الإعفاء من حقوق الملكية الفكرية للقاحات كورونا يساعد الدول على مجابهته

الوصول العالمي الكافي والعادل إلى اللقاحات يعزز جهود التعافي من الفايروس.
الجمعة 2021/11/26
هل تتم الاستجابة لدعوات تعليق الملكية الفكرية للقاحات؟

طالبت منظمة الصحة العالمية بضرورة الإعفاء من حقوق الملكية الفكرية للقاحات كوفيد – 19 بما يساعد الدول على مجابهة الجائحة، وذلك على خلفية تفشي وباء كورونا بسرعة فائقة في دول أوروبا. وكانت الدعوة إلى الوصول العالمي الكافي والعادل للقاحات قد تمت منذ أكتوبر الماضي خلال اجتماع المنظمة العالمية للتجارة وتبنتها أكثر من 115 دولة، لكن لم تتم الاستجابة لها.

جنيف - عبر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس عن أمله في إمكان التوصل إلى إجماع في اجتماع وزاري لمنظمة التجارة العالمية الأسبوع المقبل، للإعفاء من حقوق الملكية الفكرية للقاحات الواقية من كوفيد -19 وهو ما تؤيده بالفعل أكثر من مئة دولة.

وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقد على خلفية التفشي السريع للوباء في أوروبا وعجز اللقاحات عن تقديم الحماية اللازمة.

ينطلق مؤيدو تعليق الملكية الفكرية من واقع التفاوت العالمي في توزيع اللقاحات بين الدول الغنية والفقيرة، ويرون فيه حلا للدول الفقيرة. حيث تشير التقديرات إلى تلقي واحد من كل أربعة أشخاص في المتوسط في الدول ذات الدخل المرتفع لقاح كورونا، مقارنة بواحد من بين أكثر من 500 شخص في البلدان منخفضة الدخل، وهو ما يؤهل الدول الغنية لتطعيم غالبية سكانها منتصف 2022، فيما لا تصل الدول الفقيرة إلى ذلك قبل 2024 على الأقل. ولعل هذا التفاوت هو ما دفع رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، في الثالث والعشرين من أبريل الجاري، إلى الدعوة إلى مواجهة قومية اللقاحات، والتأكيد على أن اللقاحات منفعة عامة.

وقال جيبريسوس إن أوروبا عادت لتكون بؤرة تفشي جائحة كوفيد – 19 وسط “إحساس زائف بالأمان” بشأن الحماية التي تقدمها اللقاحات.

وحذر مسؤولون في المنظمة من أن فايروس كورونا قد يواصل الانتشار، مع عودة المجتمعات قبيل نهاية العام للاختلاط الاجتماعي والتنقل الذي كان معتادا قبل الجائحة.

وأشار جيبريسوس إلى أن أكثر من 60 في المئة من كل الحالات المسجلة عالميا للوفيات من كوفيد – 19 في الأسبوع الماضي كانت في أوروبا.

وقال “في العديد من الدول والمجتمعات، نحن قلقون من الإحساس الزائف بالأمان من أن اللقاحات قضت على الجائحة، ومن أن الذين تلقوها لا يحتاجون إلى اتخاذ أي إجراءات احترازية أخرى”.

مؤيدو تعليق الملكية الفكرية ينطلقون من واقع التفاوت العالمي في توزيع اللقاحات بين الدول الغنية والفقيرة

وشدد مسؤولو منظمة الصحة العالمية على أن التطعيم واستخدام الكمامات والتباعد الاجتماعي، تظل جميعها ضرورية لوقف العدوى.

وقال مايك رايان مدير الطوارئ في المنظمة “عدنا إلى معدلات ما قبل الجائحة في ما يتعلق بالاختلاط الاجتماعي (في أوروبا)… حتى وسط زيادة قوية في حالات الإصابة وحتى مع تعرض الأنظمة الصحية في بعض تلك الدول لضغوط هائلة”.

وتابع قائلا “والواقع أن الفايروس سيواصل الانتشار بكثافة في تلك الأجواء”.

وتصاعد الجدل حول حقوق الملكية الفكرية للقاحات كورونا، وهو الجدل الذي طُرح منذ أواخر العام الماضي في منظمات دولية بشكل دبلوماسي منظم، وزاد خلال الفترة الماضية في ضوء عجز شركات اللقاحات عن إنتاج العدد الكافي من اللقاحات، فضلا عن الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة، وأصبح السؤال هو: هل يُحسّن تعليق حقوق الملكية الفكرية لتصنيع لقاحات كورونا من الوصول العالمي الكافي والعادل إلى اللقاحات؟

وقدمت الهند وجنوب أفريقيا في اجتماع منظمة التجارة العالمية في أكتوبر الماضي اقتراحا بالتنازل عن بعض أحكام اتفاقية “تريبس” حول الملكية الفكرية وبراءات الاختراع لمدة تحددها المنظمة من أجل تلقيح غالبية سكان العالم، وذلك في ما يخص لقاحات كوفيد – 19 فقط، وهو الاقتراح الذي دعمته أكثر من 115 دولة حتى الآن، بالإضافة إلى منظمات غير حكومية مثل “أطباء بلا حدود” التي طالبت بأن يمتد التنازل إلى جميع الأدوية واللقاحات والأدوات والتكنولوجيات الأخرى الخاصة بفايروس كورونا بما يتضمن الأقنعة الواقية وأجهزة التنفس.

