في أن تسلّط على المخرج والممثلين المشاركين في العمل سهام النقد والاستنكار.

ويقدم الفيلم الذي نال جائزة أفضل سيناريو في مهرجان الإسكندرية السينمائي بدورته السابعة والثلاثين عوالم إنسانية عميقة حول فقد الأشخاص والأماكن بسبب الحرب لتلعب الذاكرة لعبتها في استحضار من غاب وتعيده إلى الحياة بطريقة لا تخلو من أجواء سحرية.

فيلم "الإفطار الأخير" ابتعد عن معالجة حضور الحرب كحدث أساسي فيه وركز على قصة الحب التي تنتهي بشكل مأساوي

وعن الفيلم قال مؤلفه ومخرجه عبدالحميد “الحروب لا تنتهي مع إعلانات وقف إطلاق النار، فإن إبداع معادلها الفني يستمر لزمن طويل فالحرب سهل أن تبدأها، صعب أن تنهيها، مستحيل أن تنساها”.

وأشار إلى أنه في هذا الفيلم نعثر مرة أخرى على حكاية الحب في الحرب وربما الجملة التالية تعطينا مفتاح الانتباه إلى قصته “أسوأ أنواع الرحيل من رحل عنك ولم يرحل منك”.

ويتابع “أحاول في الفيلم البحث عن قصة حب في زمن الحرب، هذه القصص صامدة وباقية، في الحرب نفقد أشخاصا يحيطون بنا، فيرحلون عنا، ولكنهم لا يرحلون منا، لأن الذاكرة والحب الذي نحمله لهم لا يمكن إلاّ أن يبقيهم في وجداننا أشخاصا حقيقيين وفاعلين، هؤلاء هم الطاقة التي تحفز بنا الرغبة بالبقاء وتقديم المزيد من العمل والجهد والإبداع، لكي نستمر في كتابة ما يمكننا كتابته”.

ويذكر أن الفيلم إنتاج المؤسسة العامة للسينما 2019 وهو من بطولة عبدالمنعم عمايري وكندة حنا وكرم الشعراني وراما عيسى ويوسف مقبل وبيدروس برصوميان ومحمد خاوندي وماجد عيسى.

وتدور أحداث الفيلم حول إفطار أخير جمع الزوجين سامي ورندة (عمايري وحنا)، وشعرت الزوجة أنه الأخير لهما لكثرة القذائف التي أطلقت في ذلك اليوم. وبسبب ذلك، حاولت رندة إظهار التقرّب من زوجها فقررت تقديم أصناف شهية من الطعام واستغلال المساحة الحميمية بينهما قبل وقوع إحدى القنابل عليهما.

وأثار “الإفطار الأخير” منذ الترويج إليه حالة من الجدل الواسع بين الجمهور السوري الذي رأى في تقبيل الزوج لزوجته في الفيلم مشهدا مرفوضا ولا محلّ له من القصة الفيلمية.

وابتعد الفيلم بشكل واضح عن حضور الحرب كحدث أساسي فيه وركّز على قصة الحب التي تنتهي بشكل مأساوي، وظهور نجمين فنيين شهيرين في الدراما السورية.

نظرة مختلفة للفن السابع
نظرة مختلفة للفن السابع

ويعتبر المخرج السوري عبدالحميد من أهم المخرجين في مجال الفن السابع على مستوى الوطن العربي.

وهو من مواليد عام 1954، قام بإخراج ثمانية أفلام سينمائية سورية وهو كاتب سيناريوهاتها جميعا.

وعمل عبدالحميد ممثلا وموسيقيا ومخرجا ومغنيا في المسرح الطلابي ومسرح المركز الثقافي. درس الأدب العربي بجامعة “تشرين” قبل أن يوفد إلى موسكو في عام 1981 وتخرّج من المعهد العالي للسينما في موسكو.

وفي معهد السينما أنجز 3 أفلام هي “تصبحون على خير”، “درس قديم”، “رأسا على عقب”، وهو حاصل على عدة جوائز منها عن أفلامه “درس قديم” و“ليالي ابن آوى” و“رسائل شفهية” و“صعود المطر” و“نسيم الروح” و“قمران وزيتونة” و“ما يطلبه المستمعون”.

وفي فيلم “الإفطار الأخير” يتابع المخرج نسقا فنيا سبق له تقديمه من خلال عدة محاولات سينمائية قدم فيها سينما بسيطة وعميقة معا منذ فيلميه الشهيرين “ليالي ابن آوى” و”رسائل شفهية”.

وشارك عبدالحميد في فيلمه، كواحد من الممثلين، في دور أبويوسف الرجل المسن الذي عانى من فقدان زوجته كما هو حال سامي، ويقدّم له النصائح لكي يتجاوز محنته. وسبق لعبدالحميد أن ظهر كممثل تحت إدارة مخرجين سينمائيين سوريين على غرار أسامة محمد في “نجوم النهار” وجود سعيد في “صديقي الأخير” وأيمن زيدان في “أمينة”، كما ظهر في أدوار قصيرة في بعض أفلامه.

البيوت أولى ضحايا الحرب
البيوت أولى ضحايا الحرب

وتحظى أفلام المخرج بإقبال الجمهور وبجوائز المهرجانات لما اتسمت به أعماله من البساطة والعفوية ومقاربة حكايات الناس البسطاء بتفاصيلها المغرقة. ويتميز عبدالحميد الذي أنتجت معظم أفلامه المؤسسة العامة للسينما بقدرته على الدمج بين الكوميديا والتراجيديا في آن معا وكانت البيئة الريفية البسيطة هي السمة الأساسية لمعظم أعماله ورغم انتقاله لاحقا إلى المدينة ظل يبحث عن وجوه ريفية لأفلامه.

ولم تطفئ نيران الحرب السورية المستمرة منذ أكثر من عقد جذوة الإبداع عند عبدالحميد فكتب وأخرج العديد من الأفلام التي صورت الحرب بصورة متعددة تطرق في بعضها إلى تأثيراتها السلبية على المجتمع السوري بشكل عام والأسرة بشكل خاص من فيلم “أنا وأبي وأمي وأنت” و“طريق النحل” عام 2017 و”عزف منفرد” عام 2018.

أما برنامج عرض الفيلم في صالات سينما الكندي في دمشق والمحافظات: الجمعة الساعة الرابعة في كندي دمر والسادسة في كندي دمشق أما كندي اللاذقية فيوم السابع والعشرين من الشهر الحالي عند الساعة السادسة والنصف، وفي كندي طرطوس يوم الثامن والعشرين عند الساعة الخامسة وفي محافظة حلب المركز الثقافي بحلب “العزيزية” يوم التاسع والعشرين من الشهر الحالي وجمهور مدينة جبلة على موعد مع الفيلم بالمركز الثقافي في جبلة والمركز الثقافي عين البيضا في الثلاثين من مايو الحالي.وفي حمص سيعرض الفيلم بدار الثقافة بحمص في الأول من شهر يونيو المقبل وفي محافظة السويداء سيعرض في المراكز الثقافية في السويداء صلخد/شهبا في الرابع من يونيو، أما جمهور محافظة دير الزور فموعده مع العرض بالمركز الثقافي في دير الزور في الخامس من يونيو. وفي محافظة الحسكة المركز الثقافي بالحسكة والمركز الثقافي بالقامشلي في السادس من يونيو المقبل.

15