الإعلام العراقي يرد الاعتبار للجيش في عيده السنوي بعد سنوات من الإهمال

هيئة الإعلام والاتصالات تعطي تعليمات لافتة لوسائل الإعلام العراقية بتخصيص مساحات زمنية بمناسبة ذكرى تأسيس الجيش والشرطة العراقيين، في الوقت الذي كان يمر فيه الاحتفال بذكرى تأسيس الجيش باهتا بأوامر إيرانية في محاولة لطمس تاريخه.
بغداد - دعت هيئة الإعلام والاتصالات الأحد إلى تخصيص مساحات زمنية بمناسبة ذكرى تأسيس الجيش والشرطة العراقية، في بادرة تشير إلى رغبة السلطات بإبراز قوة الجيش في ظل التحديات التي تمر بها البلاد، في حين أن هذه الذكرى كانت تمر باحتفالات باهتة بسبب الحساسية الإيرانية تجاه تاريخ الجيش العراقي، ورغبتها في طمس المناسبات الوطنية الخاصة به.
وقالت الهيئة في بيان وجه إلى كافة المؤسسات الإعلامية إنه “تخليدا للذكرى الرابعة بعد المئة لتأسيس الجيش العراقي الباسل، والذكرى الثالثة بعد المئة لتأسيس الشرطة العراقية البطلة، ندعو إلى تخصيص مساحات زمنية لهاتين المناسبتين.”
وشددت الهيئة على “ضرورة تثمين الجهود التي تبذلها قواتنا الأمنية في حفظ أمن بلدنا العزيز واستعراض بطولاتهم في سوح الوغى وتخليد تضحياتهم ودمائهم التي روت أرض العراق وهي تقارع قوى الشر والإرهاب وبذلهم الغالي والنفيس في سبيل صون وطننا الحبيب.”
وقال متابعون إن هذه التعليمات لوسائل الإعلام تأتي في ظل رغبة السلطات ببعث رسائل للداخل والخارج بشأن قوة المؤسسة العسكرية في وجه التغيرات في المنطقة التي يخشى العراق من تداعياتها الداخلية.
وتلعب وسائل الإعلام دورا بارزا في دعم الصورة الرمزية للمؤسسة العسكرية، بعد أن كان المسؤولون لفترة طويلة يتحاشون الاحتفال بهذه المناسبة بمراسم واستعراضات كما كان يتم في عهد الرئيس الراحل صدام حسين.
وذكر مصدر عراقي بالفترة التي كان نوري المالكي يترأس الحكومة، حيث اتسمت هذه الاحتفالات بالبساطة ولم تستغرق سوى 20 دقيقة على خلاف ما كان يجري في فترة حكم صدام حسين حين كان ينظم بهذه المناسبة استعراضا كبيرا للآلية والقوة العسكرية العراقية وكان الاحتفال يمتد أحيانا لساعات طويلة.
وتفاوتت ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي بين الفخر والاعتزاز بهذا الجيش وبين الأسى لحاله بعد أن كان من أقوى جيوش المنطقة، واعتبر آخرون أن الجيش لا يزال يشكل مصدر خوف لأتباع إيران، وجاء في تعليق:
atheists_news2@
وعلق ناشط:
a_____5d@
ودعا ناشط إلى احتفال كبير يرهب به أعداء العراق:
RPG_313@
مع اقتراب ذكرى تأسيس #الجيش_العراقي نطالب باستعراض كبير للجيش وأيضا لألوية مدرعة تابعة لـ#الحشد_الشعبي وأيضا #جهاز_مكافحة_الإرهاب لتكون رسالة للأعداء بأن العراق ليس أيّن كان.
واعتبر متابعون أن في ذكرى تأسيس الجيش العراقي تجتمع الاحتفالات والتكريمات وسط بيانات الاعتزاز والانفعال العاطفي. لكن لا يزال الجيش لم يصل بعد إلى مستوى تاريخه وهويته السابقة، فيما عبّر ناشط عن أسفه لدعم الحشد الشعبي بدلا من الجيش الوطني:
mohamedalm86726@
كما ترفض الهيئات المسؤولة عن الإعلام التعرض للمؤسسة العسكرية بالنقد، فقد سبق أن تم إيقاف هيئة الإعلام والاتصالات في البلاد لبرنامج سياسي بثته إحدى القنوات التلفزيونية انتقد الفساد في الجيش، ما أثار جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، وطالبت الهيئة قناة “يو.تي.في” بالاعتذار إلى المؤسسة العسكرية، وإصدار قرار بإيقاف بث البرنامج.