لكن لم ينجح هذا القرار في الحصول على موافقة المجلس العام للمنظمة الذي تَصدر قراراته بالإجماع. كما دعت ويني بيانيما المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفايروس الإيدز في ديسمبر الماضي، إلى مشاركة التكنولوجيا والمعرفة بشكل علني والتنازل عن حقوق الملكية الفكرية الخاصة باللقاحات لإنتاجها بالحجم والسرعة اللازمين لحماية الجميع.

وتؤيد نغوزي أوكونجو المديرة الجديدة لمنظمة التجارة العالمية، هذه الدعوات، مؤكدة على أهمية كسر احتكار حقوق الملكية الفكرية أمام البحث والتعاون بين القطاعين العام والخاص، لوصول المنتجات الضرورية لمكافحة كورونا إلى كافة دول العالم.

ويرى الخبراء أن براءات الاختراع لم تُصمم للاستخدام أثناء حالات الطوارئ العالمية مثل الحروب أو الأوبئة. حيث تقوم فلسفتها على حماية الابتكارات العلمية من المنافسة غير العادلة لفترة محدودة. إلا أن الجائحة ليست منافسة بين الشركات تستدعي حماية بعض الأطراف، إنما هي سباق جماعي ضد الفايروس، يستدعي مجهودات متكاملة.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية عن أن لقاحات كوفيد تقلل بنحو 40 في المئة من انتقال المتحورة دلتا المهيمنة الآن في العالم، محذرة من أن الناس يقعون ضحية شعورهم الزائف بالأمان.

وحض جيبريسوس الأشخاص الملقحين على مواصلة الالتزام بالوقاية لتجنب التقاط كوفيد – 19 ونشره.

وأشار إلى أنه في الأسبوع الماضي سُجلت أكثر من 60 في المئة من الإصابات والوفيات جراء كوفيد – 19 مجددا في أوروبا.

وقال “إن العدد الهائل للإصابات يشكل ضغطا على الأنظمة الصحية والعاملين بها المنهكين”.

وأضاف “نحن قلقون بشأن الإحساس الزائف بالأمان بأن اللقاحات أنهت الوباء والأشخاص الذين تم تلقيحهم لا يحتاجون إلى اتباع أي إجراءات وقائية”، موضحا “اللقاحات تنقذ الأرواح لكنها لا تمنع انتقال العدوى بشكل كامل”.

وتابع “تشير البيانات إلى أنه قبل وصول المتحورة دلتا، قللت اللقاحات من انتقال العدوى بنحو 60 في المئة. ومع دلتا انخفضت النسبة إلى نحو 40 في المئة”.

وأصبحت متحورة دلتا التي تنتشر بشكل أسرع هي المهيمنة الآن بشكل كبير في جميع أنحاء العالم، بعدما أزاحت جميع المتحورات الأخرى والسلالة الأصلية.

ومن بين 845 ألف سلالة تم تحميلها على مبادرة “غيسيد” العلمية، وهي قاعدة بيانات مفتوحة لسلالات فايروسات الأنفلونزا وكوفيد، مع عينات تم جمعها في آخر 60 يوما، فإن 99.8 في المئة منها تعود إلى سلالة دلتا، وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية الأسبوعي عن الأوبئة.

وقال تيدروس “إذا تلقى الفرد اللقاح فسيكون أقل عرضة للإصابة بأعراض حادة والوفاة، لكن لا يزال معرضا لخطر الإصابة بالعدوى وإصابة الآخرين”.

وأضاف “لا يمكن أن نقول هذا بشكل أوضح: حتى لو تلقى الشخص اللقاح، يجب أن يستمر باتخاذ الإجراءت الوقائية لمنع إصابته، وإصابة شخص آخر يمكن أن يموت”.

ومن المقرر أن يوصي الاتحاد الأوروبي بوضع حدّ زمني مدته تسعة أشهر لصلاحية اللقاحات المضادة لفايروس كورونا لدواعي السفر، وأن يقترح أيضا إعطاء الأولوية للمسافرين الحاصلين على اللقاح، بحسب ما ورد في وثيقة اطلعت عليها وكالة “بلومبرج” للأنباء.

وجاء في الوثيقة أن المفوضية الأوروبية ستقترح في وقت لاحق، أن تستمر الدول الأعضاء في الترحيب بجميع المسافرين الذين حصلوا على اللقاحات المعتمدة من جانب التكتل الأوروبي، وأن تعيد بداية من يناير المقبل فتح أبوابها لجميع أولئك الذين استخدموا اللقاحات المعتمدة لدى منظمة الصحة العالمية، من خلال قائمة اللقاحات المدرجة ضمن الاستخدامات الطارئة.

وبحسب الوثيقة، فإن التحديثات المقترحة تقدم أيضا وضع حدّ زمني جديد لصلاحية سلسلة اللقاحات الأولية، في خطوة من المرجح أن تعمل على تثبيت وضع الجرعات المعززة.

وأظهر إحصاء لرويترز أن أكثر من 258.91 مليون نسمة أُصيبوا بفايروس كورونا المستجد على مستوى العالم، في حين وصل إجمالي عدد الوفيات الناتجة عن الفايروس إلى خمسة ملايين و427953. وتم تسجيل إصابات بالفايروس في أكثر من 210 دول ومناطق منذ اكتشاف أولى حالات الإصابة في الصين في ديسمبر 2019.

17