الإعلام الجزائري يتغافل عن أزمات مواطنيه بتغطية إضراب نقابة مغربية

النقابة المغربية تطالب الإعلام الجزائري بالالتفات إلى مشاكل الجزائر الداخلية.
الخميس 2024/02/15
أولويات مغلوطة

الرباط - استنكرت النقابة الوطنية الديمقراطية للمالية في المغرب طريقة تغطية التلفزيون الجزائري لإضرابها الذي نظمته الخميس الماضي، واصفة إياها بـ”غير الأخلاقية والمخدومة”.

واتهمت النقابة التابعة للاتحاد المغربي للشغل في بيان “الإعلام الجزائري بتمرير خطاب سياسي يصور المغرب بالعاجز عن معالجة قضاياه، خدمة للأجندة السياسية لحكام الجزائر”، مطالبة منه في ذات الصدد بـ“الالتفات إلى مشاكل الجزائر الداخلية عوض حشر أنفه في معارك الشغيلة المغربية”.

ويؤكد بيان النقابة المغربية إلى رفض العاملين الذين تمثلهم للاستغلال الجزائري لقضاياهم الداخلية، فحراكهم الذي يمثل مطالبهم للحكومة لا يعني بأي حال إلغاء وطنيتهم والتزامهم بالوفاء لبلدهم ضد المحاولات المغرضة للإعلام الجزائري ببث الفتنة بين أطياف الشعب المغربي ومؤسساته الحكومية.

ويؤكد المتابعون للإعلام الجزائري أنه يحاول تغطية إخفاقات النظام على المستوى الدبلوماسي والسياسي في علاقاتها مع الخارج بطرق مفضوحة، أبرزها توجيه حملات إعلامية ضد المغرب، رغم انعكاساته السلبية على الداخل الجزائري، إذ أن الانشغال بمشاكل الجيران في كل صغيرة وكبيرة والتعتيم على قضايا المواطن وهمومه يثيران الاستياء لدي الجمهور.

وكان حزب الحركة الشعبية المغربية قد راسل في وقت سابق من الشهر الجاري رئيس اتحاد الإذاعات العربية بخصوص “الحملة العدائية للإعلام الإذاعي والمرئي الجزائري ضد المملكة المغربية”، ودعا الاتحادَ إلى “طرح الموضوع على أنظار المكتب التنفيذي للأمور الطارئة، خصوصا مع عدم وجود هيئة جزائرية مكلفة بالنظر في احترام الإعلام العمومي لأخلاقيات وضوابط المهنة”.

متابعون ينتقدون باستمرار التدفق الإعلامي الكثيف من الإعلام الجزائري خصوصا الوكالة الرسمية باتجاه المغرب

وتوظف السلطات الجزائرية وسائل الإعلام التي أخضعتها إلى سلطتها مع الجيوش الإلكترونية على الشبكات الاجتماعية، من أجل استهداف المؤسسات المغربية، بالترويج للأخبار الزائفة. وتؤكد آراء الناشطين على الشبكات الاجتماعية أن المحاولات باتت مكشوفة للرأي العام ولم تعد مؤثرة سوى على مصداقية المنابر المضللة التي نشرت الأخبار الزائفة ومن ضمنها وسائل إعلام جزائرية معروفة باتت تحمل وصمة الكاذبة.

وسبق أن انساقت منابر جزائرية إلى التضليل لمواجهة مصالح المغرب والترويج لأكاذيب بشأن اندلاع حرب في الصحراء، وسقوط ضحايا في صفوف القوات المسلحة الملكية.

واحتشدت معظم وسائل الإعلام في الجزائر في الصف المعادي للمغرب، وأعلنت حالة استنفار جماعية لمهاجمة المغرب وتلفيق الأخبار الكاذبة. وينتقد متابعون باستمرار التدفق الإعلامي الكثيف من الإعلام الجزائري خصوصا الوكالة الرسمية باتجاه المغرب وهو ما عكسه حجم وعدد القصاصات الإخبارية.

ويطالب الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون كلما سنحت له الفرصة الإعلام في بلاده بإسناد مجهود الدولة في الرد على “الحرب التي تتعرّض لها الجزائر”، وحثّه على المزيد من الجهد لاكتساب أدوات التحكم في المناهج والمعارف من أجل التصدي لحروب الجيل الرابع، في اعتراف ضمني بعدم احترافية الإعلام في بلاده وعدم قدرته على المنافسة دوليا.

