الإطار التنسيقي يخشى اعتراضات على الموازنة وإعادتها إلى الحكومة

بغداد - أعلن مجلس النواب العراقي مساء الثلاثاء أن جلسة غدا الأربعاء ستكون مخصصة للقراءة الأولى لقانون الموازنة الاتحادية، فيما تخشى بعض القوى في الإطار التنسيقي الشيعي الموالي لإيران من إعادتها إلى الحكومة بسبب اعتراضات بعض الأحزاب.
وكان مجلس الوزراء العراقي، قد وافق في 13 مارس الماضي، على مشروع قانون الموازنة للسنوات 2023 و2024 و2025، تعد الأكبر في تاريخ العراق ما بعد 2003، حيث تبلغ أكثر من 197 تريليون دينار (135 مليار دولار)، فيما تقارب نسبة العجز المقدّرة 63 تريليون دينار عراقي، ومجموع الإيرادات المنتظرة يعادل أكثر من 134 تريليون دينار، بينما تقدر الإيرادات النفطية بـ117 تريليون دينار على أساس سعر نفط يبلغ 70 دولارا، بينما غير النفطية تصل إلى 17 تريليونا.
لكن نواب البرلمان لم يستلموا الموازنة إلا في الأول من أبريل الحالي، فيما كانت الحكومة قد أعلنت إرسالها إلى رئاسة المجلس في 17 مارس الماضي.
وخلال تلك الفترة كانت القوى السياسية منشغلة بتمرير قانون الانتخابات الذي واجه جملة من الاعتراضات، قبل ان يقرر محمد الحلبوسي رئيس البرلمان منح نفسه اجازة الـ 15 يومياً.
فبعد أسبوعين من إرسالها الموازنة إلى البرلمان، قررت الحكومة بشكل مفاجئ خفض إنتاج النفط مما يرجح حدوث عجز يومي يقدر بنحو 25 مليون دولار.
والعجز الأخير يضاف إلى العجز السابق الذي استجد أثناء إعداد الموازنة، المتعلق بتخفيض الدولار والذي قدر بـ 24 مليار دينار يوميا.
وتتساند اعتراضات قوى سياسية مع تلك الأسباب لاحتمالات إعادة الموازنة مرة أخرى إلى الحكومة مثل حصة المدن السنية، اضافة إلى اعتراضات من البرلمان على تسعيرة برميل النفط في الموازنة، ومطالبات شيعية بتخصيصات مالية إلى المحافظات المنتجة للنفط.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر سياسي قريب من الإطار التنسيقي -طلب عدم الإشارة إلى اسمه- قوله إن التحالف الشيعي "في سباق مع الزمن لتمرير الموازنة لأنها تعتبر جزءا من الحملة الانتخابية المقبلة".
ويواجه الإطار التنسيقي ما بات يعرف اعلاميا بـ"الفرصة الأخيرة" في السلطة وهو أمر يرفض قادة التحالف الشيعي التسليم به.
وقال قيس الخزعلي زعيم العصائب في مقابلة مع القناة الرسمية الشهر الماضي تعليقا على تلك الفرص الأخيرة "لا يوجد شيء اسمه الفرصة الأخيرة، هناك عملية سياسية قائمة على الانتخابات".
وبسبب الضغط الذي يشكله تمرير الموازنة عقد الإطار التنسيقي مساء الأحد اجتماعا في منزل القيادي في المجلس الأعلى همام حمودي.
وكانت الدعوة بالأساس للإفطار، ثم جرى بعدها اجتماع بحضور رئيس الوزراء السوداني، ناقش ملفين فقط: الموازنة والانتخابات.
وقبل ذلك كان باسم العوادي المتحدث باسم رئاسة الوزراء قد دعا رئاسة البرلمان والقوى السياسية إلى تكثيف جهودهم لحسم الموازنة.
وذكر العوادي في بيان أن الحكومة "تجدد ثقتها بممثلي الشعب ورئاسة المجلس وحسن تقديرهم للظروف التي يمر بها بلدنا وحاجته الماسّة إلى الإسراع في المصادقة على الموازنة".
وأضاف "تدعو الحكومة النواب ورئاسة مجلس النوّاب والقوى السياسية إلى تكثيف جهودهم لحسمها (ويقصد الموازنة)، لما يترتب على ذلك من تفاصيل لها مساس مباشر باحتياجات المواطنين".
وشدد العوادي على أن "تبقى الموازنة بالشكل الذي بُنيت عليه، أي لثلاث سنوات ولا يمكن للحكومة مواصلة منهاجها إلا بما تمنحه السنوات الثلاث من مرونة في تغطية المشاريع الاستراتيجية، المتعلقة بالبنى التحتية الخدمية المهمة".
وأوضح المتحدث باسم الحكومة ان اقرار الموازنة تتوقف عليه قضايا أساسية مثل "استكمال مشاريع الكهرباء، ومعالجات شحّ المياه، وإعادة المفسوخة عقودهم، فضلاً عن توفير الآلاف من فرص العمل من خلال المشاريع التنموية الجديدة".
وأشار العوادي إلى أن "الموازنة وضعت معالجات لسد العجز وآليات الصرف بشكل رصين ومحكم".
وأعلن العوادي ان رئيس الوزراء مستعد "للحضور إلى مجلس النوّاب، والإجابة عن كل التفاصيل والاستفسارات التي يقدمها أعضاء مجلس النواب بخصوص مشروع الموازنة".
