الإسلاميون يشددون وصايتهم على الكويتيات: منع جلسة يوغا في الصحراء

الكويت- منعت وزارة الداخلية الكويتية جلسة يوغا نسائية كان مقررا تنظيمها في الصحراء، بعد مطالبة نائب إسلامي بإلغائها بحجّة أنها أمر “خطير” و”دخيل” على المجتمع الكويتي المحافظ، رغم كونه الأكثر انفتاحا في الخليج.
ويقول متابعون للشأن الكويتي إن هذه الحادثة تظهر حجم نفوذ الإسلاميين الذين صار هدفهم الآن منع أي مكاسب يمكن أن تحصل عليها المرأة الكويتية، بعد تعطيل مشروع تجنيد النساء في الجيش سابقا ثم راهنًا منْع جلسة يوغا نسائية في قلب الصحراء.

أريج حمادة: النائب تعدّى على الدستور والحريات الشخصية وقرّر أن يفرض الوصاية على المجتمع
وأضاف المتابعون أن الإسلاميين بمختلف مسمياتهم وجدوا في ضعف الحكومة وسعيها لتلافي أي شكل من أشكال الصدام معهم -خاصة في مجلس الأمة (البرلمان)- فرصة للاستمرار في فرض أفكارهم على الناس، ولاسيما ممارسة الوصاية على النساء بما يتناقض مع طبيعة الشعب الكويتي ومع مسار الانفتاح الاجتماعي الذي تشهده دول الخليج.
وكانت مدرّبة اليوغا الكويتية إيمان الحسينان أعلنت عبر حسابها على إنستغرام في السادس والعشرين من يناير الماضي تنظيم رحلة يوغا للنساء فوق 18 عامًا إلى منطقة الزور في صحراء الكويت.
وتشمل الجلسة “التنفّس السليم والاسترخاء وتمارين يوغا وجلسة تأمل” بحضور شخصيتين ملهمتين في الكويت هما الغوّاص فيصل الموسوي ومستشار العلاقات الإنسانية سعد الرفاعي.
لكنّ النائب حمدان العازمي طلب هذا الأسبوع منع الرحلة، وكتب في تغريدة على تويتر “نشدّد على وزير الداخلية سرعة التحرّك ووقف هذه الممارسات ومحاسبة من منح لها التراخيص فورًا”، مضيفًا “هذا أمر خطير”.
ولطالما دفعت الكويتيات نحو تخطي قيود مجتمعهن الذي يُعتبر من أكثر المجتمعات انفتاحًا في المنطقة. وفي العام الماضي تحدّين الأعراف المحافظة وثقافة “العار” للتحدّث علنًا وللمرة الأولى ضدّ التحرّش.
وكثيرا ما يشكو الكويتيون مما يسمّونه تسلّط قوى دينية متشدّدة على المجتمع ومحاولتها ممارسة الوصاية عليه، ويقولون إنّ المتشددين دينيّا نجحوا في التأثير على سياسات الدولة وصياغة قوانينها، محذّرين من أنّ أخطر تأثير لهؤلاء هو ما يمسّ قطاعات حساسة مثل التعليم والقضاء، حيث يسعون لتمرير تعديلات قانونية كي يمنعوا النساء من العمل في القضاء.
وشرحت مدربة اليوغا في التسجيل الذي نشرته على وسائل التواصل الاجتماعي “أكدنا بالفعل على ضرورة ارتداء الملابس المناسبة للمشاركة في الجلسات وهي ملابس محتشمة (…) لكنني كنت تعرّضت لهجوم شرس. لقد عرضوا صورة للحدث بشكل مهين، وتصويره على أنه غير أخلاقي”.

