الإعلام الأميركي يصنع من مذيعة عراقية سمراء قصة "مثيرة"

مقابلة "نيويورك تايمز" مع رندا عبدالعزيز تقسم الإعلاميين العراقيين على مواقع التواصل.
الثلاثاء 2022/02/08
خطوة جبارة

قسم تسليط الإعلام الأميركي الضوء على عمل مذيعة شابة في القناة الرسمية العراقية -بسبب لون بشرتها- العراقيين، وخاصة الإعلاميين، على مواقع التواصل الاجتماعي، بين محتف ومنتقد.

بغداد – أثار نشر صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تقريرا السبت عن الإعلامية الشابة رندا عبدالعزيز، بعد ظهورها في قناة “العراقية” الحكومية كمذيعة للأخبار، مشيرة إلى أن “رندا” أول مذيعة سمراء البشرة تظهر على شاشة التلفزيون الحكومي منذ عقود على تأسيسه جدلا إلكترونيا واسعا في العراق.

وذكرت الصحيفة، أن رندا البالغة من العمر 25 عاما جاءت بها الصدفة إلى مجال الإعلام، مشيرة إلى أنها كانت تجلس مع صديقاتها في مقهى ببغداد وتقرأ كتيّبا عن مستحضرات التجميل بصوت عال وباللغة الفصحى لمجرد المزاح.

وفي تلك الأثناء سمعها كشاف مواهب، وسرعان ما تلقت عبدالعزيز عرضا غير متوقع تماما غيّر حياتها، على الرغم من أنها كانت مترددة، إلا أن الرجل أقنعها باغتنام الفرصة لقراءة الأخبار على التلفزيون الرسمي.

وقالت رندا “أخبرني أن هناك تجربة.. إنهم يريدون رؤية كل الألوان على قناة العراقية”، في إشارة إلى التلفزيون الحكومي. وأضافت أنها كانت بحاجة إلى إقناع والدتها بالموافقة في البداية، ثم قبلت العرض، معتقدة أنها قد تستمر لفترة وجيزة وتفشل. وتابعت رندا، التي لم تكن لديها خبرة تلفزيونية سابقة أو اهتمام بالأخبار “اعتقدت أن الأمر سيكون لبضعة أيام فقط وسوف يرون أنه لن ينجح وسأغادر”.

لكن رحلة رندا الشاقة في إثبات نفسها استمرت أكثر من ستة أشهر، تضمنت 10 ساعات يوميا من التدريب على الإلقاء والاطلاع على مواضيع السياسة العراقية والإقليمية، وهي مواضيع لم تكن مهتمة بها في السابق. ونجحت أخيرا في الظهور لأول مرة على شاشة التلفزيون خلال نشرة الظهيرة الرئيسية في سبتمبر الماضي وكانت هذه أول نشرة حيّة تلقيها للمشاهدين.

وتقول رندا عن تلك اللحظة “لم أرتكب خطأ واحدا ولكن عندما انتهيت من النشرة انفجرت بالبكاء”.

وفقا للصحيفة فإن رندا عبدالعزيز هي أول سيدة “سمراء” تعمل في القنوات الحكومية على الأقل منذ الإطاحة بنظام صدام حسين قبل قرابة عقدين من الزمن.

وتنقل الصحيفة عن مسؤولين تنفيذيين في التلفزيون الحكومي القول إنهم يعتقدون أيضا أنه لم يكن هناك مذيعون تلفزيونيون من أصحاب البشرة السمراء خلال حكم صدام الذي دام عقودا.

وجاء تعيين رندا بعد بحث على مستوى البلاد أجراه رئيس شبكة الإعلام العراقي نبيل جاسم، الذي يؤكد أن “في العراق ما لا يقل عن 1.5 مليون عراقي أفريقي.. وهم بحاجة إلى أن يروا انعكاس أنفسهم على التلفزيون”.

وانقسم العراقيون حول التقرير حيث عدّه عراقيون محاولة لتسليط الضوء على فوارق اجتماعية يعاني منها المجتمع الأميركي ونقلها إلى المجتمع العراقي.

وقال الصحافي سيف صلاح الهيتي:

وكتب الصحافي علي البازي على حسابه في تويتر “الإعلام الأميركي يحاول الترويج لمفاهيم عنصرية ولفت الانتباه لها.. لا ننكر وجود مثل هذه النظرة بالمجتمعات لكن الإنسانية أسمى”. وأضاف البازي “الكثيرون ركزوا على المذيعة العراقية السمراء رندا عبدالعزيز وكأنها حدثا تاريخيا جادت به الديمقراطية”.

