الإعلام جزء من استراتيجية تركيا للتمدد في أفريقيا

إسطنبول - تعكس القمة التركية - الأفريقية للإعلام أن أنقرة وضعت الإعلام كجزء من استراتيجيتها للتمدد في أفريقيا، وهو ما يذكر بمؤتمرات وقمم مع إعلاميين عرب سبق أن عقدتها تركيا على أراضيها عندما كانت تولي الأولوية للتوسع في الشرق الأوسط.
وانطلقت في مدينة إسطنبول الأربعاء القمة التركية - الأفريقية للإعلام، التي تنظمها دائرة الاتصال في الرئاسة التركية.
وتأتي القمة بالتزامن مع يوم أفريقيا الموافق للخامس والعشرين من مايو من كل عام، وانطلقت في أحد الفنادق بكلمة افتتاحية لرئيس دائرة الاتصال فخرالدين ألطون.
ويشارك في القمة 80 صحافيا من 45 دولة أفريقية ودبلوماسيون أفارقة ومسؤولون عن مؤسسات رسمية وخاصة ومنظمات مدنية وأكاديميون من تركيا وأفريقيا.
إطلاق تركيا لقناة ناطقة بالفرنسية في أبريل موجهة بالأساس للدول الأفريقية التي يتحدث أغلبها اللغة الفرنسية
وقالت وكالة الأناضول الرسمية إن القمة تهدف إلى تعزيز التعاون بين الصحافيين الأتراك والأفارقة، وتشارك الخبرات وصقل الشراكة القائمة بين الجانبين.
وستشهد القمة عقد جلسات لمناقشة مواضيع ذات صلة بالعمل الصحافي، وفي مقدمتها التحديات التي تواجهها الصحافة في مرحلة ما بعد وباء كورونا. ويراهن منظمو القمة على أن تعزز التعاون الإعلامي بين تركيا ودول القارة الأفريقية.
وتذكر هذه القمة بقمم سابقة عقدتها تركيا مع إعلاميين عرب خلال السنوات الماضية التي كانت تركز فيها على التمدد في دول مثل سوريا والعراق وليبيا ومواجهة النظام المصري.
وكان من نتائج تلك القمم افتتاحها لقنوات ومواقع ناطقة باللغة العربية من ذلك القسم العربي لوكالة الأناضول للأنباء، ومقر القناة التركية الرسمية الناطقة بالعربية (TRT)، وموقع “أخبار تركيا” الإلكتروني، بالإضافة إلى استقطاب وسائل إعلام عربية محسوبة على حلفائها في عدد من الدول العربية.
وفي أبريل أعلنت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية (TRT) إطلاق منصة رقمية متخصصة بنشر الأخبار والمواد الإعلامية المختلفة لمخاطبة الجمهور الناطق باللغة الفرنسية. وفي حين بدا الهدف من إطلاق خدمة باللغة الفرنسية مناكفة فرنسا التي تشهد علاقتها بتركيا توترا شديدا خلال السنوات الأخيرة، إلا أن مراقبين لفتوا إلى أنها موجهة بالأساس للدول الأفريقية الناطق أغلبها باللغة الفرنسية.
وعكست تصريحات للرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون أنه يراهن على الجزائر للتمدد في أفريقيا.
وثمّن أردوغان “الدور الذي يلعبه الجزائريون الأشقاء في كل أفريقيا وخاصة شمال القارة ومنطقة الساحل”، مشددا على أن “تركيا تعمل على تعزيز التعاون مع جميع الأشقاء في أفريقيا على أساس الشراكة والربح المتبادل، وإشاعة التنمية الاقتصادية والسلام والاستقرار السياسي والاجتماعي في القارة السمراء”.
وقال ألطون في كلمة افتتاح القمة التركية - الأفريقية إن العلاقات التركية - الأفريقية سجلت تقدما استثنائيا واكتسبت زخما لا نظير له خلال السنوات العشرين الأخيرة.
وأعرب ألطون خلال حديثه عن تمنياته أن تكون القمة وسيلة لخلق فرص تعاون جديدة في مجال الإعلام وتعزيز الصداقة بين البلدان المشاركة.
