الإعلام الإسرائيلي منقسم على نفسه رغم الرؤية الواحدة

صحيفة إسرائيلية تتهم الإعلام العبري بالعمل لصالح السنوار كسلاح إستراتيجي.
السبت 2024/08/24
دعاية مضادة

القدس - اتهمت صحيفة “يسرائيل هيوم” الإعلام العبري بالعمل لصالح رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار كسلاح إستراتيجي؛ وذلك لأنه يضغط على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ويتهمه بالمماطلة في إتمام صفقة الرهائن، وهو اتهام جديد يكشف انقسام الإعلام الإسرائيلي كامتداد للانقسام السياسي.

وقالت الصحيفة الإسرائيلية في تقرير إن نتنياهو حصد المزيد من الانتقادات من الداخل الإسرائيلي بسبب هذا الضغط الإعلامي، وفي الوقت ذاته يحاول السنوار تأخير الصفقة لصالحه.

ويأتي انتقاد الصحيفة لباقي وسائل الإعلام العبرية رغم وجود توجه عام في إسرائيل يتسم بالتزام تغطية إعلامية ذات جانب واحد، حيث تعكس المنصات تحول إسرائيل الأوسع نحو اليمين على مدى العقدين الماضيين في أعقاب موجة التفجيرات الانتحارية خلال الانتفاضة الفلسطينية الكبرى من عام 2000 إلى عام 2005 المعروفة باسم الانتفاضة الثانية، والتصور المتزايد بأن آفاق السلام مع الفلسطينيين أصبحت قاتمة.

وتغطي وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل يومي الحرب في غزة، فيشاهد المواطن الإسرائيلي جميع مستجدات الأحداث باستثناء أمر واحد يبقى غالبا “غير موجود” في التغطيات الإعلامية، وهو الضحايا من سكان قطاع غزة، وفق تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

الصحيفة الإسرائيلية تقول إن نتنياهو حصد المزيد من الانتقادات من الداخل الإسرائيلي بسبب هذا الضغط الإعلامي

ويشعر البعض في إسرائيل بأن وسائل الإعلام خائفة جدا من إنارة الرأي العام عبر إظهار بعض الضحايا الأبرياء أو الضغط على الحكومة الإسرائيلية بشأن زعم أن إسرائيل أعاقت المساعدات الإنسانية، بحسب ما تقوله الصحيفة الأميركية.

ويقول شوكي توسيج رئيس تحرير مجلة “سيفينث آي”، وهي مطبوعة إسرائيلية تركز على وسائل الإعلام في البلاد، “على عكس الولايات المتحدة وأوروبا، حيث يحصل معظم الناس الآن على معلوماتهم في المقام الأول من وسائل التواصل الاجتماعي، مازال التلفزيون يلعب دورا كبيرا في إسرائيل، حيث يقول ثلاثة أرباع الإسرائيليين إنه مصدر رئيسي للمعلومات”.

وقالت الصحيفة الأميركية “في كل مساء يشاهد الإسرائيليون ضمن نشرات الأخبار التلفزيونية آخر مستجدات حرب غزة، بما يشمل محادثات وقف إطلاق النار واحتجاز الرهائن، والخسائر العسكرية الإسرائيلية، وتحليل ساحة المعركة، وتغطية هجمات 7 أكتوبر التي شنتها حركة حماس المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى على إسرائيل”.

وهناك شيء واحد غالبا ما يكون مفقودا في النشرات الإخبارية وهو “شعب غزة”، فداخل إسرائيل يمكن مشاهدة “حرب معينة” بينما يرى معظم بقية العالم حربا مختلفة، مع لقطات للدمار الذي سببته الغارات الجوية الإسرائيلية في القطاع المكتظ بالسكان، وأحياناً صور مروعة للفلسطينيين الذين قتلوا خلال الحرب.

وتساعد هذه الشاشة المنقسمة في تفسير الهوة المتسعة بين إسرائيل وباقي العالم الذي تحول انتباهه من أهوال السابع من أكتوبر إلى الضرر الذي أحدثته الحملة الإسرائيلية لتدمير حماس.

وقد تتسع هذه الفجوة في المنظور خلال الأسابيع المقبلة إذا وسعت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية جهودها لتدمير ما تبقى من كتائب حماس في مدن غزة المزدحمة بجنوب القطاع، وفق “وول ستريت جورنال”.