وعلق الصحافي معن الجيزاني:

maanaljizzani@

تحول حصول فتاة على عمل في محطة تلفزيونية إلى حدث عالمي! ليس لمقدرتها بل لأنها سمراء! في أميركا نفسها يدور جدل غير متكافئ حول الصراع بين معايير الكفاءة ومعايير أخرى تتعلق بالجندر والألوان. أميركا نفسها تعاني من هذه المشكلة التي بدأت تؤثر بشكل كبير على مستوى كفاءة عمل المؤسسات!

وغرد المدير التنفيذي لمركز جنيف الدولي للعدالة ناجي حرج:

وكتب الكاتب جمال المظفر:

jamalalmudafer1@

واعجبي! إنهم يريدون كل الألوان.. أم المهنية والكفاءة واللباقة!

يذكر أن رئيس شبكة الإعلام العراقي نبيل جاسم قال للصحيفة الأميركية إن توظيف راندا صدم وأزعج عددا قليلا من موظفي الشبكة والمشاهدين، وهو ردّ سلبي يسلط الضوء على العنصرية الراسخة في العراق، البلد الذي يبلغ عدد سكانه حوالي 40 مليون نسمة.

وفي النظام السياسي العراقي الذي تهيمن عليه العشائر، لا يتمتع العراقيون أصحاب البشرة السمراء بشكل أساسي بأي تمثيل سياسي. ولا يوجد في البرلمان العراقي نائب واحد من أصحاب البشرة السمراء، ولا يوجد تقريبا أي من كبار المسؤولين السود في الوزارات الحكومية.

ويتحدر معظم أفراد البشرة السمراء في العراق من أصول أشخاص مستعبدين جلبوا من شرق أفريقيا إلى الساحل الجنوبي للعراق بداية من القرن التاسع، عبر تجارة الرقيق التي استمرت أكثر من ألف عام وانتهت في بعض الدول العربية قبل عقود فقط. ولا يزال معظم الأشخاص من أصول أفريقية يعيشون في جنوب البلاد في فقر مدقع وقلة في فرص التعليم.

وعندما يظهر العراقيون أصحاب البشرة السمراء على شاشات التلفزيون، عادة ما يكونون موسيقيين أو راقصين أو في أدوار كوميدية.

ويقول جاسم إنه يريد تغيير تلك الصور النمطية عنهم، وهو يدرس أيضا منح رندا الفرصة لتقديم برنامج تلفزيوني يهتم بالشؤون السياسية.

وفي حين انتشرت حركة “حياة السود مهمة” في معظم أنحاء العالم، إلا أن العراق ليس لديه سوى حركة ناشئة للمطالبة بحقوق السود.

ولا يوجد إجماع بين العراقيين من أصول أفريقية على التسمية التي يطلقونها على أنفسهم، البعض يرفض مصطلح “أسود” أو “أفريقي عراقي” لأنهم يرونه مثيرا للانقسام. استقر الكثيرون على مصطلح “أسمر” أو “ذو بشرة داكنة”.

يقول المدافعون عن حقوق أصحاب البشرة السمراء إن العديد من الطلاب السود يتركون المدرسة بسبب تنمر الطلاب والمعلمين. وأفاد مسح أجري في عام 2011 أن معدلات الأمية بين العراقيين أصحاب البشرة السمراء بلغت 80 في المئة، وهو رقم يزيد عن ضعف المعدل الوطني، ويعتقد أنه لم يتغير إلى حدّ كبير منذ ذلك الحين.

من جانبها، وبعد أن أتقنت عملها بالتلفزيون، تقول رندا إنها تعمل على فكرة أن تكون قدوة يمكن أن تلهم العراقيين ذوي البشرة السوداء. وتضيف “أحاول إثبات أن نموذجي يمكن أن يكون أملا للجميع، وأن لون بشرتنا لن يمنعنا”.

وكتب الباحث محمد القريشي:

ALKARAISHI@

تعيين السيدة السمراء رندا عبدالعزيز مذيعة في التلفزيون العراقي من قبل شبكة الإعلام العراقي، خطوة جبارة في إطار إدارة التنوع بالمجتمع العراقي.

وقال الإعلامي ستيفن نبيل:

16