ويرى حسن سعود الباحث في المعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية أن “انتهاج الجزائر إستراتيجية ترويج الأخبار الزائفة التي تستهدف المؤسسات المغربية يأتي ردا على النجاحات الدبلوماسية التي حققها المغرب في السنوات الأخيرة، مقابل فشل الدولة الجزائرية في حشد الدعم لطرحها الانفصالي وفشلها في مجموعة من الملفات الأخرى التي عمقت عزلتها، في وقت تستمر الرباط في حشد الدعم والتأييد الدوليين لسيادتها على أقاليمها الجنوبية”.

السلطات الجزائرية توظف وسائل الإعلام التي أخضعتها إلى سلطتها مع الجيوش الإلكترونية على الشبكات الاجتماعية، من أجل استهداف المؤسسات المغربية

وأضاف سعود في تصريح لموقع “هسبريس” المغربي أنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنة إنجازات وتراكمات دولة تعود إلى قرون من الزمن بحجم المغرب ودولة لم تبلغ بعد سن الرشد السياسي، وهو ما تعكسه ممارستها لمثل هذه الأساليب في تدبير خلافاتها السياسية مع الدول”، مضيفا أن “الجزائر تعلم علم اليقين أن مسألة الوحدة الترابية تحظى بإجماع كل مكونات المجتمع المغربي قيادة وشعبا وجيشا، وهو ما تحاول الآلة الإعلامية الجزائرية والصحافة الموالية استهدافه، غير أنها لم ولن تنجح في ذلك أبدا، ذلك أن الشعب المغربي على وعي كبير بهذه الأجندة الجزائرية”.

ويتفق الباحث مع الكثير من الناشطين المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي في أنه يجب عدم إيلاء الاهتمام للأخبار الزائفة، خاصة أنها تأتي من أطراف معروفة بعدائها للمغرب، ولها سمعة سيئة على المستوى الدولي، مشيرا إلى أن “المغرب يسير بخطى حثيثة في اتجاه الحسم النهائي لملف وحدته الترابية بدعم من الشعب وكل المؤسسات، وبالتالي فإن كل ما تقوم أو ما ستقوم به الجزائر لا يمكن أن يؤثر على هذه الدينامية”.

واستذكر متابعون العديد من الأخبار الكاذبة التي دأبت المنابر الجزائرية على تلفيقها، كما فعلت سابقا صحيفة “الشروق” المقربة من النظام في الجزائر، حيث نشرت صورة من الأرشيف توثق لتظاهرات سلمية شهدتها الرباط سنة 2017، وتدعي أنها للاحتجاجات في مدن المملكة.

ولقيت الصورة التي عنونتها الصحيفة الجزائرية بـ”مظاهرات حاشدة في المغرب ومواجهات بين الشرطة والمحتجين” انتقادات لاذعة وتعليقات ساخرة من قبل رواد موقع فيسبوك، بمن فيهم الجزائريون، حيث اعتبروا أن الصحيفة تعمل بتعليمات مباشرة من نظام الجنرالات الحاكم في الجزائر.

وقال متابعون إن جريدة “الشروق” لم ترتدع رغم البيان الذي نشرته وزارة الخارجية الروسية، والتي اتهمت فيه الجريدة الجزائرية بأنها تعيش في عالم مواز للعالم الواقعي، وأنها تحيك قصاصاتها من نسج خيال صحافييها.

وكانت وزارة الخارجية الروسية قد نفت في وقت سابق ادعاءات الإعلام الجزائري بشأن وجود “أزمة عاصفة متفاقمة” بين الرباط وموسكو، واصفة التقرير الذي نشرته صحيفة “الشروق” بـ”الكاذب”.

وأكدت الخارجية الروسية على موقعها الرسمي أن تقرير صحيفة “الشروق” الجزائرية الذي تزعم فيه بأن الجزائر هي السبب في اندلاع الأزمة بين روسيا والمغرب “كذب وتضليل للرأي العام”، مشددة على أن هناك مغالطات كثيرة تم الترويج لها بشأن التعاون الثنائي بين الرباط وموسكو.

وقال ناشطون إن الدول التي تلجأ إلى تلفيق الأخبار ومهاجمة الدول التي على خلاف معها عبر وسائل الإعلام إنما تسيء لنفسها أمام الرأي العام وتؤكد محدودية فكرها السياسي في تدبير علاقاتها الدولية وملفاتها الكبرى.

5