الإخوان في الأردن يعودون إلى الواجهة عبر بوابة الأقصى

الإسلاميون يستثمرون الأزمات الإقليمية في مناكفة السلطة.
السبت 2022/05/07
أجندات داخلية بأدوات خارجية

يجد الإسلاميون في الأردن في كل ما له علاقة بإسرائيل واليهود ملاذا للتصعيد ضد السلطات الأردنية، وكسب تعاطف الشارع الأردني المتحمس تجاه مثل هذه المسائل، في مسعى لتحقيق مكاسب سياسية قد تعيدهم إلى الواجهة بعدما انحسر نفوذهم.

عمان- وجد الإخوان في الأردن في التوترات التي يشهدها المسجد الأقصى منذ أكثر من شهر فرصة سانحة للعودة إلى الواجهة السياسية في المملكة، ومناكفة السلطة والضغط عليها لاتخاذ إجراءات أكثر حزما تجاه إسرائيل، ما يحرج الحكومة الأردنية ويصورها في موقف يناقض تطلعات الشارع الأردني المتحمس.

ورغم أن جماعة الإخوان المسلمين وبموجب القانون ومنذ يوليو 2020 باتت تنظيما محظورا في الأردن، إلا أنها تستغل أحداث المسجد الأقصى للعودة إلى الشارع، عبر تنشيط المسيرات الاحتجاجية التي تتخللها دعوات مطلبية اقتصادية واجتماعية داخلية بين الحين والآخر، وهو ما يعكس الأجندات غير المعلنة للجماعة التي توظف المشترك الأردني في نصرة الأقصى وفلسطين لغايات سياسية داخلية.

وتستغل جماعة الإخوان المسلمين ذراعها السياسية، جبهة العمل الإسلامي الممثلة في البرلمان، للخروج في مسيرات قانونية (نصرة للأقصى وفلسطين)، إذ يوفر الحزب غطاء قانونيا للجماعة المحظورة في المملكة.

ويرى مراقبون إن عودة الإخوان المسلمين إلى الشارع المتحمس والغاضب من السياسات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة الأردنية، والتي عصفت بمقدرته الشرائية وعمقت أزمة البطالة المستفحلة، تحمل رسائل غير مباشرة للسلطة المتخوفة من اندلاع احتجاجات شعبية كالتي أطاحت بحكومة عمر الرزاز في 2018.

ويشير هؤلاء إلى أن الرسالة الأولى تتمثل في قدرة الجماعة على التجييش والحشد، وأنها قادرة على المس من السلم المجتمعي، وبالتالي على السلطة مهادنتها والعودة إلى استيعابها في المشهد، حتى بطريقة غير مباشرة عبر اللجان الاجتماعية وغيرها من أنشطة المجتمع المدني.

ودأب الإسلاميون منذ خسارتهم في الانتخابات التشريعية الفارطة التي أفقدتهم ثقلهم التشريعي، على استثمار الاحتقان الشعبي جراء الأزمة الاقتصادية، واللعب على المشاعر الشعبية الأردنية المشتركة تجاه إسرائيل واليهود، لإحراج السلطة وتأليب الرأي العام ضد خططها.

وأما الرسالة الثانية والأهم فهي إعادة تدويرها ضمن المشهد السياسي، عبر آلية تحديث المنظومة السياسية وقانوني الأحزاب والانتخاب الجديدين، اللذين يمهدان لحكومات برلمانية يطالب بها الأردنيون منذ فترة.

◙ أجندات غير معلنة للجماعة التي توظف المشترك الأردني في نصرة الأقصى وفلسطين لغايات سياسية داخلية
أجندات غير معلنة للجماعة التي توظف المشترك الأردني في نصرة الأقصى وفلسطين لغايات سياسية داخلية

وأطلق العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني العام الماضي لجنة لتحديث المنظومة السياسية في الأردن، تستهدف انتخابات حكومات برلمانية ممثلة من الأحزاب السياسية، وقال حينها إن المنظومة لا تستثني أحدا في المملكة.

وتلقفت جماعة الإخوان المسلمين تصريحات العاهل الأردني بسرعة، وعملت مذاك على دعم أعمال اللجنة والتصويت لتوصياتها في البرلمان الأردني عبر حزب جبهة العمل الإسلامي.ولم يعترض حزب جبهة العمل الإسلامي على توصيات اللجنة خلال جلسات البرلمان لإقرارها، فيما يقول محللون إن القوانين التي اعتمدها البرلمان تخدم الإخوان على كافة الأصعدة وتمهد لإعادة استيعابهم.

ورغم أن السلطة فتحت قنوات تواصل مع الإخوان المسلمين من خلال اللجنة الملكية لتحديث الحياة السياسية، إلا أن محللين يؤكدون أن الأمر لا يعني أن هناك نية لاستيعاب الجماعة مجددا في المشهد السياسي.

وتقول دوائر سياسية إن هذا الانفتاح الرسمي على الإخوان مجددا بعد قطيعة طويلة نسبيا، هو تمش تكتيكي في ظل الظروف الحساسة التي تمر بها المملكة، والتي تفرض تحييد أي أصوات معارضة قد تعمل على تأزيم الأوضاع أكثر.

ولا يعني الانفتاح الرسمي على جميع المكونات السياسية، بما في ذلك الجماعة، أن هناك مصالحة قد تجري بين التنظيم والدولة، لعدة أسباب أولها الأمر القضائي الصادر في حقها ومناخ الثقة الغائب بين الطرفين.

ومنيت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بانتكاسة برلمانية جديدة، حيث فشلت في تسجيل حضورها ضمن أي من اللجان النيابية الخمسة عشر، وبالتالي باتت عمليا خارج المعادلة البرلمانية.

وكانت الجماعة، ممثلة في التحالف الوطني للإصلاح، نجحت في حصد ستة مقاعد فقط في الانتخابات النيابية الأخيرة، التي أجريت في العاشر من نوفمبر الماضي، بخسارة نحو ثلثي مقاعدها التي حصلت عليها في الانتخابات التشريعية السابقة (16 مقعدا).

الإخوان المسلمون يوظفون المشترك الأردني في نصرة الأقصى والقضية الفلسطينية لغايات سياسية داخلية

ولم تستطع الجماعة تشكيل تحالفات، وهو ما يفرضه النظام الداخلي للمجلس النيابي الذي يشترط تمثيل 10 في المئة من إجمالي أعضاء المجلس، وآلت معظم اللجان إلى النواب الجدد الذين بلغ عددهم 98 من أصل 130 نائبا.

وجرى اختيار معظم اللجان عن طريق الانتخاب، فيما تم تشكيل خمس لجان عن طريق التوافق، في مجلس مختلف عن سابقيه، يرنو إلى كسر الصورة النمطية التي حافظت عليها المجالس السابقة لجهة طريقة العمل والأداء، الذي كان دون طموحات الشارع الأردني.

وعلى مدار سنوات تعاملت السلطات الأردنية مع جماعة الإخوان المسلمين بحذر، ورفضت تطبيق قرارات السلطة القضائية القاضية بحلها، في ظل مخاوف من ردود فعل الجماعة وتأثيرها على السلم الأهلي والاستقرار السياسي في المملكة.

وتعرضت جماعة الإخوان خلال السنوات الأخيرة إلى ضربات قاصمة، لعل أبرزها الانشقاقات التي عصفت بها والتي طالت قيادات من الصف الأول.

2