الإشاعات حول القرارات الإصلاحية في الكويت: مجرد عبث أم بالونات اختبار

موجة طلبات الإحالة على التقاعد استباقا لمعلومات مغلوطة بشأن تغيير قانون التأمينات نموذج عن التأثير العملي للإشاعة.
الاثنين 2024/09/23
أزياء الشرطة لم تسلم من الإشاعة

الكويت- تبذل السلطات الكويتية جهودها في محاصرة ظاهرة الإشاعة التي استشرت مستفيدة من توفّر منابر مخاطبة طيف واسع من المتلقّين ووقوعها بين أيدي غالبية أفراد المجتمعات المتاح لهم استخدامها في بث الآراء والمواقف ونشر المعلومات بغض النظر عن مدى صدقها ودقتّها.

وتختلف نوعية الإشاعات الرائجة في الكويت بين تلك البسيطة والسطحية التي ينصبّ اهتمام مطلقيها على مجرّد الإثارة ولفت الانتباه وزيادة عدد المتابعين على بعض المنصّات، وتلك المسيّسة التي يطلقها أصحابها على سبيل بالونات الاختبار، وحتى على سبيل توجيه اهتمام الرأي العام نحو قضايا محدّدة ومحاولة التأثير في موقفه منها.

ويمكن تصنيف إشاعة تغيير أزياء منتسبي وزارة الداخلية ضمن الصنف الأول من الإشاعات السطحية، لكن في المقابل لا يمكن تصنيف كثرة الإشاعات حول قرارات إصلاح بعض أجهزة الدولة وتغيير القوانين والنظم المتحكمة فيها إلاّ في السياق المسيّس وغير البريء.

لم تستبعد مصادر كويتية أن تكون إشاعة تغيير قوانين التأمينات جزءا من حملة مسبقة تستهدف استثارة الرأي العام ضدّ أي إصلاحات قد تطال القطاع مستقبلا

وتحوّل موضوع الإصلاح في الكويت خلال الفترة الأخيرة إلى مشغل رئيسي وأصبحت القرارات التي قد تتخذ في نطاقه محط اهتمام الرأي العام، خصوصا إذا كانت  تلك القرارات ستؤثر على مستوى رفاه المواطنين وتقلّص من الامتيازات الممنوحة لهم من قبل الدولة.

وعلى هذه الخلفية لقيت إشاعة التغيير في قوانين الضمان الاجتماعي ونظمه رواجا كبيرا وتفاعلا من مستخدمي وسائل التواصل ورواد منصاته، ما دفع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعي لنفي صدور أي قرار في ذلك الاتّجاه.

وقالت المؤسسة في بيان إنه لم يطرأ أي تغيير على قوانين التأمينات المعمول بها. وأوضحت أن إجراءات التقاعد لا تزال قائمة كما هي دون أي تعديل لا سيما في ما يخص المكافأة المالية والسن المطلوبة لتقاعد الرجل والمرأة، داعية إلى اعتماد حساباتها الرسمية في وسائل التواصل وموقعها الإلكتروني لمعرفة الأخبار.

وإلى جانب وجود قوى وشخصيات كويتية داعمة للإصلاح بما في ذلك الذي يستدعي تقليص التقديمات الاجتماعية وفرض بعض الضرائب، توجد قوى كثيرة أخرى كانت ممثلة في البرلمان الذي وقع حله مؤخرا من قبل أمير البلاد وتعارض بشكل جذري أي مساس بامتيازات المواطنين، في سياق تسويق نفسها كمدافعة عنهم وحامية لمصالحهم.

ولم تستبعد مصادر كويتية أن تكون إشاعة تغيير قوانين التأمينات جزءا من حملة مسبقة تستهدف استثارة الرأي العام ضدّ أي إصلاحات قد تطال القطاع مستقبلا كونه موضوع بالفعل على طاولة الدرس والتمحيص لاتخاذ قرارات بشأنه قد لا تكون بالضرورة هي تلك التي راجت من خلال الإشاعة المذكورة.

وفي أوضح مثال على ما يمكن للإشاعة إن تحدثه من تأثير عملي قد يطال الحياة العامّة وسير المؤسسات. فجّرت إشاعة وجود توجّه لإلغاء مكافأة نهاية الخدمة لموظفي الدولة أو تقليصها موجة طلبات بالإحالة للتقاعد، خصوصا من جانب مديري المدارس وأصحاب المناصب الإشرافية في وزارة التربية ومن مسؤولين في وزارات أخرى، أبرزها وزارة الشؤون الاجتماعية حيث تجاوزت طلبات التقاعد في الوزارتين ثماني مئة طلب خلال أسبوع تقريبا بهدف الحصول على مزايا المكافأة قبل إلغائها، وذلك وفقا لما أوردته وسائل إعلام محلية.

السلطات الكويتية تحمل مسألة الإشاعات على محمل الجد وتعمل على محاصرتها والحدّ من تأثيراتها المحتملة على وحدة المجتمع واستقراره

وتحمل السلطات الكويتية مسألة الإشاعات على محمل الجد وتعمل على محاصرتها والحدّ من تأثيراتها المحتملة على وحدة المجتمع واستقراره. وقالت صحيفة النهار المحلية إنّ “السلطات الأمنية تكثف جهودها للتوصل إلى من يقف وراء جملة الاشاعات التي غزت وسائل التواصل الاجتماعي في الأسبوعين الماضيين وتسببت بحالة من الهلع المجتمعي وكذلك أثرت على مجريات الأعمال في الجهات الحكومية”.

ونقلت عن مصادر قولها إنّ “الرصد اليومي لما يتم تداوله كشف عن حملات منظمة لبث الإشاعات من بعض الحسابات الوهمية التي تدار في غالبيتها من خارج البلاد، مؤكدة أن التتبع سيشمل كل من يتعامل معها من الداخل للوصول إلى من يحركها ومن يقف وراءها”.

وطالت إحدى الإشاعات وزارة الداخلية نفسها وروجت لتغيير في أزياء منتسبيها حتى أنّها تضمّنت نشر صور للأزياء الجديدة المزعومة. ونفت الوزارة ما تم تداوله بشأن اعتماد زي جديد لمنتسبيها من الضباط وضباط الصف والأفراد، موضحة أن الاجتماعات التي عقدت أخيرا كانت تنسيقية، وتم خلالها استعراض تصاميم عدة وألوان مقترحة لزي رجال الأمن.

وأكدت أن التصاميم لا تزال قيد الدراسة، مشددة على أن القرار النهائي بشأن اعتماد الزي الجديد سيتم بعد عرضه على أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الذي يمتلك قرار الاعتماد.

ودعت الوزارة وسائل الإعلام والجمهور إلى تحري الدقة واستقاء المعلومات من المصادر الرسمية، تجنبا لنشر الأخبار غير الصحيحة موضحة أن أبواب الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني مفتوحة على مدار الساعة للرد على أي استفسارات تتعلق بالشأن الأمني.

3