الأيدز أرحم من كورونا على أقدم مهنة في التاريخ

مع ارتفاع موجات العزل الذاتي والحظر والتباعد الاجتماعي كوسيلة للوقاية من العدوى بفايروس كورونا، تزداد متاعب العاملين في الدعارة في مختلف دول العالم فقد أغلقت محلات اللذة وتوقفت صناعة الأفلام الإباحية وظهرت تأثيرات ذلك على البغي والمومسات في الولايات المتحدة.
لوس أنجلس - أثّر التباعد الاجتماعي الذي فرضه فايروس كورونا المنتشر في العالم على تجارة الجنس وصناعته أيضا، وأصبح زبائن اللذة يخافون التقارب مع المومسات والبغي، عكس ما كان سائدا في الأزمات.
فعندما يواجه المجتمع حالة مقلقة تنتشر فيها حالة من عدم اليقين مثل الأزمة التي نعيشها اليوم، يتوق الناس إلى أن يكونوا مع آخرين يقرّبونهم ويستمعون إليهم ويكون العاملون في مجال الدعارة أكثر قربا من الزبائن يشاركونهم أسرارهم العاطفية ومعظم نقاط ضعفهم.
ومع ارتفاع حصيلة الوفيات بفايروس كورونا في الولايات المتحدة، توقف حوالي مليون بغي ومومس عن العمل منذ الشهر الماضي مع وصول وباء كورونا إلى الولايات المتحدة الذي ضرب كل القطاعات الحيوية في البلاد.
يقول برونو، وهو اسم وهمي، لبغي يخشى من الإصابة بفايروس كورونا القاتل في وقت أصبح فيه هو وزملاؤه أكثر عرضة من أي وقت مضى لالتقاط العدوى، “دائما ما كانت ممارسة البغاء خيارا جيدا في أوقات الأزمات.. حتى وصول هذه الأزمة”.
وتقول ماريا كما يناديها زبائنها، إنها كانت تستقبل ما يفوق العشرة زبائن في الليلة، لكنها فضلت التوقف اليوم عن استقبال أي واحد منهم، رغم أنها كانت تكسب من سهراتها معهم حتى الساعة الثالثة صباحا أحيانا مالا كثيرا.
ويستبعد الأطباء وخبراء الصحة انتقال العدوى عن طريق ممارسة الجنس على الرغم من أنهم يؤكدون انتقالها عبر التقبيل، وهو أمر طرح مشكلة ممارسة الجنس بالنسبة للملايين القابعين في المنازل سواء كانوا فرادى أو مع شركائهم.
وبما أن القبل ممارسة شائعة أثناء الجماع، فمن الممكن أن ينتقل الفايروس عن طريق اللعاب.
وأثبتت الدراسات حتى الآن وجود آثار للفايروس بفضلات المصابين به عكس السوائل المنوية التي لا تظهر بها آثار كورونا وهو ما يجعل ممارسة الجنس آمنة طالما التزم الطرفان البعد عن التقبيل.
وذهبت إدارة الصحة الأميركية لعرض أقل مخاطرة مثل الجنس الافتراضي عبر الإنترنت كحل واقعي خلال تلك الأزمة وهو الحل الذي تروج له العديد من تطبيقات ومواقع المواعدة.
كساد المتعة
مثل معظم الأعمال التجارية، تراجعت تجارة اللذة التي لم تعرف الهزيمة في السابق حتى من الأيدز الذي انتشر في كل العالم وينقل العدوى عن طريق الاتصال الجنسي.
وانخفض الطلب على خدمات البغي برونو البالغ من العمر 33 عاما مع بقاء معظم البلاد تحت تدابير الإغلاق وخضوع السكان للحجر المنزلي الإلزامي.
وبدأ برونو المقيم في منطقة لوس أنجلس هذا العمل قبل عامين تقريبا، لأنه لم يتمكن من الحصول على وظيفة ثابتة ذات أجر جيد، لكن في الوقت الراهن، بدأت مدخراته تتضاءل بسرعة، وخلافا لمعظم العمال العاطلين عن العمل، برونو غير مؤهل للحصول على المساعدة المعتمدة على الصعيد الفيدرالي.
