الإعلام التركي حريص على إعادة التذكير بحجم "الانتصار" على الإيرانيين في سوريا

أنقرة - لا يفوّت الإعلام التركي أي فرصة لتذكير الإيرانيين بحجم “انتصار” أنقرة عليهم في سوريا بدفع الرئيس بشار الأسد إلى التنحي والمغادرة نحو روسيا، وهو ما يفسر تركيز التقارير والتغطيات الإعلامية على إظهار ارتباك تصريحات المسؤولين الإيرانيين في التعامل مع ما يجري في سوريا.
ويُظهر التركيز الإعلامي التركي سعي أنقرة للاستفادة القصوى من التراجع الإيراني في المنطقة بصفة عامة، وفي سوريا بصفة خاصة، ما يؤهلها لملء الفراغ سياسيا واقتصاديا وإعلاميا، وتلافي الأخطاء الإيرانية في رسم ملامح نفوذها المباشر في سوريا عبر دعم الجماعات الإسلامية.
وكان واضحا أن الهدف الرئيسي من التركيز على نشر التقارير التي تنتقد سجل الأسد في مجال حقوق الإنسان هو توجيه أصابع الاتهام إلى داعميه -أساسا إيران وحزب الله- واستعداء السوريين عليهم، راهنا ومستقبلا. وفي المحصلة تكون تركيا هي الأقرب إلى كسب ود السوريين، ما يؤمّن لها “إسناد” السلطات الجديدة ولا يثير ضدها غضب الشارع في الوقت الحالي على الأقل.
ورغم أن الإيرانيين تجنبوا الانخراط في هذا الجدل، دفعت إستراتيجية تركيا في مضايقتهم و”التآمر” على نفوذهم في سوريا بعض المسؤولين -على رأسهم المرشد الأعلى علي خامنئي- إلى تحميل تركيا مسؤولية إسقاط الأسد. وكان خامنئي أشار في كلمته الأربعاء إلى أن “دولة جارة لسوريا لعبت ولا تزال تلعب دورا واضحا في الأحداث التي تجري في هذا البلد،” من دون أن يسمّيها.
◙ التركيز الإعلامي التركي يُظهر سعي أنقرة للاستفادة القصوى من التراجع الإيراني في المنطقة عموما وفي سوريا خصوصا، ما يؤهلها لملء الفراغ سياسيا واقتصاديا وإعلاميا
والتقطت وكالة الأناضول الرسمية التركية تغريدات لشخصيات إيرانية هامشية على منصات تواصل اجتماعي، مثل تلغرام وإكس، للحديث عن جدل داخل إيران بسبب خسارة الأسد، والإيحاء بأن “النصر” التركي في سوريا يثير خلافات داخلية في إيران مع تلميحات إلى التفوق الاستخباري التركي.
ونقلت الوكالة مقتطفا من منشور للسياسي الإصلاحي محمود صديقي قال فيه إن وحدات الاستخبارات الإيرانية حذرته هو ونشطاء آخرين من انتقاد النظام بشأن التطورات في سوريا. وخاطب صديقي الحكومة الإيرانية في منشور عبر منصة إكس قائلا “تعلموا مما حدث لعائلة الأسد.”
وفي سياق التضخيم المبطن للنجاح التركي والاستهانة بالدور الإيراني، نشرت الأناضول مختصرا من مقال للسياسي الإصلاحي عباس عبدي نشره في صحيفة “اعتماد” الإيرانية وقال فيه إن صناع السياسة في إيران تعرضوا لضربة كبيرة على مستوى المعلومات والتحليل في ما يتعلق بسوريا قبل انهزامهم عسكريا.
وأكد عبدي أن أولئك الذين لا يستطيعون توقع هزيمة واسعة النطاق في سوريا لن تكون لديهم القدرة على إجراء تحليلات سليمة. وقال “ربما تكون قضية الأسد قد انتهت، لكن مشكلتنا الحالية هي هذا الضعف الشديد للمعلومات والتحليل من المنظور الرسمي بشأن سوريا، وهذا الضعف أخطر من القصور الاقتصادي والعسكري والسياسي.”
وخلصت الوكالة إلى القول إن الإطاحة بنظام الأسد خلقت تأثيرا صادما في إيران، دفع الإصلاحيين إلى اتهام إدارة طهران بـ”الفشل في قراءة المنطقة بشكل صحيح،” وإجراء تحليل خاطئ للقضية السورية.
ومن الواضح أن اختيار الفقرات يهدف إلى جعل القارئ يلجأ إلى المقارنة بين الفشل الاستخباري الإيراني والعجز عن التوقع الذي جاء في حديث عبدي، من جهة أولى، وبين النجاح التركي في الترتيب للهجوم على مدى أشهر واجتياح المدن السورية سريعا والسيطرة على دمشق، من جهة ثانية.
وكانت وسائل الإعلام التركية قد حرصت على نقل أي تصريح دعائي يشير إلى نجاح أنقرة في سوريا؛ من ذلك نقل تصريحات وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، التي قال فيها إن “تركيا أصبحت لاعبا أكثر أهمية في سوريا بعد انهيار نظام البعث.”