الإفراج عن رئيس الوزراء الكويتي السابق مع تقدم الحوار بين الحكومة والمعارضة

الكويت - تزامن إصدار محكمة كويتية قرارا بالإفراج عن رئيس مجلس الوزراء الكويتي السابق الشيخ جابر المبارك الصباح بكفالة مالية مع تعبير رئيس البرلمان مرزوق الغانم عن تفاؤله بانتهاء الحوار الوطني مع المعارضة الكويتية بنتائج إيجابية.
ويقضي الشيخ جابر مبارك حبسا احتياطيا في قضية صندوق الجيش المتهم فيها مع وزير الداخلية والدفاع الأسبق الشيخ خالد الجراح الصباح.
وقالت وسائل إعلام كويتية إن محكمة الوزراء الكويتية برئاسة المستشار نصر آل هيد أقرت الإفراج عن رئيس مجلس الوزراء السابق بكفالة قدرها ثلاثة وثلاثون ألف دولار.
وكانت محكمة الوزراء أقرت في أبريل الماضي حبس رئيس الوزراء السابق الشيخ جابر مبارك احتياطياً على ذمة قضية "صندوق الجيش".
وإلى جانب حبس رئيس الوزراء السابق قررت المحكمة حظر النشر في قضية صندوق الجيش المتهم فيها أيضاً وزير الدفاع والداخلية السابق الشيخ خالد الجراح وسبعة آخرين.
وتزامن قرار المحكمة مع استمرار جلسات الحوار الوطني الذي وجه بعقده أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لحل المشاكل العالقة قبيل افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة في السادس والعشرين من أكتوبر الحالي.
وكشفت مصادر برلمانية كويتية عن أن الاجتماع الذي جمع رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ورئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد والنواب عبيد الوسمي وحسن جوهر ومهلهل المضف وعبدالله الطريجي، وبحضور ممثلين عن الديوان الأميري الكويتي كان "أشبه باجتماع لوضع مسودة حوار وطني، وتأكيد على نبذ الخلافات".
وأوضحت أن الاجتماع أكد “ضرورة تحقيق الرغبة بتقارب وجهات النظر بين السلطتين بغية تهيئة الأجواء من أجل توحيد الجهود وتعزيز التعاون ونبذ الخلافات".
وذكرت مصادر إعلامية كويتية أن الحوار الوطني لا يقتصر فقط على قضية العفو عن البرلمانيين المدانين في اقتحام مبنى البرلمان، بل يتعداها إلى وضع حلول للعديد من المشكلات التي تعرقل تحقيق طموحات واحتياجات المواطنين.وأشارت إلى أن الأوضاع "سائرة إلى الاستقرار خلال المرحلة المقبلة"، مؤكدة أن كثيراً من القضايا “ستتضح أكثر خلال الاجتماعات المقبلة".

وكان أمير الكويت قد دعا الأربعاء الماضي إلى حوار وطني يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية بهدف تهيئة الأجواء من أجل توحيد الجهود وتعزيز التعاون، وتوجيه جميع الطاقات والإمكانيات لخدمة البلاد ونبذ الخلافات.
ورحبت قوى سياسية رئيسة في البلاد بدعوة أمير الكويت إلى "المصالحة الوطنية" تتمثل في الحركة الدستورية الإسلامية، والمنبر الديمقراطي، وحركة العمل الشعبي، والتحالف الإسلامي الوطني، والتجمع الإسلامي السلفي، والتحالف الوطني الديمقراطي، مؤكدة أن "المصالحة الوطنية ترسيخ للوحدة والاستقرار".
ويثير قلق السلطات الكويتية العجز عن مواجهة سيل الإشاعات الذي طال كل شيء خاصة في قضايا الفساد، وهو أمر وصل إلى شيوخ من الأسرة الحاكمة التي كانت في السابق تتكتم على كل أخبارها، وتنجح في تطويقها وتحول دون أيّ توظيف لها في الداخل أو الخارج قد يمسّ من مصداقية القيادة السياسية في البلاد.
وفرض الاهتمام البالغ بقضايا الفساد على مواقع التواصل على القضاء الكويتي أن يتحرّك ضد شخصيات مجتمعية مهمة بعضها من الأسرة الحاكمة، في رسالة واضحة على أن السلطات باتت مضطرة للتفاعل الإيجابي مع الضغوط، والتعاطي بإيجابية مع الاتهامات التي تصدر من هنا وهناك.
وأثيرت قضية “صندوق الجيش” في نوفمبر 2019 بعد تقديم الراحل الشيخ ناصر الصباح، الذي كان حينها وزيراً للدفاع، بلاغاً للنائب العام يتعلق بوجود شبهة جرائم تتعلق بالمال العام في مؤسسة الجيش خلال السنوات التي سبقت توليه الوزارة.
وأحال النائب العام البلاغ إلى محكمة الوزراء للتحقيق في القضية التي بلغت قيمة التجاوزات المالية فيها نحو 790 مليون دولار، التي اتُّهم فيها قياديون بارزون منهم رئيس الوزراء ووزير الدفاع.
وترتّبت عن تلك “الفضيحة” استقالة حكومة الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح وخضوعه مع وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح للمحاكمة ودخولهما السجن على ذمّة القضية.
وعلى الرغم من أخذ القضية مسارا قضائيا، فقد عاد الصراع “الأسري” ليطلّ من ورائها مع تسرّب رسالة موجّهة من وزير الديوان الأميري آنذاك الشيخ علي الجراح إلى المحكمة التي أوكل لها البتّ في قضيّة صندوق الجيش تتضمّن تبرئة لرئيس الوزراء ووزير الداخلية الأسبق من تهمة الاختلاس، حيث ثبت أنّ ما تمّ إنفاقه من أموال الصندوق صُرف بعلم وموافقة أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد وكان ذلك في إطار مهمّات سرية لم يجر التصريح بها ضمن بيانات أوجه صرف المبالغ.
وبدا الشيخ علي الجراح بتوجيهه الرسالة بصدد الدفاع عن سمعة آل الجراح من خلال محاولته تبرئة الشيخ خالد، ما جعل مصادر تتحدّث عن صراع قطبين آخرين داخل الأسرة الحاكمة، بعد تراجع صراع أسرتي الأحمد مع أسرة الفهد بانتصار الطرف الأول.
وبإقالة الشيخ علي الجراح وسجن الشيخ خالد، وكذلك الشيخ مازن الجراح الوكيل السابق لوزارة الداخلية في قضية أخرى تتعلّق بتجارة الإقامات ضمن ما يعرف بفضيحة النائب البنغالي، بدأت مصادر كويتية تتحدّث عن "نكبة آل الجراح".