ماريا أيضا أجبرتها ظروف طفليها على أن تعمل في هذه المهنة لتعيلهما، فهي أم عزباء، وأمام تراجع مداخيلها بدأت تفكر في مواصلة نشاطها عبر الإنترنت رغم أنها غير متمرسة بالتعامل مع الأجهزة الإلكترونية، وهي مقتنعة أيضا بأن عائدات تقديم الخدمات عبر الإنترنت أقل دخلا، لكنها أفضل من البطالة.
وقالت “لا تزال هناك مومسات يلتقين بزبائنهن وجها لوجه لأنهن لا يمكنهن إيجاد بديل خاصة وأن عددا كبيرا منهن أمهات عازبات يصرفن على أطفالهن”.
وأضافت “معظم دخلي يأتي من جلسات ألتقي فيها بزبائني على انفراد، ولا أجني من العمل على الإنترنت إلا القليل، لأن هناك فتيات كثيرات يعملن افتراضيا، وهن متمرسات في ذلك”.
ضرورة قاهرة
رغم مخاوفه الصحية بشأن جائحة كورونا التي أودت بحياة الآلاف في الولايات المتحدة، يفكر برونو في العودة إلى العمل يقول “سأضطر إلى المخاطرة، إنها الطريقة الوحيدة التي يمكنني من خلالها كسب المال” وتأمين لقمة العيش.
ويضيف برونو أن الطلب انخفض بحوالي 80 في المئة، لكن حفنة من الزبائن مازالوا يتصلون به.
ويعتبر برونو أن وظيفته خطرة للغاية بسبب تعرضه المحتمل للإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا، متابعا “أنا مذهول من أنه مع انتشار هذا الفايروس، مازال الناس يريدون تحمل الخطر”، لذلك، فإن العودة إلى العمل ليست قرارا يستخف به. ويقول “كيف يمكنني التأكد من أن الشخص يحافظ على سلامته؟”.
وقالت أليس ليتل (29 عاما) وهي مومس تعمل في ولاية نيفادا، إنها كانت تتوقع تراجع نشاطها بعد الإعلان عن أول حالة مؤكدة في الولاية.
وأضافت أن العاملين في الدعارة لهم الحق في رفض أي زبون لأي سبب، فهي تفرض بعض الأوضاع الخاصة عند ممارسة الجنس، مما يقلل من التلامس المباشر وجها لوجه مع الزبون، إضافة إلى بعض الاحتياطات الأخرى.
تصوير الأفلام
صناعة الأفلام الإباحية تأثرت بانتشار فايروس كورونا على الرغم من غياب التقارير التي تعلن عن إصابات ضمن شركات هذه الصناعة التي راج نشاطها في السنوات الأخيرة في الولايات المتحدة.
وطالب تحالف حرية التعبير من المنتجين ونجوم الأفلام الجريئة التوقف عن التصوير، وقال متحدث باسم التحالف “نطلب من جميع أعضاء صناعة الأفلام الكبار البقاء في المنزل قدر الإمكان، وعدم ترك المنزل إلا للضروريات فقط”.
وأشار التحالف إلى أن عدة ولايات في الولايات المتحدة، من بينها كاليفورنيا دعت إلى إغلاق الصناعات غير الضرورية بسبب وباء كورونا.
وأبدت نجمة الأفلام الإباحية الأميركية تاشا رين انزعاجها من تفشي الفايروس في الولايات المتحدة، قائلة “كورونا سيؤثر على صناعتنا بشكل كبير، ما يجعل العديد من الممثلين غير قادرين على تأمين مداخيلهم ومصاريفهم الشخصية”.
ويذكر أن الإيجابية الوحيدة التي تحتسب لصناعة الأفلام الإباحية هي نجاحها في احتواء مرض نقص المناعة المكتسب، الأيدز، ضمنها، طوال السنوات الماضية، رغم كونه مرضا ينتقل عن طريق ممارسة الجنس بشكل أساسي، ما منحها نوعا من الخبرة في التعامل مع الحالات المرضية.
