الإخوان في الأردن يعولون على انتخابات النقابات المهنية لتعويض انتكاستهم النيابية

حزب جبهة العمل الإسلامي يوجه مذكرة إلى رئيس الحكومة جعفر حسان يطالبه فيها بوقف ما وصفه بـ"ممارسات التدخل في انتخابات النقابات المهنية".
الاثنين 2025/03/17
هل تعيد المجالس النقابية الجديدة إلى النقابات تأثيرها

عمان - تراهن جماعة الإخوان المسلمين في الأردن على انتخابات النقابات المهنية التي ستجرى في معظمها خلال العام الجاري، من أجل تجاوز الانتكاسة النيابية التي منيت بها العام الماضي رغم تصدرها النتائج. وبدأت ماكينة الإخوان في التحرك، مع إعلان نقابات عن فتح أبواب الترشح، على غرار نقابة المحامين، التي تقدم إليها حتى الآن أربعة مرشحين لمنصب النقيب بينهم خلدون النسور، والنقيب الحالي يحيى أبوعبود، وأشرف الزعبي.

وإلى جانب نقابة المحامين، ينتظر أن تجري كل من نقابة الصحافيين والأطباء، وهي كبرى النقابات في المملكة، انتخاباتها خلال الأشهر القليلة المقبلة، فيما لا يزال الوضع ضبابيا بشأن انتخابات نقابة المعلمين. وأجريت الشهر الماضي انتخابات نقابة المهندسين، على مستوى مجالس الشعب، وسط اتهامات من جماعة الإخوان للحكومة بالتدخل فيها، وهي اتهامات لطالما وجهتها الجماعة للسلطة مع كل استحقاق انتخابي.

ويقول نقابيون أردنيون إن المعايير المعتمدة في اختيار المرشحين تستند بالأساس على قدرة هؤلاء على الدفاع عن مصالح القطاع، وتحقيق مكاسب اجتماعية واقتصادية لهم، لكن ذلك لا يلغي التأثير السياسي، حيث لطالما كانت النقابات مسرحا للاستقطاب السياسي بين التيارات المختلفة.

وسجل في السنوات الأخيرة تراجع لحضور النقابات المهنية في الشارع الأردني، فيما اعتبره البعض نجاحا للسلطة في ترويضها، لكن الوضع قد يتغير مع انتخاب مجالس جديدة. ووجه حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان في وقت سابق مذكرة إلى رئيس الحكومة جعفر حسان، مطالبا بوقف ما وصفه بـ"ممارسات التدخل في انتخابات النقابات المهنية" التي ستُجرى هذا العام.

وائل السقا: التدخلات تشمل التهديد والترغيب للمرشحين، ما أدى إلى انسحاب العديد منهم
وائل السقا: التدخلات تشمل التهديد والترغيب للمرشحين، ما أدى إلى انسحاب العديد منهم

وأكد الحزب في مذكرته أن هذه التدخلات التي تمارسها بعض الجهات الأمنية قد تضر بوحدة الوطن وتسيء لصورته في وقت تحتاج فيه البلاد إلى توحيد الصف الوطني لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية. ولفت الأمين العام للحزب المهندس وائل السقا إلى أن التدخلات تشمل التهديد والترغيب للمرشحين، ما أدى إلى انسحاب العديد منهم، فضلا عن فرض مرشحين غير ذوي علاقة بالعمل النقابي ولا يحظون بتأييد الهيئات العامة.

كما اتهم الحزب جهات رسمية بتسديد الاشتراكات الجماعية لبعض منتسبي الأجهزة الأمنية والشباب العاطلين عن العمل لتوجيههم نحو انتخاب مرشحين محددين، إضافة إلى التأخير غير القانوني لإجراء انتخابات نقابة المعلمين، التي أثرت على خدمة أكثر من 120 ألف معلم.

واعتبر السقا أن هذه الممارسات تشكل تهديدا للديمقراطية وتتناقض مع الإصلاح السياسي في الأردن، مشيرا إلى أنها تساهم في تراجع دور النقابات المهنية وتأثيرها في المجتمع الأردني. وأضاف أن تكرار هذه التدخلات يعكس تراجع أداء النقابات ويزيد من عدم قناعة الأعضاء بتمثيلهم الفعلي داخل هذه الهيئات.

