الإذاعة والتلفزيون التونسيان يضربان يوم الانتخابات

غضب الاتحاد العام التونسي للشغل من تجاهل أخباره في التلفزيون الرسمي يترجم إضرابا.
السبت 2022/12/10
من يغطي الانتخابات

لأوّل مرة منذ تأسيسهما، قد لا تواكب مؤسستا الإذاعة والتلفزيون التونسيتان الانتخابات التشريعية يوم السابع عشر من ديسمبر الجاري بسبب إضراب ليومين بالمؤسستين أقرته الجامعة العامة للإعلام المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل.

تونس - أثار الإعلان عن إضراب عام في مؤسستي الإذاعة والتلفزيون التونسيتين جدلا واسعا في الأوساط الإعلامية خاصة أن اليوم الأول للإضراب يتزامن مع الانتخابات التشريعية المقررة في السابع عشر من ديسمبر الحالي وهي الأولى بعد إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيد الاستثنائية يوم الخامس والعشرين يوليو 2021.

واتهم مراقبون اتحاد الشغل باستخدام التلفزيون الحكومي لتصفية حسابات سياسية.

وأعلنت الجامعة العامة للإعلام المنضوية تحت لواء اتحاد الشغل عن إقرار تنفيذ إضراب عام مركزي وجهوي في كل المصالح التابعة لمؤسستي الاذاعة والتلفزيون التونسيتين كامل يومي السبت والأحد السابع عشر والثامن عشر من ديسمبر الجاري وذلك من أجل إصدار الأمر الخاص بتنقيح النظام الأساسي لمؤسستي الإذاعة والتلفزيون وفق اتفاق الثامن والعشرين يونيو 2021 الموقع بمقر وزارة الشؤون الاجتماعية.

وبيّن المكتب التنفيذي أنه بالرغم من جلسات الحوار المتعددة والاتفاق مع الطرف الإداري بخصوص تنقيح النظام الأساسي للمؤسستين ووُرُوده لدى مصالح رئاسة الحكومة منذ أكثر من سنة لم تقع الاستجابة للمطلب المشروع للموظفين في المؤسستين.

وقال معلقون إن القرار سياسي بحت، مؤكدين أن اتحاد الشغل يختار التلفزيون هذه المرة ساحة للمعركة مع الحكومة. وكتب معلق:

وتساءل آخر:

وجدير بالإشارة إلى أن يوم السابع عشر من ديسمبر 2022 يتزامن مع موعد الانتخابات التشريعية المزمع تنظيمها في تونس، فيما من الممكن أن يتزامن يوم الثامن عشر مع موعد الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات.

وكان الأمين العام المساعد والناطق الرسمي باسم اتحاد الشغل سامي الطاهري أكد يوم العشرين أكتوبر الماضي على أهميّة الإعلام والاتّصال بالنسبة إلى أيّ “منظمة لها تاريخ وتحترم نفسها لضمان التواصل الجيّد مع النّاس ومع المنخرطين”.

وفي إشارة إلى الإعلام العمومي، قال الطاهري إن “التلفزيون الوطنيّ لم يعد يغطي أنشطة الاتحاد ولا يستدعي أيّ مسؤول نقابي”.

الإضراب الذي أعلنت عنه الجامعة العامة للإعلام هو الثاني لمؤسستي الإذاعة والتلفزيون التونسيتين خلال عام 2022

وفي مارس الماضي كشف الطاهري أن التلفزيون الوطني رفض بثا مباشرا مع قناة فرانس 24 لحوار تم إجراؤه مع الأمين لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي.

وكتب الطاهري في تدوينة بصفحته على فيسبوك “التلفزيون التونسي ذاك المرفق العمومي يرفض البث المباشر لحوار الأمين العام مع فرانس24″، معلّقا “التعليمات ترجعه إلى الوراء، الوراء، الوراء در.. وتفتح للخواص الطريق”.وتظهر تعليقات الطاهري غضبا مكتوما من الاتحاد تجاه التلفزيون التونسي لإقصائه أخبار الاتحاد ومسؤوليه.

وينظر إلى الاتحاد على أنه قوة نقابية ضحمة لا يمكن تحييدها عن المشهد السياسي، إذ يضم نحو 500 ألف عضو يتوزعون على معظم القطاعات الاقتصادية والفئات الاجتماعية. كما أن للاتحاد تاريخا من الشد والجذب بلغ حد الصدام مع جميع الأنظمة التي تعاقبت على حكم البلاد.

ونفى الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي دعوة الاتحاد إلى مقاطعة الانتخابات، مشيراً إلى أنه ترك خيار المشاركة من عدمها لمنخرطيه، لكنه اعتبر أن تونس تمر بوضع صعب جداً، معتبراً أن “البلاد خرجت من وضع التكلّس إلى الشعبوية المُفرطة”.

من جانبه يؤكد التلفزيون الرسمي، وهو واجهة الإعلام العمومي في البلاد، حرصه على نقل الأخبار وتقديم المعلومة إلى المتلقي ومواكبة المستجدات الآنية، إلا أن الرأي العام المحلي يرى أن تغطيته غير كافية ومنحازة إلى أجندة السلطة.

ويقدم التلفزيون التونسي برامج حوارية تناقش الشأن العام، إلا أن المتابعة تنحصر غالبا في نشرة أخبار الثامنة الرئيسية. وحاول التلفزيون الرسمي التخلص من القيود التي فرضها عليه النظام السابق في أعقاب ثورة يناير 2011، غير أنه في نظر الكثيرين لم ينجح في استثمار مناخ الحرية لصالحه وبقي رهين الأجندات.

يذكر أن هذا الإضراب هو الثاني لمؤسستي الإذاعة والتلفزيون خلال عام 2022. ونفذ إضراب عام في قطاع الإعلام العمومي (الرسمي) في تونس في أبريل الماضي “بسبب تحويل مؤسسة التلفزيون التونسي إلى منبر خاص لرئيس الجمهورية”.

وشمل الإضراب العام صحافيي مؤسسات التّلفزيون والإذاعات الرّسمية، والإذاعات الجهوية، ووكالة “تونس أفريقيا للأنباء” (الرسمية)، وصحيفتي “لابراس” (الناطقة بالفرنسية) و”الصحافة”.

ويعاني الإعلام العمومي السمعي منه والبصري في تونس من مشكلات كثيرة، وظل يتأرجح مترددا بين دوره الدعائي الترويجي الذي اعتاده قبل ثورة الرابع عشر من يناير 2011، وحرية التعبير التي أضحت واقعا، ودوره الذي ينتظره التونسيون للإسهام في إنجاح الانتقال الديمقراطي البطيء والهشّ الذي تعيشه تونس.

ويرى الباحث محمد شلبي أن “عدة عراقيل تحول دون تحويل الإعلام في تونس إلى عمومي منها خاصة القصور في القوانين”. ويؤكد أن “تحوله إلى إعلام عمومي يبقى رهين الاتفاق على معايير معينة كأن يتم تقسيم الوقت مثلا بين مختلف الأحزاب السياسية، نسبة للحكومة والرئيس وأخرى للمعارضة وهكذا”.

16