وعلى خلاف توقعات الحكومة فقد تذهب آراء ومواقف بعض التيارات في البرلمان الى إعادة مشروع الموازنة مرة اخرى إلى مجلس الوزراء.
وقال عدنان الجابري عضو لجنة النفط في البرلمان في تصريحات إعلامية "قد يقرر البرلمان اعادة مشروع الموازنة إلى الحكومة مرة أخرى بسبب تخفيض صادرات النفط".
وأضاف الجابري "هذا القرار سيغير من حجم التصدير المنصوص في الموازنة وهي 3.5 مليون برميل يوميا.. وقرار اعادة الموازنة الى الحكومة يحتاج الى تصويت البرلمان".
وكانت الحكومة قد قررت بشكل مفاجئ مساء الاثنين تخفيض 211 ألف برميل يوميا من صادرات النفط ضمن قرارات طوعية لـ 6 دول في أوبك+.
وبحسب منقذ داغر عضو مؤسسة غالوب التحليلية الأميركية أن التخفيض "سيكلف العراق خسارة يومية بنحو 25 مليون دولار".
ويقول داغر في تغريدة على توتير إن "التخفيض سيسبب عجزا مقداره أكثر من 400 ألف برميل نفط يوميا عما موجود في الموازنة".
وهذا العجز يضاف إلى الـ15 تريليون دينار سنويا التي قدرتها اللجنة المالية في البرلمان جراء تخفيض سعر الدولار الى 1300 دينار.
وذكر بيان لوزارة النفط أنه "بهدف اتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهة التحديات التي تواجه السوق النفطية العالمية، ولتحقيق التوازن بين العرض والطلب واستقرار السوق، قررت وزارة النفط خفض الإنتاج الطوعي بمعدل 211 ألف برميل يومياً".
وأوضحت أن خفض الإنتاج سيبدأ "اعتباراً من شهر مايو المقبل وحتى نهاية العام الحالي بالتنسيق مع بعض الدول المنتجة للنفط وبما لا يتعارض مع سياسة الخفض السابقة".
وبعد قرار وزارة النفط العراقية، أعلنت روسيا والسعودية والإمارات والكويت وعمان والجزائر تخفيض إنتاجها النفطي طواعية حتى نهاية 2023.
وكانت تقديرات قد أشارت إلى أن خسائر العراق جراء توقف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي بسبب ما عرف بقضية "التحكيم الفرنسي"، تصل إلى 37 مليون دولار يوميا.
ويقول النائب عدنان الجابري إن "توقف الصادرات من كردستان العراق (400 ألف برميل يوميا) هو أمر موقت وقريبا سيتم الاتفاق على صيغة جديدة لإعادة ضخ النفط".
وسبق أن تداولت معلومات عن احتمال إعلان اتفاق جديد بين بغداد وأربيل يتضمن بيع النفط من كردستان عبر شركة سومو، فيما لا توجد تصريحات رسمية حتى الآن بهذا الشأن.
وتوقعت عضوة سابقة في اللجنة المالية أن تقر الموازنة بشكل نهائي منتصف العام الحالي.
واستغربت ماجدة التميمي عضوة اللجنة السابقة من تأخر إرسال الحكومة مشروع الموازنة إلى أبريل الحالي.
وقالت التميمي في بيان إذا كانت الحجة في تأخر ارسال الموازنة "هو لتقديم مشروع قانون منسجم ومتوافق مع البرنامج الحكومي، لاسيما وأن الحكومة قد منحت عليها الثقة بتاريخ 13 أكتوبر 2022 فنقول إنه وبلا أدنى شك أن هذا من حق الحكومة ويجب أن يكون كذلك ونعتقد أن مدة شهرين ونصف كانت كافية جدا لإجراء التعديلات على مشروع الموازنة والتي كانت معدة سلفا، لتأتي متطابقة مع البرنامج الحكومي، مما يعني انه كان يجب ارسالها الى مجلس النواب بتاريخ 31 ديسمبر2022".
وأضافت "الأمر الأكثر غرابة هو استلام اللجنة المالية للمشروع في الأول من شهر أبريل بشكل رسمي من رئاسة البرلمان، وهذه سابقة خطيرة لم تحصل خلال الدورات السابقة، وإذا ما أضفنا إليها مدة شهر ونصف للمناقشات في اللجنة المالية والمجلس، مما يعني أن الموازنة ستكون نافذة مع بداية شهر يونيو بعد مصادقة رئاسة الجمهورية عليها ونشرها في الجريدة الرسمية".
وتظهر من خلال مناقشات القوى السياسية اعتراضات على حصة المناطق السنية في الموازنة. ويقول كمال كوجر عضو اللجنة المالية "النواب السنة غير راضين عن حصة محافظاتهم ويطالبون بإعادة مشروع الموازنة او تعديله".
بالمقابل هناك اعتراضات في اللجنة المالية ولجان أخرى على تقدير سعر النفط في الموازنة بـ 70 دولارا للبرميل الواحد وتقليله إلى 60 دولارا.
كما ترفض أطراف شيعية تمرير الموازنة إلا بعدة شروط، بحسب ما يقوله النائب عن العصائب عدي عواد.
ويؤكد عواد في بيان "لن نمرر الموازنة إلا بعد ضمان مستحقات البصرة وتحويل ما تبقى من الأجراء والعقود وسلم رواتب عادل وفروقات الحشد وكثير من المظلومية التي تعرضت لها فئات كثيرة".