وعرض البرنامج، الذي قدمه الإعلامي أحمد ملا طلال، مشهدا تمثيليا ظهر فيه الممثل إياد الطائي وهو يرتدي زي عميد في الجيش، وتحدث بطريقة فكاهية وساخرة عن وجود فساد كبير في وزارة الدفاع وتسجيل جنود وهميين يتقاضى كبار القيادات مرتباتهم.
وردا على قرار هيئة الإعلام والاتصالات، قالت قناة “يو.تي.في” في بيان إن “الهيئة أشارت في كتابها إلى أن البرنامج أو في فقرة منه تضمن تحريضا على العنف والكراهية، فضلا عن عدم الدقة في نقل المعلومات، وهذا غير صحيح البتة”. وأضاف البيان أن “الفقرة المشار إليها هي فقرة ساخرة، ناقدة وتمثيلية غير واقعية يؤديها ممثل عراقي معروف، غايتها التنبيه إلى مؤشرات سلوكية شائعة في الإدارة والقضايا العامة”.
وينتقد العراقيون عموما الحال الذي وصل إليه الجيش بعد أن كان العراق يضم أحد أكبر الأجهزة الأمنية والعسكرية في المنطقة، لكنه ما زال يعاني من نقص السيادة والقدرة على تحقيقها. ويأتي عيد الجيش العراقي هذه السنة، بينما تمر البلاد بتوترات أمنية غير مسبوقة بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا ومخاوف من انتشار الفوضى وتأثيرها على العراق.
◙ ردود الفعل على مواقع التواصل الاجتماعي تفاوتت بين الفخر والاعتزاز بالجيش العراقي وبين الأسى لحاله اليوم
والجيش العراقي الحالي لا يشكل استمرارا للجيش السابق، الذي حلّته سلطة الاحتلال الأميركي عام 2003 مع كل قوى الشرطة ومؤسسات الدولة. وتأسست أول قوة في الجيش العراقي وكانت تدعى “فوج الإمام موسى الكاظم” في السادس من يناير عام 1921.
وتطور الجيش العراقي على مدى تاريخه وشارك في حروب ونزاعات متعددة مثل حرب عام 1948 التي تلت إعلان قيام “دولة إسرائيل” في فلسطين وحرب أكتوبر 1973، كما انخرط في قمع ثورات داخلية كان أهمها في إقليم كردستان حيث استمرت لعقود طويلة من الزمن.
وبلغ الجيش العراقي في حقبة الثمانينات تصنيفا متقدما، بعد إدراجه كسادس الجيوش قوة في العالم، وذلك إبان الحرب مع إيران التي استمرت لثماني سنوات. إلا أن نهاية الجيش العراقي السابق كانت بعد احتلال القوات الأميركية للعراق في حرب العام 2003 وإصدار رئيس سلطة الائتلاف الأميركية بول بريمر قرارا بحل الجيش العراقي.
وأعيد تأسيس الجيش العراقي بعد الحرب على أسس مختلفة بعض الشيء، حيث بني على أساس التطوع فقط بعد أن كان في السابق يعتمد على التجنيد الإلزامي، فضلا عن الانخراط طوعا، وأصبحت المرتبات العالية التي تدفع للجنود والضباط عامل جذب للالتحاق بالقوات المسلحة. ويقوم الجيش العراقي الحالي بواجبات حفظ الأمن الداخلي بصورة رئيسية، وقد ازدادت أعداده في السنوات الأخيرة لتبلغ المئات من الآلاف، إلا أنه يعاني من قصور في التسليح والتجهيز خاصة في ما يتعلق بحماية سمائه.
وفي هذا السياق، قال الخبير الأمني سرمد البياتي إن الجيش العراقي لديه قدرات لحماية البلاد لكن ما يحتاجه في هذه الفترة لإتمام الحماية كاملة هو الدفاعات الجوية، والاستطلاع الجوي، وكشف الأهداف الأرضية من الجو، وغيرها من المتطلبات التي تخص حماية سماء العراق. وأضاف البياتي، خلال حديثه لوكالة “شفق نيوز” المحلية، “كما يحتاج الجيش العراقي أيضا إلى تقنيات متطورة تواكب الجيوش العالمية الحديثة.”