الإصلاح السياسي في الأردن محل تشكيك

عمان - شكك رئيس الوزراء الأردني السابق عبدالرؤوف الروابدة السبت في فعالية القوانين الجديدة للإعداد للحياة السياسية البرلمانية في الأردن، واستجابتها لتطلعات المواطنين، في وقت يعول فيه النظام الأردني على حزمة إصلاحات سياسية طال انتظارها، لامتصاص الغضب الشعبي وتوسيع المشاركة في الحياة العامة.
واستعرض الروابدة، خلال ندوة نظمها “صالون السبت الثقافي: القراءة حياة” السبت في مركز الحسين الثقافي براس العين، حول كتاب “هكذا أفكر: آراء ومواقف”، بتنظيم من دائرة المرافق والبرامج الثقافية بأمانة عمان، تجارب الأحزاب الأردنية منذ عودة الديمقراطية، معبّرا عن عدم تفاؤله بالعمل الحزبي “في ظل تشتته وغياب البرامجية”.
وأوضح أن “الأحزاب لدينا كل منها يمثل اتجاها، منها الديني ومنها القومي واليساري وغير ذلك، لكن لا توجد أحزاب برامجية”.

عبدالرؤوف الروابدة: القوانين الجديدة تؤسس لاستمرار الانفلات الحزبي
بل وذهب إلى أن القوانين الجديدة الموجودة (الأحزاب والانتخاب المعدلين) “أسست لانفلات حزبي.. وهو انفلات سيستمر.. ومن يعتقد بأن الأحزاب التي قامت حديثا ستكون بديلة، أقول: إن شاء الله.. أملي بذلك”!
ورغم تأكيده على أهمية الأحزاب في العملية الديمقراطية، فإنه لا يرى أن الأحزاب الحقيقية موجودة حتى الآن، “وثمة العشرات من الأحزاب الصغيرة والمتقاربة في الفكر والسياسة ودون برامج أو توحيد. لم تنشأ في الأردن أحزاب سياسية.. ما عندنا أحزاب أشخاص.. أو أخرى قائمة على أيديولوجيات”.
واقترح أن تكون هناك هيئة مستقلة للأحزاب، لا تقبل ترخيص حزب جديد إن كان هناك حزب قائم يتفق مع المتقدم ببرنامجه، ولتطلب منه إنهاء الانضمام إلى الحزب القائم. وقال “أما أن تكثر عدد الأمناء العامين ورؤساء الأحزاب فلن يعمل ذلك عملا حزبيا”.
وكشفت السلطات الأردنية مؤخرا عن ضمانات تحمي الشباب المنتسبين إلى الأحزاب السياسية من أي مساءلة قانونية، في مسعى لتشجيع الشباب على الانخراط في العمل الحزبي، وذلك استعدادا لمرحلة الحكومات البرلمانية المنتخبة التي يراهن عليها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني كأحد أبرز الإصلاحات السياسية التي طال انتظارها في المملكة.
ويسعى الأردن من خلال هذه الخطوة إلى التحضير لميلاد حكومات برلمانية تقطع مع نموذج الحكم الحالي ويكون للشباب فيها دور محوري، لكنها تكشف أيضا تخوف الساسة الأردنيين من عدم تحمس شريحة كبيرة من الشباب للتجربة القادمة، نتيجة المضايقات التي يتعرضون لها والتي تحرمهم من ممارسة الفعل السياسي عبر ترسانة من القوانين العقابية.
وتلوم الأحزاب الأردنية المعارضة السلطات الأردنيةَ على ترهيب الشباب والتضييق عليهم بسبب الانتماء إلى الأحزاب، لكن تلام هي الأخرى على تغييبها الشباب من مراكز القيادة فيها، أو من مشاريع إصلاحية تطلقها.
شريحة كبيرة من الشباب غير متحمسين للتجربة القادمة، نتيجة المضايقات التي يتعرضون لها والتي تحرمهم من ممارسة الفعل السياسي عبر ترسانة من القوانين العقابية
وتقول المحللة السياسية لميس أندوني “هناك إحباط عام من العمل السياسي، وغياب للأمل والأفق، وأيضا اليوم في الأردن يتم تأسيس أحزاب جديدة بدعم كامل من أجنحة الدولة، وهذا خطير لقتل الأحزاب القديمة التي يجب أن تغير خطابها، وأن يشعر الشباب لديها بأن لهم دورا ومشاركة فعلية”.
وعدلت السلطات الأردنية قانون الأحزاب، ووضعت نصوصا تجرّم من يضيق على الحزبيين بسبب انتمائهم الحزبي، ومن مخرجات القانون الذي يعد من نتاج اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية أن “لا تقل نسبة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة عن 20 في المئة من عدد المؤسسين للحزب”.
ويرى مراقبون أن مواصلة السلطات الأردنية اعتقال المعارضين السياسيين وسجن أصحاب الرأي المخالف تسلط الضوء على أزمة الحكم في المملكة.
ويقول هؤلاء إن مواصلة الاعتقالات السياسية على الرغم من انطلاق “قطار التغيير السياسي” من خلال اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، تشير إلى الشكوك الموجودة أصلا بشأن الغاية من التغيير، وهل أنها فعلية أم شكلية لتهدئة الرأي العام.