الإرهاب يصوّب على قوت العراقيين

كركوك (العراق) – تشهد حقول زراعية في شمال العراق منذ حوالي شهر حرائق متكررة تسببت في ضياع الآلاف من الهكتارات من حقول تمثل سلة الحبوب الرئيسية للبلاد، ما يثير تساؤلات حول الجهة التي تقف وراء هذه الظاهرة التي رافقت موسم الحصاد لهذا العام، إن كانت جماعات إرهابية أو أطرافا عشائرية بصدد تصفية حسابات في ما بينها، أو جهات متصارعة على ملكية الأرض.
ومع رسوخ فرضية التعمّد في إشعال تلك الحرائق، وبغضّ النظر عن الفاعل الحقيقي، يكون العراق أمام تحوّل جديد في أساليب الإرهاب الذي يضرب البلد منذ سنوات بطرق وأشكال متعدّدة غايتها جميعا إلحاق أقصى قدر من الأذى واستدامة الأزمة ومنع الاستقرار.
وانتعشت الزراعة في عموم أنحاء البلاد بعد موسم أمطار غزيرة، لكن خلال موسم الحصاد بين مطلع مايو ويونيو وقع قرابة الـ240 حريقا، حولت محاصيل الحنطة والشعير في خمسة آلاف و183 هكتارا إلى رماد، وفقا للدفاع المدني.
ووقعت تلك الحرائق إضافة إلى مئات أخرى تمّ إخمادها قبل اتساع رقعتها، في أربع محافظات في شمال العراق كانت جميعها معاقل لتنظيم داعش بين عامي 2014 و2017، وما زال هناك عناصر من التنظيم يختبئون في البعض منها.
ووقع الخميس فقط 16 حريقا في حقول تتوزع في محافظة نينوى، حسب ما ذكر دريد حكمت مسؤول مديرية زراعة المحافظة لوكالة فرانس برس.
وقال ضابط في الشرطة في محافظة كركوك رفض كشف هويته إنّ عددا من الحوادث نفذها “مقاتلو داعش حيث أضرموا النار في الحقول لأن المزارعين رفضوا دفع الزكاة لهم”. ويقوم هؤلاء الجهاديون “بركوب الدراجات النارية وإشعال الحرائق وترك المتفجرات التي يتم إطلاقها بمجرد وصول المدنيين أو رجال الإطفاء إلى الموقع”، وفقا للمصدر نفسه.
وأكد أنّ تلك الحرائق أدت إلى مقتل أربعة أشخاص في بلدة العباسي ومقتل شخص وإصابة عشرة بجروح في منطقة داقوق، وتقع كلتاهما في كركوك.
وفي المحافظة ذاتها المتنازع عليها بين إقليم كردستان والحكومة المركزية، تقع صراعات متكررة على 200 ألف هكتار من الأراضي المخصصة للزراعة، بسبب الصراعات بين الأعراق.
وذكر برهان العاصي، رئيس اللجنة الزراعية في مجلس محافظة كركوك الغنية بالنفط، أن محافظته تنتج سنويا 650 ألف طن من الحبوب. ويرى العاصي أن الحرائق التي حدثت هذا العالم بلغت رقما قياسيا لا مثيل له في بلد تمثل الزراعة فيه المورد الرئيسي للعيش لحوالي ثلث السكان.
وكان يتوقع وصول الإنتاج إلى أربعة أطنان للهكتار الواحد بفضل وفرة الأمطار هذا العام، مقابل طنين في العام الماضي بسبب الجفاف، وفقا للعاصي الذي أضاف أن حرائق العام الحالي هي الأكبر والأوسع نطاقا.