الإسرائيليون يتوجهون للاقتراع في انتخابات مصيرية لنتنياهو

القدس - يدلي الناخبون الإسرائيليون بأصواتهم الثلاثاء، في محاولة لإنهاء حالة التشرذم السياسي في البلاد ووضع حد لأطول فترة جمود تشهدها الدولة العبرية، وتحديد مصير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وتشهد إسرائيل رابع انتخابات في أقل من عامين فيما يأمل نتنياهو الذي يتولى منصب رئيس الوزراء لأطول فترة في تاريخ إسرائيل، في تحقيق فوز جديد.
وأثبت نتنياهو المستمرّ في منصبه منذ العام 2009 من دون انقطاع على مدى سنوات عدة عدم قدرته على تشكيل حكومة غالبية مستقرّة.
وتختلف مواجهة نتنياهو هذه المرة إذ إنّها تأتي بعد قيادته جهودا حثيثة للتطعيم ضد فايروس كورونا في حملة تلقيح حقّقت نجاحا كبيرا، وتعتبر الأسرع في العالم على مستوى الأفراد بعد تطعيم أكثر من نصف سكان إسرائيل الذين يزيد تعدادهم عن تسعة ملايين نسمة بجرعة أولى ونحو 49 في المئة بالجرعة الثانية من لقاح فايزر/بايونتيك.
ويختار الناخبون بشكل أساسي بين الكتل التي تدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي وتلك التي تسعى إلى الإطاحة به.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أنّ نتنياهو وحزب الليكود الذي يتزعمه سيحصلان على أكبر عدد من المقاعد داخل البرلمان، لكن سيبقى رئيس الوزراء بحاجة إلى التحالف مع أحزاب أخرى لضمان الغالبية في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا.
وعليه، فإنّ إسرائيل أمام ثلاث نتائج محتملة: إما ائتلاف جديد بقيادة نتنياهو أو حكومة منقسمة توحّدها المعارضة، أو انتخابات مبكرة خامسة.
وتأتي انتخابات الثلاثاء قبل أسبوعين فقط على بدء مرحلة تقديم الأدلة في أبريل لمحاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بتهم فساد.
ويحاكم نتنياهو حاليا بتهم تتعلّق بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، وهي تهم ينفيها جميعا إلا أنها ساعدت في تأجيج تظاهرات أسبوعية تنظم ضدّه أمام مقرّ إقامته في القدس.
وكرّر نتنياهو أنه لن يسعى إلى عرقلة محاكمته وأنه يتطلع إلى تبرئته، وهو أمر يشكّك فيه منتقدوه الذين يعتقدون أنّه وفي حال حصل على الغالبية فإنه سيعمل على اتخاذ إجراء برلماني لتأجيل محاكمته أو إغلاق الملف.
ولكي يتمكّن من تشكيل الحكومة، يتعيّن على زعيم حزب الليكود التحالف مع الأحزاب الصغيرة التي تسيطر على عدد قليل من المقاعد، وقد يشكل تحالفا جديدا أكثر يمينية مع حزب "الصهيونية الدينية".
وفي حال تجاوز حزب "الصهيونية الدينية" نسبة الحسم البالغة 3.25 في المئة على ما توقّعت له استطلاعات الرأي، فسوف يصل إلى الكنيست إيتمار بن غفير الذي رحّب بقتل 29 مصليا فلسطينيا في الخليل في العام 1994 على يد المتشدد باروخ غولدشتاين.
ويلقى احتمال دخول بن غفير الكنيست معارضة أعضاء بارزين في البرلمان مثل العضو في الليكود ووزير الطاقة يوفال شتاينتس، الذي صرّح بأنّه من غير المناسب الجلوس مع بن غفير الذي لم يوافق على الانضمام إلى نتنياهو من دون ضمان دور واضح له في الكنيست.
وأدّت اتفاقية أوسلو التي وقّعت بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في 1993، إلى جنوح الناخبين الإسرائيليين نحو اليمين، قبل أن تأتي الانتفاضة الفلسطينية الثانية لتعزّز هذا الميل.
وتشير محلّلة استطلاعات الرأي داليا شيندلين إلى احتمال حصول الأحزاب اليمينية على ثمانين مقعدا، ما يعني أنّه "أيا كان الفائز في رئاسة الوزراء فإنّ البلاد ستجنح على الأرجح أكثر نحو اليمين".
وهذا السيناريو سيتطلب من المنافس الرئيسي لنتنياهو، مذيع الأخبار السابق يائير لابيد، التحالف مع خصوم نتنياهو من اليمين، بما فيهم العضو البارز السابق في الليكود جدعون ساعر زعيم حزب "الأمل الجديد"، الذي قد يحصد عشرة مقاعد والذي لطالما استبعد التحالف مع رئيس الوزراء.
ويمكن أن يتحالف لابيد أيضا مع زعيم حزب "يمينا" رجل الأعمال نفتالي بينيت الذي كان وزيرا سابقا في عهد نتنياهو، لكنّه ما لبث أن هاجمه ولاسيما في الحملة الانتخابية.
وينظر إلى حزب يمينا وزعيمه على أنّهما صانعا ملوك محتملين.
وقال لابيد إنّه لن يتمسّك بالوصول إلى كرسي رئاسة الوزراء في ائتلاف مناهض لنتنياهو طالما أن ذلك سيساعد على الإطاحة بزعيم الليكود.
وتجري هذه الانتخابات المبكرة بعدما تسبّب رئيس الوزراء الإسرائيلي في انهيار حكومة الوحدة الوطنية التي شكّلها مع منافسه بيني غانتس، في أعقاب الانتخابات السابقة التي لم تكن نتائجها حاسمة.
وقال وزير الدفاع إنه قبِل التحالف مع نتنياهو رغبة منه في إحلال الاستقرار في الدولة العبرية، خصوصا بعد تفشّي وباء كورونا وفرض الإغلاق الشامل.
ونصّ الاتفاق الذي كان يفترض أن يمتدّ لثلاث سنوات على تقاسم الرجلين السلطة، بواقع 18 شهرا لكلّ منهما، لكنّ المراقبين توقّعوا ألا يلتزم نتنياهو بالاتفاق.
وبعد الانتخابات وفي حال لم يتمكن نتنياهو من الحصول على غالبية المقاعد اللازمة أو لم يتمكن خصومه من إيجاد أرضية مشتركة، فمن المرجح أن يتم إجراء انتخابات جديدة، ستكون الخامسة في غضون ثلاث سنوات.
ويرجّح المحلّل السياسي جدعون راهط هذا الاحتمال الذي قد يناسب رئيس الوزراء، خصوصا وأنّه يركّز على هدف أساسي يتمثّل في البقاء في السلطة حتى وإن بصفة رئيس وزراء مؤقت.
ويقول راهط إنّ نتنياهو "يمكن أن يذهب بسهولة إلى انتخابات خامسة أو سادسة أو سابعة".