الإضرار بسمعة الكويت.. من يشوه الصورة؟

تُنهب ثروات البلد، وتحول المناقصات الحكومية في الكويت إلى مغانم شخصية، وتُختلس الأموال العامة، ويتقاضى البعض رواتب استثنائية دون وجه حق. وعندما تُحاول كشف هذه الممارسات من خلال كتابة مقال نقدي، تُتّهم بتشويه صورة البلد!
ويظهر أننا فعلا نشهد تحولاً خطيراً في منظومة القيم والمفاهيم، حيث أصبح مرتكب الظلم معذوراً في نظر الناس، بل ومحترماً ومكرماً، بينما يُتهم من يشتكي من الظلم بكثرة التذمر والشكوى والإزعاج.
ومن يستحوذ على مساحات واسعة من الأراضي دون وجه حق، يُعامل كشخصية مرموقة، بينما من يضع خيمة لتوزيع الطعام في مناسبة دينية أو يستغل امتداد منزله لتوفير مساحة أكبر لعائلته، يُتهم بالاعتداء على أراضي الدولة وتزال مخالفته بالقوة الجبرية.
في جميع أنحاء العالم، ينال الفاسدون عقوبة السجن أو الاحتجاز. بينما في بلادنا، نجدهم يتبوّأون مناصب مرموقة في المجالس والإدارات، ويحظون بمعاملة خاصة. وهم تحديدا الذين يستمتعون بالمطلات الزراعية، ويحتكرون السواحل البحرية، ويحرضون الدولة للتضييق على المواطنين.
◙ أصحاب النفوذ لهم الجولة والدولة معا، فبأيادهم زمام التحكم باقتصاد البلد، يتلاعبون بأسعار مواد البناء، ويحاربون المنتج الوطني ليدفعوه إلى الإفلاس، ويُعيقون مشاريع الترفيه ليُجبِروا الناس على استئجار استراحاتهم
هذا لا يعني أنه لا توجد إجراءات ضد الفاسدين، فمن المؤكد أن هذه القضية من كبرى اهتمامات المسؤولين في الدولة، ولكن تبدأ الإجراءات الرسمية دائما من الأسفل ولا تصعد إلى الأعلى، بل تبقى تراوح مكانها، في الأدوار السفلية فقط.
تبدأ الإجراءات بحجز ممتلكات مواطن عليه أحكام قضائية بمئات الدنانير، وتلاحق مواطنا خالف شروط البلدية في رخصة البناء، وتمنع سفر مواطن تراكمت عليه فواتير شركات الاتصال، وتقبض على مواطن تأخر عن تسديد المخالفات.
ولكن هذه الإجراءات، لا تطال كبار سراق المال العام، ولا تُؤثّر على المتمرسين بغسيل الأموال، ولا تُحاسب صاحب الإعلانات المليونية لخلع الأسنان، ولا تُلاحق من استولى على أراضي الدولة بوضع اليد، ولا تُعالج تضخم أرصدة بعض النواب، ولا تجرم مرشحا مديونا تحول إلى ملياردير بعد الفوز.
ويواجه المشرّعون في أجهزة الدولة عجزاً عن استرداد الأموال التي تمّ الحصول عليها من قبل المتنفذين دون وجه حق، مثل الرواتب الاستثنائية، أو نهايات الخدمة الضخمة، أو البونصات التنفيعية. ولا نرى أي مؤشرات على سعيهم لاسترداد الأموال التي تمّ صرفها.
أصحاب النفوذ لهم الجولة والدولة معا، فبأيادهم زمام التحكم باقتصاد البلد، يتلاعبون بأسعار مواد البناء، ويحاربون المنتج الوطني ليدفعوه إلى الإفلاس، ويُعيقون مشاريع الترفيه ليُجبِروا الناس على استئجار استراحاتهم، ويضعون العراقيل أمام المشاريع الصناعية والتنموية بينما يُشجعون مشاريع المطاعم والكافيهات.
ختاما، لا يُعدّ تسليط الضوء على الفساد تشهيرًا بسمعة البلاد، بل هو عملٌ شجاعٌ وضروريٌّ لتحسين سمعتها على المدى الطويل. إنّ الفساد يهدد الاستقرار والازدهار، ويجب علينا جميعًا أن نتكاتف لكشفه ومواجهته.