الإسلاميون في الأردن يناكفون بالتشكيك في الوصاية الهاشمية على المقدسات

اتفاقية الطاقة مقابل المياه ورقة إخوانية لإعادة التموقع.
الاثنين 2022/01/17
لا مساومة ملكية على الوصاية الهاشمية

رغم إجماع محللين اقتصاديين على أن اتفاقية الطاقة مقابل المياه بين الأردن وإسرائيل ستكون لها محاسن اقتصادية كبيرة تعود بالنفع على كلا البلدين، يصر الإسلاميون في الأردن على تصوير الاتفاقية المزمع توقيعها على أنها تمس من الوصاية الهاشمية على المقدسات الفلسطينية.

عمّان - يصر الإسلاميون في الأردن إضافة إلى أوساط فلسطينية على ربط إعلان النوايا الذي وقعه الأردن مع إسرائيل بشأن تبادل الطاقة مقابل المياه بالوصاية الهاشمية على المقدسات الفلسطينية، رغم تأكيد القيادة الأردنية ممثلة في العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أنه لا تراجع عن الوصاية مهما كان البديل أو الثمن.

وفي الثاني والعشرين من نوفمبر الماضي، وقع الأردن وإسرائيل إعلان نوايا للدخول في عملية تفاوضية للبحث في جدوى مشروع مشترك للطاقة والمياه.

وينص إعلان النوايا على أن يعمل الأردن على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية لصالح إسرائيل، بينما تعمل تل أبيب على تحلية المياه لصالح الأردن.

رومان حداد: الوصاية الأردنية على المقدسات قرار دولي مهم لا يمكن تجاوزه

ويرى المحلل السياسي رومان حداد أن “الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية بالأساس، تسعى إلى تثبيت الحقوق، وهي معترف بها دوليا”.

ويضيف حداد “الوصاية دفعت بقرارات أممية مهمة، من ضمنها الاعتراف من الأمم المتحدة أن الحرم القدسي بأكمله للمسلمين”.

وشدد على أن “الوصاية قرار دولي مهم لا يمكن تجاوزه، بتثبيت الحقوق على المستويين العربي والعالمي، ومنع أي محاولة لانتقاصها على أساس قانوني، لاسيما في هذه المرحلة الصعبة”.

وتابع “علينا إدراك أن عدم الحضور الأردني على الأرض في الضفة الغربية أو القدس، يعني تعذر حماية الحرم بشكل مباشر”.

وفي المقابل يشير إعلان النوايا بخصوص تبادل المياه والكهرباء، وزيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس للأردن مؤخرا، إلى بدء التحركات لإعادة العلاقات بين الجانبين، وقد تؤدي إلى تعزيز حالة الوصاية وتقليل الانتهاكات.

ويتوقع محللون أن تؤدي اتفاقية الطاقة مقابل المياه إلى تحريك العلاقات الراكدة بين البلدين على عدة أصعدة اقتصادية منها وسياسية وهو ما سينعكس بصورة إيجابية على القضايا الخلافية وأهمها الوصاية الهاشمية على المقدسات الفلسطينية.

ويشير هؤلاء إلى أن الأردن مهم تاريخيا واستراتيجيا لإسرائيل وعلاقته الحسنة مع تل أبيب، تصبّ في مصلحة عمان والقدس في الكثـير من المناحي.

وتمارس المملكة الأردنية الهاشمية مسؤوليتها تجاه المقدسات في القدس انطلاقا من الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وقد ارتبط الهاشميون تاريخيا، جيلا بعد جيل، بعقد شرعي مع المقدسات الإسلامية.

وفي عام 1924، تكرست الرعاية الهاشمية للمقدسات في القدس، وتأكدت الوصاية الهاشمية حين انعقدت البيعة والوصاية للشريف الحسين بن علي من أهل فلسطين والقدس.

وقد آلت الوصاية إلى الملك عبدالله بن الحسين، بما في ذلك الوصاية على الأماكن المقدسة المسيحية، وانطلاقا من البيعة والوصاية، تولى الشريف الحسين بن علي إعمار المسجد الأقصى والحرم القدسي حيث يعتبر هذا الإعمار الهاشمي الأول.

بدء التحركات لإعادة العلاقات بين الأردن وإسرائيل يؤدي إلى تعزيز حالة الوصاية لا المسّ منها أو رفعها

وأصبحت القدس الشرقية، كبقية مناطق الضفة الغربية، عام 1950، جزءا من المملكة الأردنية الهاشمية بعد إعلان الوحدة بين الضفتين، وخلال هذه الفترة، من عام 1948 إلى عام 1967، تعززت الرعاية الأردنية للمقدسات.

وفي اتفاق تاريخي، وقعه العاهل الأردني والرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان في شهر مارس 2013، أعيد التأكيد على الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة، وأن الملك عبدالله الثاني هو صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس.

وتعتبر دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى دائرة أردنية تتبع وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية، ويبلغ عدد موظفيها أكثر من 800 موظف، يعينون من قبل وزارة الأوقاف وشؤون والمقدسات الأردنية.

وتقوم الدائرة بالإشراف على شؤون المسجد الأقصى والحرم القدسي، كما تقوم بالإشراف على مساجد مدينة القدس التي يزيد عددها عن (102) مسجد وتقوم بإعمارها ورعايتها وصيانتها والوعظ والإرشاد بها.

وأكد العاهل الأردني مرارا على دعمه لصمود المقدسيين وحفاظهم على الهوية العربية والإسلامية للمدينة المقدسة، مشددا على الاستمرار بنهج الآباء والأجداد من الملوك الهاشميين الذين ضحوا في سبيل الحفاظ على المقدسات في القدس.

وشدد الملك عبدالله الثاني على الاستمرار في تحمل المسؤولية التاريخية والدينية في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس والدفاع عنها، من منطلق الوصاية الهاشمية عليها، مضيفا “لا نقبل أي مساومة على القدس والمقدسات”.

ورغم تأكيد العاهل الأردني مرارا على استمرار الوصاية الهاشمية والعمل على المزيد من تعزيزها، لا يدخر الإسلاميون في الأردن إضافة إلى عدد من الحساسيات الفلسطينية في استثمار أي “تقارب” أردني إسرائيلي حتى وإن كان اقتصاديا وسيعود بالمنفعة على الجميع في مناكفة السلطة ومحاولة إحراجها شعبيا.

ويقول محللون إن الإسلاميين يضخمون مواضيع الوصاية والتطبيع مع إسرائيل لتحشيد الشارع الأردني والإيهام بأنهم قوة تعبئة جماهيرية يفضل التعامل معها لا إقصاءها، أملا في إعادة التموقع داخل الخارطة السياسية.

وحظي الإسلاميون بهزيمة كبيرة خلال الانتخابات التشريعية الفارطة، ما وضعهم على الهامش داخل البرلمان الأردني.

2