ومع قرارها التوقف عن التصوير، تتعرض بالمر وغيرها من العاملات في هذا المجال لمشكلة مالية كبيرة تقدر بعشرات الآلاف من الدولارات، لكنها اعتبرت في حديثها لمجلة “رولنغ ستون”، أن “الجانب المادي ثمن صغير تدفعه للحفاظ على صحتها ضمن صناعة، مثل العديد من الصناعات الأخرى في الولايات المتحدة حاليا، ليست مجهزة تجهيزا جيدا للتعامل مع التهديد الذي يلوح في الأفق بسبب كورونا”.
متاعب مالية
تتضاعف متاعب العاملين في تجارة اللذة لأنهم لا يمتلكون تأمينا صحيا أو شبكة أمان أخرى إذا مرضوا، فالمساعدات التي قدمتها الحكومة الأميركية لمن تضرروا من الفايروس المستجد، استثنت العاملين في مجال الجنس من الحماية.
ولا يجوز للشركات الصغيرة في الولايات المتحدة التي تضررت جراء الأزمة والباحثة عن قروض طارئة وفقا للقواعد الحكومية، بيع “منتجات أو خدمات ذات طبيعة جنسية”.
وحذرت مولي سيمونز وهي مومس تعمل في نيويورك من أن هذا الوضع قد يجبر العاملين في مجال الجنس على “قبول زبائن يعرفون أنهم غير آمنين ويخاطرون بالتعرض للإساءة أو الاغتصاب لأنهم يحتاجون إلى إطعام أنفسهم أو أطفالهم أو دفع الفواتير”.
ونشرت “ذي ديزرت إيدز بروجيكت” وهي منظمة غير حكومية متخصصة في فايروس نقص المناعة البشرية في كاليفورنيا، توصيات للعاملين في مجال الجنس خلال فترة تفشي الوباء.
وروّجت منظمات أخرى لطرق لكي يتبناها العاملون في مجال الجنس لتفادي الاجتماعات الجسدية تماما أثناء هذه الفترة.
ودعت مجموعتا “كايوتي” و”باوز” الزبائن إلى تقديم تبرعات أو الدفع مسبقا لخدمات ما بعد الأزمات.
الدراسات أثبتت حتى الآن عدم وجود آثار للفايروس في السوائل المنوية وهو ما يجعل ممارسة الجنس آمنة طالما التزم الطرفان البعد عن التقبيل
وقام بعض العاملين في مجال الجنس بمحاكاة طرق الممثلين الإباحيين من خلال كسب لقمة العيش من المنزل عبر مكالمات الفيديو والتواصل مع الزبائن عن طريق المكالمات الهاتفية أو الرسائل.
وأفادت بعض المواقع التي تقدم البث الحي في الولايات المتحدة بارتفاع عدد العاملين لديها في مجال الجنس بنسبة 75 في المئة منذ بدء الإغلاق.
وتشير تقارير إلى أن من يعيشون وحدهم يقبلون أكثر على مشاهدة تلك المواقع، كما أن بعض الفتيات
والمواقع تعرض تخفيضات لزيادة الإقبال.
ولدى برونو أصدقاء يقومون بذلك ويكسبون ما يصل إلى ثلاثة آلاف دولار شهريا، لكنه حذر من هذا الطريق الذي يخاطر من خلاله بكشف هويته التي من الصعب إخفاؤها على مواقع الإنترنت، كما يمكن سرقة محتويات مقاطع الفيديو.
ويوضح برونو “أنا لا أنتقد هذا الطريق لكنني لن أسلكه. لا أريد أن أدفع خصوصيتي ثمن الصعوبات المالية التي أواجهها. العمل عبر الإنترنت ليس سهلا كما يتوقع البعض”، وتقول ماريا “ليس من السهل على فتاة اعتادت مقابلة زبائنها وجها لوجه أن تقف أمام الكاميرا وتعرض أجزاء من جسمها من أجل الحصول على بعض الدولارات”.