الإغراءات لا تزيد حظوظ الاتفاق على بريكست في البرلمان

رفض حزب العمال البريطاني الإغراءات التي قدمتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من أجل استرضائه وحث نوابه على تأييد اتفاق بريكست جديد يعرض للمرة الرابعة على التصويت الشهر القادم. وعلى الرغم من أن المعارضة العمالية تطالب باستفتاء ثان بشأن بريكست، وهو ما اقترحته ماي مقابل تمرير اتفاقها، رفض جيريمي كوربين العرض ما من شأنه أن يسقط الاتفاق مجددا مع إصرار المتشككين من المحافظين على معارضة مقترحات زعيمتهم.
لندن - دخلت جهود رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الأربعاء في مأزق جديد بعد عدم تمكنها من إقناع غالبيتها البرلمانية ولا المعارضة بخطتها لإنقاذ بريكست والتي اعتبرتها “الفرصة الأخيرة”، رغم الإغراءات، وتضمن خطتها استجابة لمطالب المعارضة العمالية التي تعمل على إجراء استفتاء ثان بشأن بريكست.
وتأتي مبادرة ماي قبل يوم واحد من تصويت بريطانيا في الانتخابات الأوروبية التي لم يكن يُتوقع أن تشارك فيها بعد ثلاث سنوات من إجراء الاستفتاء بشأن بريكست.
ووعدت رئيسة الوزراء الثلاثاء بأن تعرض على النواب إمكانية التصويت على إجراء استفتاء ثان بشأن بريكست وأعلنت عن سلسلة مبادرات آملة في أن تحلّ أزمة بريكست، فيما رفض النواب البريطانيون اتفاق بريكست ثلاث مرات.
وسبق أن قالت ماي إنها ستقدم استقالتها بعد فترة قصيرة من طرح الإجراءات التي اقترحتها على التصويت في مطلع الشهر المقبل، مهما كانت النتيجة.
وفي خطاب متلفز وعدت ماي بإعطاء النواب فرصة إجراء استفتاء تأكيدي على أي صيغة من اتفاق بريكست يوافقون عليها في نهاية المطاف، في الأسابيع أو الأشهر القادمة.
وقالت ماي “أنا أدرك قوة المشاعر الحقيقية والصادقة لدى مجلس العموم بشأن هذه القضية المهمة”. وهذا الإجراء هو مطلب رئيسي لحزب العمال المعارض الرئيسي، لكن يعارضه بشدة المحافظون المؤيدون لبريكست والذين قد تحتاج ماي أصواتهم أيضا لتمرير الاتفاق.
وأكدت ماي أن اقتراحاتها هي بالنسبة للبرلمان “الفرصة الأخيرة” لإنهاء المأزق السياسي الذي أخّر موعد بريكست الذي كان مقررا في الأصل في مارس وأثار غضبا شعبيا عارما.
ووصفت ماي هذه الاقتراحات بأنها “اتفاق بريكست جديد” ينبغي على بريطانيا أن تدعمه.
وتسعى الحكومة إلى المصادقة على الاتفاق بحلول موعد بدء عطلة البرلمان الصيفية في 20 يوليو، ما سيسمح لبريطانيا بمغادرة الاتحاد الأوروبي في نهاية ذلك الشهر، طالما أن النواب يرفضون إجراء استفتاء ثان.
وفي حال لم يحصل ذلك، فقد يتمّ تأخير بريكست حتى 31 أكتوبر، وهو الموعد الذي حدّده الاتحاد الأوروبي، أو حتى إلى ما بعد هذا التاريخ إذا منح القادة الأوروبيون بريطانيا تأجيلا آخرا.
وقالت ماي “غالبية النواب يقولون إنهم يريدون تحقيق نتيجة الاستفتاء. لذلك أعتقد أننا نحتاج إلى مساعدتهم لإيجاد طريقة. وأعتقد أن هناك الآن فرصة أخيرة للقيام بذلك”.
وعرضت ماي 10 اقتراحات لإدراجها في اتفاق بريكست جديد يُتوقع أن يتمّ التصويت عليه في الأسبوع الذي يبدأ في 3 يونيو، وتتضمن اتحادا جمركيا موقتا والحفاظ على حقوق العمال الأوروبيين.
وهذان الاقتراحان هما مطلبان رئيسيان لحزب العمال لكن ماي فشلت في الحصول على دعمه.
وقال زعيم حزب العمال جيريمي كوربين “لا يمكن أن ندعم مشروع القانون هذا لأن ذلك بشكل أساسي هو إعادة صياغة لما تمّت مناقشته سابقا”.
وتهدد اقتراحات ماي بتعزيز المقاومة في الصفوف الداعمة لبريكست ضمن حزبها المحافظ.
وكتب وزير الخارجية السابق بوريس جونسون، وهو الأوفر حظا ليخلف ماي في منصب رئاسة الحكومة، في تغريدة أنه لن يدعم الصيغة الجديدة من الاتفاق، بعد أن صوت لصالح الاتفاق في آخر مرة طُرح فيها على التصويت في البرلمان.
وقال جونسون إن “مشروع القانون يتعارض وبياننا بشكل مباشر ولن أصوّت لصالحه. يمكننا ويجب علينا أن نفعل أفضل من ذلك وتقديم ما صوّت الناس لأجله”، رافضا فكرة أي اتحاد جمركي أو استفتاء ثانيا.
وكان التصويت الأخير على اتفاق بريكست في مارس، الأقرب للمصادقة عليه. إذ أنه كان يحتاج إلى 58 صوتا إضافيا فقط من أصل 650 صوتا في مجلس العموم لتبنيه.
ويعطي معظم المحللين والصحف البريطانية ماي فرصة ضئيلة لتمرير اتفاقها هذه المرة.
وكتبت صحيفة “غارديان” اليسارية أن “جهد ماي الأخير للحصول على دعم، يفشل في حين أن النواب يرفضون اتفاق بريكست الجديد”.
وقالت صحيفة “تايمز” إن “المحافظين يرفضون محاولة ماي الأخيرة بشأن اتفاق بريكست”، في حين كانت صحيفة “ديلي تلغراف” المشككة في جدوى الاتحاد الأوروبي، أكثر صراحة فكتبت من جهتها عن جهود ماي إنها “يائسة، مخدوعة، ومحكوم عليها بالفشل”. وحذّرت ماي المشككين في جدوى الاتحاد الأوروبي في صفوف حزبها من أن رفض مبادرتها الأخيرة يهدد بإفشال بريكست إلى الأبد.
ويأتي عرض ماي في حين تشارك بريطانيا الخميس في الانتخابات الأوروبية مع تقدم “حزب بريكست” والليبراليين الديمقراطيين المؤيدين للاتحاد الأوروبي على الحزبين الرئيسيين في البلاد.
وقال زعيم “حزب بريكست” نايجل فاراج أمام تجمع انتخابي الثلاثاء إن “الأمر بات الآن أبعد بكثير من الخروج من الاتحاد الأوروبي. إنها مسألة أكبر وأعمق متعلقة بالديمقراطية”.
وأضاف “إذا حققنا فوزا كبيرا الخميس، سنقضي على أي احتمال أن يفرض البرلمان البريطاني علينا إجراء استفتاء ثان لأنهم يعلمون أنهم سيخسرون!”.
ويبدو أن الرفض القاطع لبريكست من جانب الحزب المؤيد للاتحاد الأوروبي يتوافق مع آراء من تبقى من الناخبين الذين يدعمون عادة حزب العمال أو المحافظين.