الإخوان بالجزائر في مهمة لترميم العلاقات الرسمية بين السلطة وحكام سوريا الجدد

مساعي الحركة الموالية للسلطة لن تحجب غضب المعارضة السورية من دعم الجزائر للأسد طيلة السنوات 13 الأخيرة.
الأربعاء 2024/12/11
الجزائر ليست بمنأى عن التحولات الجارية في سوريا

الجزائر - دفعت حركة البناء الوطني الجزائرية الموالية للسلطة باتجاه تلطيف مبكر لأجواء العلاقات الجزائرية – السورية بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد وسيطرة قوى المعارضة على البلاد.

وبدا الموقف الصادر عن الحركة الإخوانية محاولة لترميم الموقف الرسمي للسلطة الذي دعم الأسد في الأيام الأولى للأزمة ووصف المعارضة بـ”الإرهاب”، ثم عاد ليعبر عن احترام إرادة الشعب السوري ويدعو للحوار وحماية البلاد، لكن ذلك لن يحجب غضب المعارضة من دعم الجزائر للأسد طيلة السنوات 13 الأخيرة، مما قد يؤثر على العلاقات المستقبلية بين البلدين.

ودعت حركة البناء الوطني إلى “ضرورة تبني حل سياسي شامل وفق قرار مجلس الأمن 2254، يضمن مشاركة جميع مكونات الشعب السوري وفصائله التي تنبذ العنف، دون إقصاء أو تهميش، ويعيد بناء الدولة على أسس سليمة،” وهو ما اعتبر تمهيدا لمرحلة جديدة من العلاقات بين الجزائر وسوريا، وردم هوة محتملة بين الجزائر والحكام الجدد في سوريا، بسبب خلاف عميق مرده الموقف من الإسلام المسلح.

وشددت الحركة في بيان لها على “أهمية الوقف الفوري والشامل لجميع العمليات العسكرية التي تفاقم معاناة المدنيين وتهدد الأمن والاستقرار، مع التشديد على حماية مؤسسات الجمهورية، والدخول في حوار وطني سوري جامع يتجاوز الحسابات الضيقة وروح الانتقام، ويضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار لتحقيق المصالحة الوطنية وتعزيز الوحدة.”

وعبرت الحركة الموالية للسلطة عن “رفضها لأيّ تدخلات أجنبية تهدف إلى استغلال الأزمة السورية لتحقيق أجندات خاصة، داعية إلى احترام سيادة سوريا ووحدتها الترابية، مُدينة الاعتداءات الصهيونية المتكررة على الأراضي السورية ومطالبة بموقف دولي حازم لحماية سيادة سوريا ومنع استهداف أراضيها وسلامتها الترابية.”

كما طالبت بتوفير الإغاثة العاجلة للنازحين والمهجرين، وضمان عودتهم إلى وطنهم، مع توفير الدعم الإنساني اللازم في ظل الظروف الصعبة التي يواجهونها. كما طلبت من القوى السياسية والمجتمعية إلى تجاوز خطابات الكراهية والفرقة وتعزيز الوحدة الوطنية كركيزة أساسية لإعادة بناء سوريا قوية ومستقرة.

وكان الموقف الرسمي الجزائري حول تطورات الوضع في سوريا قد تباين بين دعمه لنظام بشار الأسد ووصف المسلحين الزاحفين على دمشق بـ”الإرهابيين” في بداية الأمر، وبين دعوته جميع السوريين إلى الحوار والتماسك والحفاظ على وحدة الأرض والشعب، عقب فرار الرئيس بشار الأسد إلى روسيا ووصول المعارضة إلى دمشق.

وظهر على شبكات التواصل الاجتماعي، مقاتلون سوريون يتوعدون النظام الجزائري بالزحف عليه بعد طي صفحة نظام الأسد، ووصفوه بـ”الدكتاتور” الداعم للأسد طيلة 13 عاما، وقالوا إنهم سيجعلون مبنى السفارة الجزائرية “مرحاضا عموميا”، كانتقام من الموقف الرسمي الجزائري من المعارضة.