وأفاد بأن العلاقات التركية - الأفريقية سجلت تقدما استثنائيا واكتسبت زخما لا نظير له خلال الـ20 عاما الأخيرة بفضل تصميم الرئيس أردوغان وقيادته القوية.
وأشار إلى أن اهتمام تركيا بالقارة الأفريقية يقوم على أساس المساواة والكسب المتبادل، وأضاف “الحمد لله، نرى استحسانا كبيرا من إخواننا الأفارقة لهذا النهج، وهذا الأمر يسعدنا بشكل كبير”.
ولفت إلى أن الصداقة التي تم توطيدها من خلال رؤساء الدول على الصعيد الأول ثم الشركات والمؤسسات العامة ومنظمات المجتمع المدني التركية والأفريقية، باتت نموذجا عالميا.
وذكر أن إجمالي حجم التبادل التجاري بين تركيا والقارة الأفريقية تضاعف خلال السنوات الـ20 الأخيرة نحو 5 أضعاف، ومع دول أفريقيا جنوب الصحراء حوالي 10 أضعاف.
وعلى صعيد آخر، أكد ألطون أن صناعة الكذب والتشويه أكبر عدو للديمقراطية، مشيرا إلى أن بلاده هي أكثر دولة تتعرض للتشويه والكذب الممنهج في العالم.
وعزا السبب في هذا إلى ما حققته تركيا تحت قيادة رئيسها أردوغان خلال السنوات العشرين الأخيرة من قفزة في التنمية.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن علاقات بلاده مع دول القارة الأفريقية تتطور بشكل سريع ومستقر، وأكد أن الحفاظ على سلام واستقرار وأمن القارة مسؤولية مشتركة.
جاء ذلك في مقالة كتبها بعنوان “الاحتفال بيوم أفريقيا” بمناسبة “يوم أفريقيا” الموافق للخامس والعشرين من مايو من كل عام، نشرتها العديد من وسائل الإعلام الأفريقية بحسب وكالة الأناضول.
وأوضح جاويش أوغلو أن حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول القارة الأفريقية خلال العام الماضي بلغ 34.5 مليار دولار.
وأضاف أن تركيا باتت “مركزا أفريقيا” نتيجة عمق العلاقات والتوافد الكثيف للطلاب ورجال الأعمال الأفارقة إليها خلال الأعوام العشرين الماضية.
وأفاد أنه رغم المظالم التاريخية والكوارث الطبيعية والمجاعات التي واجهتها شعوب القارة خلال حقبة الاستعمار واللامبالاة العالمية والتدخل الأجنبي غير المقبول، فإن صمود أفريقيا أمام هذه التحديات الهائلة هي “قوة غير عادية”.
ولفت إلى أن القارة الأفريقية بشعبها الفتي والديناميكي ومواردها الهائلة وثقافتها وتاريخها، تعِدُ بإمكانات هائلة لعالم أكثر عدلا وإنصافا وأفضل في القرن الحادي والعشرين.
وذكر جاويش أوغلو أن بلاده تولي أهمية بالغة لتعزيز علاقاتها مع دول القارة الأفريقية على كافة الصعد والمجالات، مبينا أن عدد السفارات في القارة ارتفع إلى 44 سفارة.
وتابع قائلا “الدول الأفريقية تعتبر تركيا شريكا موثوقا وصديقا مقربا، والرئيس التركي أردوغان هو الزعيم الأكثر إجراء للزيارات إلى دول القارة”.
وأوضح أن عدد الطلاب الأفارقة الذين يواصلون تعليمهم في الجامعات التركية بمساهمة المنح التي تقدمها أنقرة لهم، يزداد كل عام.
وفي ما يخص التعاون بين تركيا ودول القارة في مكافحة الإرهاب، جدد الوزير وقوف أنقرة إلى جانب عواصم دول القارة في كفاحها ضد التنظيمات الإرهابية والجماعات المتطرفة.
ولفت إلى أن السعي للحفاظ على السلام والاستقرار والأمن في أفريقيا مسؤولية مشتركة.
واستطرد “تحقيقا لهذه الغاية وبصفتنا دولة حاربت الإرهاب لفترة طويلة، فإننا مصممون على تعزيز تعاوننا مع أفريقيا لمكافحة واستئصال جميع أشكال ومظاهر الإرهاب والتطرف والراديكالية”.