الإصلاح الموعود يولد تحديات أكبر أمام البنوك التركية

إسطنبول - تستشعر البنوك التركية مخاطر كبيرة على أعمالها جراء الإصلاح الموعود الذي يشرف عليه فريق اقتصادي بقيادة وزير المالية محمد شيمشك، ومحافظ البنك المركزي فاتح كاراهان.
وأكد هاكان أران الرئيس التنفيذي لإيش بنك في مقابلة مع رويترز أن البنوك ستدفع الضريبة طوال 2025 مع استمرار التحديات الناجمة عن التحول الاقتصادي في البلاد. وتوقع أن يبدأ البنك المركزي في خفض أسعار الفائدة في نوفمبر المقبل.
وكشف أن أكبر بنك خاص في تركيا من حيث الأصول يخطط لتوسيع نطاق وجوده في البنية الأساسية لأنظمة الدفع والمنصات الرقمية والخدمات المصرفية، حيث سيعقد شراكات وعمليات استحواذ جديدة في الخارج.
وتأتي خطة التوسع في الوقت الذي يحتفل فيه إيش بنك بالذكرى المئوية لتأسيسه، وبينما تسعى فيه السلطات إلى القضاء على التضخم المرتفع بأسعار فائدة مرتفعة وإجراءات تشديد أخرى ضغطت على الميزانيات العمومية للقطاع المالي.
وقال أران في المقابلة التي أجريت في مقر إيش بنك في إسطنبول “أعتقد أن الصعوبات ستستمر أيضا طوال العام المقبل. سنستمر جميعا في دفع الثمن من أجل ضمان استقرار الأسعار وخفض التضخم”.
وأضاف “ستتغلب البنوك على هذه العملية بتدهور هامش الفائدة الصافي هذا العام، وتدهور جودة الأصول العام المقبل”.
وتابع أران أن “جودة الأصول بدأت بالفعل في التآكل في يوليو، في حين تتعرض هوامش الفائدة الصافية لضغوط خطيرة”.
واستطرد قائلا إن “عائد البنوك على حقوق الملكية آخذ في الانخفاض. وإذا تم تكليفنا بإجراء محاسبة التضخم، فمن المحتمل أن تعلن العديد من البنوك عن خسائر.. يبدو أن البنوك مربحة الآن لأنه لا توجد محاسبة للتضخم”.
وتوقعت وكالة فيتش أن تنخفض ربحية البنوك عموما في 2024 نظرا لضغوط الهامش وارتفاع تكاليف الودائع والمقايضة وارتفاع رسوم انخفاض قيمة القروض والضغط المستمر على نفقات التشغيل وانخفاض المكاسب المرتبطة بمؤشر التضخم.
وغطي تقرير مراقبة البيانات الذي نشرته وكالة التصنيف الائتماني في أبريل الماضي، 13 بنكا ينشط في تركيا، بما يمثل 83 في المئة من إجمالي أصول القطاع المصرفي التركي البالغ حجمها 940 مليار دولار.
ووفقا لغرفة اتحاد البنوك التركية، تنشط في السوق المحلية 47 مؤسسة بنكية، منها بنك تركيا للأعمال، وهو الأكبر على الإطلاق، إلى جانب بنوك خلق وزراعات وفاكيف، ويعمل شق منها بمجال الصيرفة الإسلامية.
وتعول تركيا بشكل كبير على القطاع المصرفي باعتباره من الركائز الأساسية التي تشجع على الاستثمارات في مختلف القطاعات، حيث تقدم العديد من الخدمات المالية التي تسهل عمليات الدفع وتحويل الأموال وتمويل المشاريع.
ولذلك، استبعدت الحكومة العام الماضي البنوك من الشركات، التي تطبق أساليب المحاسبة المعدلة للتضخم على ميزانياتها العمومية بسبب المخاوف من أن يؤدي ذلك إلى خسائر في عائدات الضرائب.
ومنذ يونيو 2023، رفع المركزي الفائدة إلى 50 في المئة من 8.5 في المئة لعكس سنوات من سياسات الأموال السهلة غير التقليدية في عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي دعم التحول.
وانخفض التضخم إلى أقل من 62 في المئة الشهر الماضي ومن المتوقع أن يستمر في التباطؤ، مما يمهد الطريق لخفض أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة.
وتوقع أران أن يبدأ البنك المركزي في تخفيف السياسة النقدية في نوفمبر بخفض 250 نقطة أساس، وهو ما يتماشى تقريبًا مع توقعات المحللين. وتوقع أن ينخفض المعدل إلى 45 في المئة بحلول نهاية العام وإلى 25 في المئة بحلول نهاية عام 2025.
وقال إن بيانات التضخم في سبتمبر، التي تصدر في أوائل أكتوبر، “ستشهد على الأرجح تضخمًا سنويا أقل من 50 في المئة، بينما سيظل سعر الفائدة أعلى من ذلك. لذلك أعتقد أنه قد يكون هناك خفض تدريجي لسعر الفائدة بدءا من نوفمبر”.
وظل التضخم أعلى بكثير من هدف البنك المركزي البالغ 5 في المئة لسنوات. وتوقع أران انخفاضا إلى 42 في المئة بحلول نهاية العام وإلى 20 في المئة بعد عام، وهو أعلى قليلاً من التوقعات الرسمية.
940
مليار دولار أصول أكبر 13 بنكا تركيا من أصل 47، بحسب تقييمات لوكالة فيتش
وقال إن “توقعات أسعار الأسر يجب أن تتقارب مع توقعات البنك المركزي الأقل بكثير في عام 2025”. ولفت إلى أنه سيحافظ على موقفه الصارم في السياسة النقدية ما لم يكن هناك خطر “غير عادي” أو عودة اتجاه الدولرة.
ويتوقع أن تضعف العملة التركية إلى 38 مقابل العملة الأميركية بحلول نهاية عام 2024. وقد لامس الدولار 34 ليرة لأول مرة في تاريخه يوم الجمعة الماضي.
وتأسس إيش بنك في عام 1924 لتمويل التنمية الصناعية وتوسيع مدخرات الأسر في المقام الأول، وتبلغ الآن قيمته ما يقرب من 10 مليارات دولار. ولديه خطط دولية طموحة.
وقال أران، الرئيس التنفيذي منذ عام 2021، إن المقرض “يهدف إلى أن يكون من بين البنوك الكبرى على مستوى العالم، من حيث اتساع المناطق الجغرافية التي يعمل فيها وعدد الزبائن الذين يخدمهم”.
كما أشار إلى أن البنك يقيم عمليات الاستحواذ والشراكات المحتملة المتعلقة بالخدمات المصرفية الرقمية وأنظمة الدفع في الخارج، وخاصة في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأوضح أن جزءا كبيرا من الدخل سيأتي في الأمد المتوسط من البنية التحتية للمدفوعات والخدمات المصرفية الرقمية.
وأكد أران أن البنك يهدف أيضًا إلى أن يكون مركزا إقليميا للتكنولوجيا المالية، مدعومًا بالاندماج الأخير لشركته الفرعية مؤسسة موكا للدفع مع شركة أوديمي بيرليسيك.
وقال “حاليًا، يأتي 90 في المئة من الدخل من الخدمات المصرفية التقليدية و10 في المئة من هذه المنصات الجديدة. نتخذ خطوات لتقريب هذه النسبة إلى بعضها البعض في السنوات الخمس المقبلة”.