نادرا ما يعرض التلفزيون الإسرائيلي العرب على شاشاته، ولا حتى الإسرائيليين منهم الذين يشكلون حوالي 20 في المئة من السكان

وفي التلفزيون الإسرائيلي لا توجد أي لقطة لقتلى الفلسطينيين، بل توجد فقط بعض مشاهد الدمار، وفقا لمدراء وسائل الإعلام والصحافيين ومحللي وسائل الإعلام والإسرائيليين العاديين.

ويقول الكثير من الإسرائيليين، الذين عادة ما يتابعون الأخبار باللغة العبرية، إنهم نادرا ما يصادفون لقطات صريحة لغزة على هواتفهم الذكية، على الرغم من أنهم يدركون أن هناك دمارًا واسع النطاق وعددا مرتفعا من القتلى.

وأشار ما يقرب من ثلثي اليهود الإسرائيليين إلى أنهم شاهدوا القليل من صور الأضرار أو لم يشاهدوها على الإطلاق، وفقا لمسح أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي في أبريل الماضي.

وقال توسيج “إنك ترى كل شيء عن الحرب على التلفزيون الإسرائيلي باستثناء شعب غزة”، وأضاف “في الوقت الحالي لا تستطيع وسائل الإعلام الإسرائيلية التعامل مع واقع معقد… إنهم يعلمون أن مشاهديهم لا يريدون حقا رؤية صور لأعدائهم وهم يموتون؛ لذلك لا يعرضونها”.

وزودت القناة 12 صحيفة “وول ستريت جورنال” بعدة أمثلة لنشرات الأخبار الأخيرة التي تضمنت مشاهد للمباني المدمرة والأطلال في غزة ومدنيين يتحدثون عن محنتهم، بما في ذلك نقص الغذاء، ولم تكن هناك صور للمدنيين القتلى.

أيالا بانيفسكي: هناك انقسام كبير بين ما تراه على شاشة التلفزيون في لندن وما يراه الأصدقاء والعائلة في إسرائيل

وقالت أيالا بانيفسكي، الأكاديمية الإسرائيلية التي تعيش في لندن، “إن هناك انقساما كبيرا بين ما تراه على شاشة التلفزيون في لندن وما يراه الأصدقاء والعائلة في إسرائيل”، وأضافت “لم أر قط مثل هذا الاختلاف الكبير في المنظور من قبل”.

وتحولت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى اليمين، خاصة وسط الجهود المستمرة منذ فترة طويلة من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتصوير وسائل الإعلام على أنها يسارية وغير وطنية، وفقا لبانيفسكي، المتخصصة في الشعبوية والإعلام.

ومن جانبه قال دانييل ليفي، أستاذ الاقتصاد في جامعة بار إيلان، إنه وزوجته يعتقدان أنهما لا يحصلان على القصة كاملة من وسائل الإعلام الإسرائيلية، ويشاهدان قنوات أخرى أحيانًا باللغة الإنجليزية لرؤية الجانب الآخر.

وقالت تمار هيرمان، زميلة أبحاث بارزة في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، “بينما لا يزال الرهائن محتجزين، قد لا يرغب الكثير من الإسرائيليين في رؤية لقطات للضحايا المدنيين، أو لا يهتمون كثيرا”.

ونادرا ما يعرض التلفزيون الإسرائيلي العرب على شاشاته، ولا حتى الإسرائيليين منهم الذين يشكلون حوالي 20 في المئة من السكان. وتشير “وول ستريت جورنال” إلى محمد مجدلي، الصحافي العربي الإسرائيلي، وهو واحد من الصحافيين العرب القلائل الذين يقدمون تقاريرهم في القنوات الإخبارية الرئيسية باللغة العبرية.

ويقول إنه واجه منذ 7 أكتوبر رد فعل شعبيا عنيفا على ظهوره الإعلامي على شاشة التلفزيون الإسرائيلي، بما في ذلك التهديدات بالقتل والدعوات إلى إقالته.

وأفاد أحد أعضاء حزب الليكود بأن “مجدلي ليس مخلصا وتجب إقالته بعد أن تحدث على الهواء عن نقص المساعدات الإنسانية في غزة”.

وبعد أن ذكر على الهواء أنه تحدث مع أحد أفراد أسرته في غزة لمناقشة أسعار المواد الغذائية، دعت المئات من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى إقالته بسبب “علاقاته مع العدو”.

ومن جانبه يقول مجدلي إنه يحاول فقط القيام بعمله، مضيفا “الأشياء الأساسية التي يتعين علينا القيام بها هي إيصال ما يحدث لشعبنا، والشعب الإسرائيلي لا يعرف حقا ما الذي يحدث في غزة”.

5