الإخوان يستبقون التحقيق البريطاني برسالة تهديد للندن

القاهرة - اعتُبرت تصريحات أطلقها قيادي بجماعة الإخوان المسلمين تهديدا للمملكة المتحدة، ولدول غربية أخرى تتجه للنسج على منوال لندن في فتح ملف النشاطات الإخوانية المشبوهة، واتّخادها أراضي تلك الدول منطلقا لتهديد أمن واستقرار دول أخرى في مقدّمتها دول عربية.
وكانت صحيفة “التايمز” البريطانية، نشرت أمس على لسان إبراهيم منير، أحد أبرز قادة الإخوان المسلمين في لندن، تحذيرا للحكومة البريطانية من أن حظر الجماعة في المملكة المتّحدة سيزيد احتمال تعرّض الأخيرة لهجمات إرهابية.
وعكست تلك التصريحات، وفق مراقبين، مدى عمق مأزق الإخوان وتخبّطهم، بفعل انسداد السبل أمامهم، فيما اعتبرت من قبل آخرين دليلا واضحا على اتخاذ الجماعة الإرهاب وسيلة لبلوغ غاياتها.
وتعليقا على ذلك قال خبراء في شؤون الحركات الإسلامية، وشخصيات تنتمي لـ“العائلة الفكرية الموسّعة” للإسلاميين، إن تصريحات منير هذه وتلميحه إلى حدوث عمليات إرهابية داخل الأراضي البريطانية، “تؤكد العقلية الإرهابية التي تحكم تصرفات جماعة الإخوان”.
وقال نبيل نعيم مؤسس “حركة الجهاد” بمصر إن هذه التصريحات تكشف عن ذهن إرهابي يرفض الحوار دائما، مشيرا إلى أن الجماعة تعتقد أنها تستطيع هزيمة العالم بمشروعها، في حين أن هذا المشروع هلامي وخيالي ولا وجود له على أرض الواقع.
ومما جاء في تصريحات القيادي الإخواني بشأن بريطانيا أنه “إذا وقع (الحظر على الجماعة)، فإن هذا سيدفع كثيرين في مجتمعات مسلمة إلى الاعتقاد بأن “قيم الإخوان” لم تنجح، وأنهم يوصفون بأنهم جماعة إرهابية، وهو ما يفتح الباب أمام الاحتمالات كافة”.
وعقّب نعيم على هذا القول، محذّرا، في تصريحات لـ”العرب”، من أنّ “الإخوان قد يلجأون لشن هجمات على المصالح البريطانية حول العالم عن طريق الاستعانة بالجماعات الإرهابية المتحالفة معهم مثل “أنصار بيت المقدس” أو “جند الشام” وغيرهما من الحركات التي صنعها الإخوان بأسماء مستعارة، حتى يتنصّلوا من جرائمهم الإرهابية ويظهروا أمام العالم بمظهر الحركة السلمية، في حين أنهم وراء كل أعمال العنف والحركات الإرهابية بالعالم كله، وهم العباءة التي خرجت منها كل التنظيمات المتطرفة”.
ومن جهته أكّد كمال الهلباوي المتحدث السابق باسم التنظيم الدولي للإخوان في أوروبا لـ”العرب” أن الدول الغربية قد تحصد نتيجة دعمها للإخوان هجمات إرهابية، مشيرا إلى أن الغرب إذا لم يتعاون مع مصر في مواجهة الإرهاب اليوم فإنه سيعاني منه ويشرب من كأسه غدا.
وأشار إبراهيم منير، كما نقلت عنه صحيفة “التايمز”، إن حظر الإخوان سيخلق المزيد من المشكلات أكثر مما توقعناه على الإطلاق، وليس لبريطانيا فحسب، وإنما لكل المنظمات الإسلامية التي تعتنق أفكارا سلمية في أنحاء العالم، معتبرا أن سمعة بريطانيا سوف تتضرر إذا حظرت جماعة الإخوان.
من جهته قال منير أديب الباحث في شؤون الحركات الإسلامية لـ”العرب” إن تصريحات إبراهيم منير، تحمل نوعا من التحريض المبطّن على العنف، ربما يدفع تيارات أخرى للقيام بعمليات إرهابية ضد بريطانيا.
وأشار أديب إلى أن سقوط الحركات الإسلامية في دائرة العنف بدأ باستخدامها العنف اللفظي ضدّ الدولة، وهو ما حدث مع الجماعة الإسلامية التي استخدمت لغة عنيفة في ثمانينات القرن الماضي، وسقطت في العنف الجنائي والأعمال المسلحة في التسعينات، لافتا إلى أن الإخوان لجأوا حديثا إلى الأسلوب نفسه، وكانت منصة رابعة مصدرا لكل أنواع العنف اللفظي والسياسي والسلوكي، الأمر الذي يؤكد قرب لجوئهم إلى حمل السلاح علانية وبأنفسهم، بعيدا عن دعمهم للحركات المسلحة.
وأضاف أديب أن لجوء الإخوان للتلويح الدائم باستخدام العنف وتبرير استخدام الجماعات الجهادية له يهدّد مستقبل الجماعة التي طالما ادّعت السلمية.
أما فؤاد الدواليبي أحد القيادات التاريخية للجماعة الإسلامية، فأكد أن هذه التصريحات ستأتي بنتائج عكسية على الإخوان في كل الدول الأوروبية وليس بريطانيا فحسب، مشيرا إلى أنه قد يتم التضييق على كل التيارات الإسلامية بالغرب بعد هذه التصريحات.
وقال الدواليبي لـ”العرب” إن هذا التخبط والتحريض على العنف ليس غريبا على قيادات الإخوان فقد سبق لهم وأصدروا تصريحات مشابهة من على منصة رابعة، خلال اعتصامهم بالقاهرة الصيف الماضي.
وأكد القيادي بالجماعة الإسلامية أن هذه التصريحات لا يمكن أن تصدر من فراغ، موضحا أن الإخوان قد يلجأون بالفعل لعمل تفجيرات في أوروبا عبر الجماعات الإرهابية المتحالفة معهم، ثم يعلنون شجبها وإدانتها، مشيرا إلى أنهم سبق وهددوا بحرق مصر من على منصة رابعة وما نراه الآن في أنحاء البلاد هو بمثابة تنفيذ لتلك التهديدات.
وقال هشام النجار الباحث في الحركات الإسلامية لـ”العرب” إن تصريحات القيادي الإخواني إبراهيم منير تعتبر تطورا مخيفا ومفزعا في سياسة الإخوان تجاه الدول الغربية. وأكد أن هذه التصريحات ستدفع بريطانيا للتضييق على القيادات الإسلامية الموجودة على أراضيها.