ويقول مراقبون إن جماعة الإخوان في الأردن ما فتئت تستدعي “المظلومية” وأنها مستهدفة من الدولة عند كل استحقاق انتخابي، وذلك لتبرير أي فشل أو تراجع، كما حصل في الانتخابات النيابية، وأيضا في الانتخابات الأخيرة لنقابة المهندسين. وكانت جماعة الإخوان تصدرت الاستحقاق النيابي الذي جرى في سبتمبر الماضي، لكن من دون أغلبية، الأمر الذي أفقدها فرصة السيطرة على المجلس، وسجلت الجماعة تراجعا في انتخابات مجالس الشعب الهندسية، متهمة بحصول تلاعب بالنتائج.

وقال نائب المراقب العام لجماعة الإخوان ونقيب المهندسين الأسبق المهندس عبدالله عبيدات إن سيناريو انتخابات نقابة المهندسين 2022 تكرر هذا العام في عدد من الفروع، خصوصا في الزرقاء وإربد، مشيرا إلى أن التدخلات أصبحت أكثر حدة وتنظيما، حيث يتم توجيه الانتخابات عبر حشد العشائر والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية، إلى جانب النوادي والبلديات، مما يؤثر بشكل مباشر على مسار العملية الانتخابية.

وأضاف عبيدات، في تصريحات لموقع “البوصلة” القريب من الجماعة، أن من “يهندس الانتخابات” لا يدرك أن التلاعب بالنتائج والتحريض الطائفي يعدان جريمة وفق القانون الأردني، لاقتا إلى أن ما جري في انتخابات فرع الزرقاء يتضمن إثارة للنعرات الطائفية وإنفاق مئات الآلاف من الدنانير لحشد الناخبين ضد مرشحين محسوبين على حزب جبهة العمل الإسلامي.

◙ في السنوات الأخيرة سُجل تراجع لحضور النقابات المهنية في الشارع الأردني، فيما اعتبره البعض نجاحا للسلطة في ترويضها

ويقول نشطاء سياسيون ونقابيون إن محاولة جماعة الإخوان في كل مرة تحميل أجهزة الدولة مسؤولية فشلها، تنطوي على مغالطة وبتر للحقيقة، وتتجاهل واقع أن هناك اليوم تحولا في ذهنية النقابي من انتخاب أشخاص وفق توجهاتها السياسية إلى اختيارهم وفق معيار تاريخهم  النقابي، ومدى قدرتهم على الدفاع عن أبناء القطاع، لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعاني منها الأردنيون.

ويرى نقيب المحامين السابق مازن إرشيدات أن النقابي يعتمد على عدة أمور، منها الشخصية المتعلقة بالمرشح، وأمور عامة في اختيار المرشح.

وأوضح إرشيدات في تصريحات لصحيفة “الغد” المحلية “تتعلق الأمور العامة بموضوع التقاعد والتأمين الصحي وصندوق التعاون المتعلق بالمعونة العاجلة، والخدمات التي تقدمها النقابة بشكل عام، في حين أن الأمور الشخصية، تتعلق بالشخص نفسه، لأنه من ضمن الأمور العامة حصانة المحامي وحريته ومكانته أمام القضاء والجهات الأمنية على اختلاف أنواعها وأشكالها”.

وأشار إرشيدات إلى أن الناخب النقابي يعتقد حسب شخصية المرشح “هل هو قادر على توفير الحماية والحصانة من محام أثناء تأدية عمله؟”، مضيفا أن النقابي الناخب يعتمد أيضا على العلاقة الشخصية بين المرشح والناخب عادة، أي أن هنالك علاقات شخصية تحكم قراره.

وأضاف أن الانتماء الحزبي أو تيار المرشح والذي يتفق معه الناخب، سواء أكان من التيار نفسه أو الحزب، أو يتعاطف معه، أمر يعتمد عليه الناخب، بالإضافة إلى شخصية المرشح نفسه. وقال إرشيدات إن كل هذه العوامل تحكم تصويت الناخب أو النقابي للمرشح، بخاصة في الفترة الحالية وفي ظل الخوف على صناديق النقابة، كما حصل مع النقابات المهنية الأخرى.

2