الإدارة الذاتية الكردية تخطط لإفراغ مخيمات الجهاديين هذا العام

الرئيس المشترك لمكتب شؤون النازحين واللاجئين يؤكد أن السماح للسوريين والعراقيين بالعودة الى مناطقهم على علاقة له بتجميد واشنطن المساعدات الأجنبية.
الثلاثاء 2025/02/11
مخاوف في العراق من إعادة عائلات داعش

القامشلي (سوريا) - تعمل الإدارة الذاتية الكردية على إفراغ مخيمات تشرف عليها في شمال شرق سوريا من آلاف النازحين السوريين والعراقيين، وبينهم أفراد من عائلات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، وفق ما أفاد مسؤول وكالة الصحافة الفرنسية، ويأتي هذا الإجراء وسط مخاوف في العراق من عودة الأعمال الإرهابية.

وقال الرئيس المشترك لمكتب شؤون النازحين واللاجئين شيخموس أحمد لوكالة الصحافة الفرنسية في وقت متأخر الإثنين "تعمل الإدارة الذاتية لإفراغ المخيمات عام 2025، بالتنسيق مع الأمم المتحدة" لافتا إلى اجتماع يُعقد بهذا الصدد "في الأيام القليلة المقبلة".

ومنذ مطلع العام وإثر إطاحة نظام الرئيس بشار الأسد، أوعزت الإدارة الذاتية الكردية بتسهيل أمور الراغبين من سوريين وعراقيين بمغادرة مخيم الهول، أكبر المخيمات التي تديرها في شمال شرق سوريا، وبقية المخيمات، بالعودة الى مناطقهم.

ويؤوي مخيم الهول أكثر من أربعين ألف شخص من عشرات الدول، ممن يعيشون في ظروف إنسانية صعبة. وكان المخيم يضم عام 2024 أكثر من عشرين ألف عراقي و16 ألف سوري.

وبحسب مسؤول أمني عراقي، غادر 12 ألف عراقي المخيم منذ العام 2021، بينما لا يزال 17 ألفا آخرين فيه.

وتخرج إدارة المخيم على دفعات عشرات العائلات العراقية منه، بينما يتم درس آلية لإخراج السوريين في الفترة المقبلة، وفق أحمد الذي أشار في الوقت ذاته إلى تسهيل مغادرة نازحين سوريين من مخيمين آخرين هما العريشة والمحمودلي.

وغادرت عشرات العائلات العراقية مخيم الهول الأحد في إطار التنسيق الحاصل بين الإدارة الذاتية وحكومة بغداد.

وجاء في بيان أصدرته الإدارة الذاتية أنّ الدفعة الإضافية من العائلات العراقية التي أُعيدت إلى العراق والتي تُعَدّ الرابعة منذ بداية العام الجاري تضمّ 155 عائلة، بواقع نحو 594 شخصاً، علماً أنّ السلطات العراقية تنقل مواطنيها من مخيم الهول إلى مخيم الجدعة في محافظة نينوى شمالي البلاد.

وتنسّق الإدارة الذاتية مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومع المنظمات العاملة في المنطقة، بينها بلومونت المنظمة الأميركية المسؤولة عن إدارة مخيمي الهول وروج.

ونفى أحمد أن يكون تجميد واشنطن المساعدات الأجنبية السبب في السماح للسوريين والعراقيين بالعودة الى مناطقهم، موضحا أن منظمات دولية وأخرى محلية "ما زالت فعالة في تقديم الدعم، بينما تواصل الإدارة الذاتية تقديم الخدمات للمخيمات".

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش حذّرت الجمعة من أن تجميد واشنطن المساعدات الأجنبية يساهم في تفاقم "الظروف المهددة للحياة" في مخيمَي الهول وروج اللذين يضمان الآلاف من أفراد عائلات مقاتلي التنظيم الأجانب.

وتطالب الإدارة الذاتية، منذ إعلان القضاء على التنظيم في 2019، الدول المعنية باستعادة رعاياها. ورغم نداءات متكررة وتحذير منظمات دولية من أوضاع "كارثية" في المخيمين، تصرّ غالبية الدول على عدم استعادة مواطنيها.

وشددت الباحثة لدى هيومن رايتس ووتش هبة زيادين على أنه "ينبغي ألا يُترك المحتجزون بشكل غير قانوني في مخيمَي الهول وروج عالقين إلى الأبد" داعية الى "إدراج وضعهم المزري في المناقشات حول مستقبل سوريا".