النائب حمدان العازمي طلب منع الرحلة بحجة العادات والتقاليد
وتابعت “هذه الإسقاطات ليست انعكاسًا لأخلاقي أو أخلاق أي كويتي أو كويتية”.
من جهتها قالت محامية تدعى أريج حمادة إنّها تقدمت بشكوى إلى رئيس مجلس الأمة ضدّ النائب العازمي.
وأضافت لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ “النائب تعدّى على الدستور والحريات الشخصية وقرّر أن يفرض الوصاية على المجتمع بحجّة عاداته وتقاليده”.
واعتبرت أنّ “تدخلات بعض النواب في الحياة الشخصية للنساء زادت خلال الفترة الأخيرة، وأصبح البعض يستغلّ سلاح المرأة وحرياتها لإرهاب الحكومة”.
وسبق للعازمي أن أثار سجالاً عندما استجوب وزير الدفاع في يناير بشأن قرار السماح للنساء بالانضمام إلى الجيش في الأدوار القتالية لأول مرة.
وبعد ذلك فرضت وزارة الدفاع قواعد جديدة على النساء الملتحقات بالجيش، بما في ذلك ضرورة ارتداء الحجاب والحصول على إذن من ولي الأمر للانضمام، وعدم السماح لهنّ بحمل السلاح.
لكن التنازلات الحكومية لم تجعل الإسلاميين يتراجعون عن ضغوطهم لتعطيل فكرة التحاق النساء بالجيش، ما اضطر وزارة الدفاع إلى الاستجابة لمطلب التعطيل. ووجه وزير الدفاع الشيخ حمد الجابر العلي الصباح بتأجيل إقامة الدورة التدريبية للدفعة النسائية الأولى في الجيش حتى صدور فتوى شرعية في هذا الخصوص، في تناقض مع تصريحات سبق وأن أدلى بها الوزير وقال في أحدها “إن قرارات الجيش لا رجعة فيها”.
وكان “تجمع ثواب الأمة” السلفي قد شن هجوما على وزير الدفاع، مشددا على أن هناك محاذير شرعية واجتماعية تمنع إشراك المرأة في الجيش.

إيمان الحسينان: هذه الإسقاطات ليست انعكاسًا لأخلاقي أو أخلاق أي كويتي أو كويتية
واعتبر الأمين العام للتجمع محمد هايف المطيري أن دخول المرأة إلى معسكرات الجيش أمر دخيل على هوية الكويت الإسلامية وعادات وتقاليد الشعب الكويتي.
ودعا هايف نواب مجلس الأمة إلى التحرك “ضد هذا الوزير وضد قراره الارتجالي وغير المنطقي”، متسائلا “كيف يتم زج بنات الكويت في المعسكرات؟”، وقال للشيخ جابر حمد العلي الصباح “تقول إن البنات لازم نسويهم بالرجال (تقول يجب أن نحقق المساواة بين البنات والرجال).. لا يا أخي لا نريد هذه المساواة”.
كما انضم نواب إسلاميون حاليون وسابقون إلى الحملة ضد وزير الدفاع، وتساءل النائب المثير للجدل وليد الطبطبائي عما “إذا كان هناك نقص حقيقي في الذكور؟ حتى يتم إقحام بناتنا الغاليات في ميدان لا يتناسب معهن”.
وقال في مقطع فيديو نشره على صفحته في تويتر “قبل فترة دعت الحاجة إلى تأنيث تدريس المرحلة الابتدائية بسبب النقص في الكوادر الذكور والزيادة في الكوادر الإناث، وأيضا لقدرة العنصر النسائي على التدريس في المرحلة الابتدائية أكثر من الذكور”، مضيفا “اليوم في موضوع تأنيث الجيش، ما هي الحاجة؟ هل هناك نقص في الرجال؟ وهل السيدات أكفأ في الحروب من الرجال؟”.
وكان الجيش الكويتي قد أعلن في الثاني عشر من أكتوبر الماضي عن فتح باب التسجيل للمواطنات الكويتيات للالتحاق بالجيش، وذلك بعد سنوات من التحاقهن بسلك الشرطة والحرس الوطني والقضاء ودخولهن مؤسستي البرلمان والحكومة.
وخلافا لسائر دول المنطقة تتمتّع الكويت بحياة سياسية نشطة ويحظى برلمانها (مجلس الأمة)، الذي ينتخب أعضاؤه لولاية مدتها أربع سنوات، بسلطات تشريعية واسعة ويشهد مناقشات حادّة في الكثير من الأحيان.
وكانت الكويت أول دولة خليجية عربية تتبنى نظاما برلمانيا عام 1962. ومنحت المرأة حق التصويت والترشح للانتخابات سنة 2005.