ويعبر التصريح على عزلته عن درجة الغضب الذي يخيم على هؤلاء، وإن لم يكن موقفا معلنا من طرف قوى المعارضة، المتميزة إلى حد الآن بخطاب متوازن ومعتدل تجاه القوى الخارجية، فانه يؤشر إلى صعوبات يمكن أن تعتري العلاقات الجزائرية – السورية في المستقبل.

حمس تريد تحقيق مكاسب سياسية مقابل تسخير رصيدها الأيديولوجي في ردم الهوة بين السلطة الجزائرية وحكام سوريا الجدد

وكانت أكبر الأحزاب الإخوانية (حركة مجتمع السلم)، أول حزب سياسي جزائري يصدر بيانا حول تطورات الأحداث في سوريا، عقب سقوط نظام الأسد، أكدت فيه، على “ضرورة مساندة الشعب السوري، والوقوف إلى جانبه في حقه الشرعي في العيش في أجواء الحرية والكرامة والانعتاق،” وعبّرت عن “دعمها للشعب السوري في تجاوز مراحل الصراع والتشرذم التي تسببت في تراجع دور سوريا الشقيقة، وأدت إلى تشريد ملايين السوريين في ظل النظام البائد.”

وباركت الحركة للشعب السوري تحقيق مطالبه في الانتقال السياسي والتخلص من الفساد والاستبداد، داعية إلى ضرورة ضمان وحدة الأراضي السورية، وتحقيق انتقال سياسي سلمي وعادل يحقق توافقا بين جميع مكونات الشعب السوري، بما يضمن الاستقلالية وسيادة القرار ووحدة الإقليم.

ويرى متابعون للشأن الجزائري بأن موقف حركة “حمس” يؤدي نفس المهمة، في طريق بناء علاقات جديدة بين الجزائر والحكام الجدد في سوريا، ولو أن الأهداف متباينة بين حركة البناء الموالية للسلطة والتي لا تتوانى فيعن تقديم خدماتها لها، بينما تحاول “حمس” الظهور في ثوب الحركة المستقلة، لكنها ستجعل تناغمها مع الإسلاميين في سوريا ورقة بين أيديها أمام السلطة، للحصول على مكاسب سياسية مقابل تسخير رصيدها الأيديولوجي في ردم الهوة بين السلطة السياسية والحكام المنتظرين في دمشق.

وأكدت “حمس” على أن التفاهمات الداخلية الشاملة هي الضامن الوحيد لاستمرار كيان الدولة وحماية حقوق الشعب، بينما التفاهمات الخارجية غالبا ما تخدم مصالح الأطراف المتدخلة وليست بالضرورة في صالح الشعوب.

ودعت المجتمع الدولي إلى “تبني مسار سياسي وديمقراطي مستدام بعيدا عن التدخلات والضغوط الخارجية التي تعيق إرادة الشعب السوري وتهدد وحدته ومصالحه،” داعية جميع الأطراف السورية إلى استخلاص العبر من التجارب العربية المريرة، ونبذ أسباب الانقسام والصراع على السلطة، والعمل على مستقبل مشترك قائم على الحوار والمصلحة الوطنية لتجنب الانزلاق في صراعات جديدة تعيق المسار التحرري.

وحثت الأطراف السورية على الحوار وتجنب الانقسامات، وضرورة استشراف التحولات العالمية لحماية وحدة الأوطان ومصالح الشعوب، وقطع الطريق أمام مخططات الاستهداف والتقسيم والتبعية، مع التصدي لمشاريع التطبيع والضغوط الخارجية.

وتبقى حركة “حمس” الجزائرية، الحزب الوحيد في الجزائر الذي لا يتأخر في دعم القوى السياسية التي تقاسمه نفس المرجعية، في إطار معالم التكتل الإقليمي والعالمي لتيار الإخوان، رغم الضربات القاصمة التي تلقاها في مصر وتونس، وبذلك تطرح نفسها كرابط بينها باعتبارها فاعلا سياسيا جزائريا، مع السلطة المنتظرة في سوريا.

4