وتجري قوات سوريا الديمقراطية، الذراع العسكرية للإدارة الذاتية التي تسيطر على مساحات واسعة في شمال شرق سوريا، مفاوضات مع السلطات الانتقالية في دمشق التي أعلنت حل كل الفصائل المقاتلة وأكدت رفضها أي تقسيم فدرالي للبلاد، بعدما أنشأ الأكراد إدارة ذاتية لمناطقهم منذ سنوات.

وتثير إعادة عائلات تنظيم داعش إلى العراق المخاوف من عودة "الأعمال الإرهابية" في البلاد في ظل وجود من يؤيد هذه الأفكار المتطرفة وخلايا نائمة للتنظيم في بعض المناطق.

وتعزز تلك المخاوف التغييرات التي تشهدها المنطقة وخاصة في سوريا والأنباء التي تتحدث عن وجود خطط لانسحاب القوات الأميركية منها، وانعكاس ذلك على الوضع في العراق، خصوصاً وأن تلك العوائل - وفق شيروان الدوبرداني النائب عن محافظة نينوى- هي جزء من المنظمات الإرهابية، ومنهم مقاتلون بتنظيم داعش، ما يرفع مستوى الخطر في ظل وجود مخيم يضم إرهابيين داخل العراق.

وقال الدوبرداني في تصريح لوكالة "شفق نيوز" إن "في مخيم الهول أكثر من 32 ألف عراقيا من عوائل تنظيم داعش، تم نقل 21 دفعة منهم إلى مخيم الجدعة في الموصل، والمتبقي منهم الآن في مخيم الهول نحو 20 ألفا، وهناك أيضاً 11 ألف إرهابيا من العراقيين ومختلف الجنسيات الأخرى في المخيم، وهؤلاء يشكلون خطراً على الأمن والمئات منهم مطلوبين للقضاء العراقي".

وأضاف أن "لدى وزارة الهجرة والمهجرين برامج لإعادة التأهيل تمهيداً لدمجهم مع المجتمع، لكن هل هذه كافية بتغيير أفكار هؤلاء الإرهابيين المنتمين لتنظيمات إرهابية منذ سنوات، خاصة وأن لا نحن كنواب من محافظة نينوى ولا الحكومة المحلية على علم بهذه البرامج التي تتم في مخيم الجدعة".

وتابع "لذلك هناك مخاوف من عودة بعض الأعمال الإرهابية خاصة وأن التنظيم لم ينته، حيث هناك بعض الخلايا النائمة ومضافات، وقبل أيام تم استهداف ما يسمى بـ"والي كركوك"، في وقت لا يزال هناك من يؤيد هذه الأفكار الإرهابية، وفي ظل وضع المنطقة وخاصة في سوريا والتغييرات التي تشهدها هناك مخاوف من القادم لوجود مخيم يضم إرهابيين داخل العراق".

وكان عضو لجنة الهجرة والمهجرين النيابية شريف سليمان، قد دعا في 6 فبراير الجاري، الحكومة العراقية، إلى عدم قبول تسلم النازحين من مخيم الهول السوري، وإدخالهم للأراضي العراقية، معتبرا إياهم أنهم من عناصر تنظيم داعش، و"إدخالهم يهدد السلم المجتمعي، ويدلُّ على أن القرار ليس عراقياً".

من جهتها، ترى عضو لجنة حقوق الإنسان النيابية، نيسان الزاير أن "إعادة عوائل داعش من مخيم الهول إلى العراق يحتاج إلى الكثير من التفاصيل أولها وأهمها إفراغ العقول المليئة بالأفكار العدوانية والمغلوطة وإبدالها بأفكار سلمية سوية، وهذا يحتاج إلى سنوات وبرامج مكثفة توعوية وتثقيفية".

ويتخوف العراق من مخيم الهول وسط رفض العديد من الدول استقبال رعاياها القاطنين فيه، فيما وصف مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي المخيم بـ"القنبلة الموقوتة".

وما يعزز المخاطر الناجمة من المخيم، ما كشفه مسؤولان دفاعيان أميركيان، لشبكة "إن بي سي نيوز"، في 5 فبراير الجاري، بأن وزارة الدفاع الأميركية، بدأت في إعداد خطط لسحب القوات الأميركية كافة من سوريا، فيما حذر المسؤولان من أن سحب القوات الأميركية قد يؤدي إلى تهديد الأمن في المنطقة، خاصة في السجون والمعسكرات، ما قد يعزز قوة داعش ويعيد تمركز مقاتليه.

ويأتي ذلك بعد أن أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمسؤولون المقربون منه رغبتهم في سحب القوات، مما دفع البنتاغون للبحث في إمكانية تنفيذ الانسحاب خلال فترة تتراوح بين 30 إلى 90 يوما.