الإعلام الأميركي الليبرالي مدين لترامب باعتذار بعد تقرير مولر

واشنطن – كسب الرئيس الأميركي دونالد ترامب جولة جديدة في حربه ضد وسائل إعلام أميركية كبرى، بعد نشر مقتطفات من تقرير مولر الذي يبرئ الرئيس من تهم التواطؤ مع روسيا في عام 2016، ويتعين على هذه الوسائل إعادة النظر في مواقفها.
ووصف ترامب عبر تويتر وسائل الإعلام الرئيسية بأنها “عدو الشعب” و”حزب المعارضة الحقيقي” الثلاثاء بعدما برأه تقرير المدعي الخاص روبرت مولر من التواطؤ مع روسيا، متهما الصحافيين بالتحيّز في تغطيتهم لحيثيات التحقيق.
وقال إن “وسائل الإعلام الرئيسية تواجه انتقادات وازدراء من كل أنحاء العالم لأنها فاسدة وزائفة. على مدى عامين، دفعوا قدما التضليل بشأن التعاون مع روسيا في وقت كانوا يدركون دائما بأنه لم يكن هناك أي تعاون”. وأضاف “هم في الحقيقة عدو الشعب وحزب المعارضة الحقيقي”.
وبالنسبة لبعض المراقبين، فقد حان الوقت لكي “تعترف” وسائل الإعلام بأنها قامت بتغطية القضية بشكل غير عادل مدة عامين. أما بالنسبة للآخرين، فعلى العكس من ذلك، يجب على الصحافيين الاستمرار في التنقيب لأن التقرير لا يعفي ترامب تمامًا من “عرقلة محتملة للعدالة”.
وقال مات تايبي، رئيس تحرير مجلة رولينغ ستون “من الآن فصاعدا لن يصدق جزء كبير من الأميركيين الاتهامات التي توجهها الصحافة ضد ترامب”.
بدوره يقول غلين غرينوالد، صحافي التحقيقات في موقع “أنترسبت” الإخباري إن قنوات الأخبار يجب أن تعترف بأخطائها في الحكم.
وكتب على موقع تويتر “قم بالبحث عن كل شخصية في قناة “أم.أس.أن.بي.سي” وكل خبير قانوني في شبكة “سي.أن.أن”، ووسائل الإعلام الليبرالية (…) وسترى أنك لن تعثر على ذرة من إعادة النظر والتواضع أو الاعتراف بارتكاب خطأ جسيم”.
وأضاف “إذا لم تعترف وسائل الإعلام بالمسؤولية عما فعلته، فلا يجب الشكوى مطلقا من واقع أن الناس يصفون ما تبثه بأخبار كاذبة”، وهو التعبير المفضل لدى ترامب عندما يتحدث عن أبرز وسائل الإعلام.
ومنذ انتشار أول الأخبار السبت حول محتويات التقرير، أعلن معسكر ترامب الذي كان يقول منذ بداية القضية أنها “حملة مطاردة”، النصر وطالب وسائل الإعلام بالاعتذار.
وقالت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض إن “الديمقراطيين ووسائل الإعلام الليبرالية مدينون للرئيس والشعب الأميركي”.
وكان نجل الرئيس الأكبر دونالد جونيور قد أدان سابقًا “نظريات المؤامرة بلا توقف” من قبل “سي.أن.أن”، و”أم.أس.أن.بي.سي” وبازفيد وغيرها من وسائل الإعلام الرئيسية.
كما دعا شقيقه إريك على تويتر وسائل الإعلام الرئيسية إلى تقديم اعتذار “عن الجحيم الذي عاشه الجميع لمدة عامين وأكثر”.
لكن بالنسبة لبعض خبراء الإعلام فمن السابق لأوانه الحكم على عمل المدعي الخاص روبرت مولر على أساس صفحات الملخص الأربع التي نشرها وزير العدل بيل بار.
وقال ستيفن وورد، المدير السابق لمركز أخلاقيات الصحافة بجامعة ويسكونسن “لا أعتقد أنه يمكننا اتهام وسائل الإعلام بأنها غير عادلة إزاء دونالد ترامب”.
وأضاف “يجب على وسائل الإعلام تغطية هذا الرئيس العدائي النزعة الذي يتحدى الدستور”، موضحا أنه يتعين على الصحافيين أن يبذلوا قصارى جهدهم للحصول على تقرير مولر بأكمله. وتابع “إنها مسألة تهم الجميع ويجب على جميع المواطنين قراءتها”.
من جهته، يقول دان كينيدي، أستاذ الصحافة بجامعة نورث إيسترن إنه من السابق لأوانه أن يدعي الرئيس “البراءة” بعد “تحقيق ضخم أدى إلى العديد من لوائح الاتهام والاعتراف بالذنب”.
ومع ذلك إنه أمر شرعي، حسب قوله، أن يتساءل المرء عن التكهنات العديدة التي تبثها “سي.أن.أن” و”أم.أس.أن.بي.سي”. وهاتان يتهمهما معسكر ترامب بانتظام بالتحيز.
ويستشهد خصوصا بالتغطية الواسعة لملاحقات محتملة ضد دونالد ترامب جونيور وصهر الرئيس جاريد كوشنر، الأمر الذي لم يحدث.
ويقول إن المشكلة الكبيرة هي أن “القنوات الإخبارية بحاجة لتعبئة الوقت فتكثر من النقاشات”.
لكن بالنسبة لديبرا بوتر، الصحافية السابقة في شبكة “سي.بي.أس”، فإن التكهنات أمر طبيعي “لأنه لم تكن هناك تسريبات” من المحققين. على الرغم من ذلك، “فقد أعطت العديد من وسائل الإعلام المسؤولة الانطباع الصحيح (حول نتائج التحقيق) في الأسابيع الأخيرة”.
على نطاق أوسع تقول بوتر إنه يجب إعادة الثقة في استقلال وسائل الإعلام إلى الرأي العام الأميركي.
وأضافت “شاهدنا زيادة في الثقة العامة لدى وسائل الإعلام، لكن الانقسامات الحزبية لم تكن أقوى من أي وقت مضى”. وختمت مشيرة إلى حقيقة أن كون غالبية كبيرة من الناخبين الجمهوريين لا يثقون في وسائل الإعلام تعتبر “مشكلة للديمقراطية”.