الأونروا تعلق عملها في رفح في أعقاب دخول الجيش الإسرائيلي

غزة - علقت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عملها في مدينة رفح في أعقاب دخول الجيش الإسرائيلي للمدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، وسط توالي الإدانات العربية والدولية لمحاولات الدولة العبرية تصنيف الوكالة منظمة إرهابية.
وكتب المدير العام للوكالة فيليب لازاريني عبر صفحته على منصة "إكس" ليل السبت " أوقفت الأونروا تقديم خدماتها الصحية والخدمات الأخرى الحيوية في رفح".
وتعمل المنظمة الآن من مدينة خان يونس إلى الشمال من رفح ومن وسط قطاع غزة. وكتب لازاريني " في خان يونس أعدنا بدء عملياتنا على الرغم من الضرر الذي لحق بمنشآتنا".
وأكد متحدث باسم المنظمة ليل السبت أن فريق الأونروا غادر رفح وكان يواصل عمله في خان يونس.
وواصلت القوات الإسرائيلية عمليتها في مدينة رفح السبت على الرغم من الانتقادات الدولية واسعة النطاق.
وتعتبر إسرائيل رفح آخر معقل لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي شنت هجوما كبيرا على مستوطنات غلاف غزة الإسرائيلية في السابع من أكتوبر الماضي.
ولكن العديد من حلفاء إسرائيل يعارضون بشدة التوغل العسكري في رفح نظرا للجوء عدد كبير من المدنيين إليها هربا من القتال في أماكن أخرى في القطاع الساحلي. وقد غادر العديد منهم رفح مرة أخرى منذ ذلك الحين.
ووفقا لمدير الأونروا فإن خان يونس، جنوب المنطقة الساحلية ووسط قطاع غزة، يوجد بها الآن 1.7 مليون شخص.
واستأنف الأونروا تدريجيا عملها في خان يونس في أعقاب انسحاب القوات الإسرائيلية منها في أبريل الماضي، وهي الآن تقدم الخدمات هناك بشكل أساسي.
وكان عمل الوكالة يتركز في السابق على رفح. وقال لازاريني إن جميع الملاجئ التابعة لمنظمة الإغاثة وعددها 36 أصبحت خاوية الآن.
وفي خطوة، لإنهاء عمل الوكالة الأممية، صادقت الهيئة العامة للبرلمان الإسرائيلي (الكنيست) الأربعاء بقراءة تمهيدية على مشروع قانون يقضي بأن تعلن إسرائيل الأونروا "منظمة إرهابية" وتجريم أنشطتها، ورفع الحصانة عن موظفيها.
ولا يزال يتعين التصويت في الكنيست بـ3 قراءات إضافية لمصلحة مشروع القانون ليصبح نافذا، وذلك ضمن ما تقول جهات فلسطينية وأممية ودولية إنها حملة إسرائيلية لتفكيك الأونروا وتصفية قضية اللاجئين.
وذكر الكنيست في بيان، أن "من بين الحصانات والامتيازات التي تتمتع بها الأونروا: الحصانة من الخضوع للمحاكمة، وحصانة الأرشيفات والمكاتب، وإعفاء أو تخفيض الضريبة وضريبة الأملاك، وإعفاء من منع الاستيراد أو التصدير، وإعفاء من ضريبة الدخل".
وأعربت دول عربية وغربية وتكتلات ومنظمات دولية عن قلقها وإدانتها لهذا الإعلان، فقد قالت وزارة الخارجية القطرية اليوم الأحد إن قطر تدين محاولة إسرائيل تصنيف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) على أنها "منظمة إرهابية"
وفي وقت سابق السبت، قالت وزارة الخارجية السعودية السبت إن "المملكة تدين محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلية تقويض جهود وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من خلال تصنيفها بالإرهاب، بهدف رفع الحصانة عن منسوبيها ممن يقومون بواجبهم في تخفيف حدة الكارثة الإنسانية التي يمر بها الشعب الفلسطيني"، وفقا لوكالة الأنباء السعودية (واس).
وأكدت المملكة "أن على إسرائيل باعتبارها دولة احتلال الالتزام بالقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي والكف عن إعاقة عمل المنظمات الدولية".
ومن جانبها، اعتبرت وزارة الخارجية الأردنية في بيان أن "المحاولات الإسرائيلية المتواصلة التي ترمي إلى قتل الأونروا واغتيالها سياسياً واستهداف رمزيتها (..) هي ممارسات لا شرعية ولا قانونية وباطلة، وتمثل انتهاكاً للقانون الدولي ولالتزامات إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال".
كما استنكر البرلمان العربى، اليوم الأحد، المحاولات الإسرائيلية وقال في بيان نشره على صفحته على "فيسبوك" إن "ما يقوم به كيان الاحتلال هو امتدادا لمحاولاته الإجرامية لتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على حق العودة للاجئين الفلسطينيين".
ودعا "المجتمع الدولي والمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان إلى تحمل مسؤولياتها تجاه وقف هذه الجرائم والانتهاكات المتكررة، وضرورة توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وضرورة التحرك بشكل فوري وفاعل وإلزام الاحتلال بالتوقف الفوري والدائم لهذه الانتهاكات المستمرة والمتواصلة لقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني".
وطالب البرلمان بـ "تأمين الحماية لمنظمات الإغاثة وموظفيها، وخاصة "الأونروا" التي تقوم بدور إنساني كبير في تقديم المساعدات الإنسانية والخدمات للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها قطاع غزة".
كما أثار إعلان الكنيست الإسرائيلي إدانات دولية من بلجيكا والتكتل الأوروبي، فقد قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان، إن التكتل "يشعر بقلق عميق إزاء المناقشات في الكنيست بشأن تصنيف (الأونروا) منظمة إرهابية، وسحب الحصانة والامتيازات (الدبلوماسية) لأعضائها".
وأضاف بوريل أن "الاتحاد الأوروبي يدعم الأمم المتحدة بحزم"، حاضاً "السلطات الإسرائيلية على السماح لـ(الأونروا) بمواصلة تأدية عملها الذي لا غنى عنه، بما يتوافق مع تفويضها".
وعانت الوكالة الأممية التي تنسق غالبية المساعدات في غزة، من أزمة بعد أن اتهمت إسرائيل في يناير الماضي، 12 من موظفيها البالغ عددهم 13 ألفاً في غزة بالتورط في هجوم 7 أكتوبر.
وأدى الاتهام إلى تعليق عدد من الدول تمويل الوكالة بشكل مفاجئ، بينها الولايات المتحدة، الجهة المانحة الرئيسية، ما يهدد عملها في غزة، رغم أن دولاً عدة استأنفت التمويل لاحقاً.
وسلطت مراجعة مستقلة لعمل "الأونروا"، أشرفت عليها وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا، الضوء على بعض "المشكلات المرتبطة بحياد" الوكالة، لكنها شددت على أن إسرائيل لم تقدم بعد أدلة على اتهاماتها.
وتأسست الوكالة عام 1949، وتوظف حوالي 30 ألف شخص في الأراضي الفلسطينية والأردن ولبنان وسوريا.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي "يتعرض موظفون في (الأونروا) للمضايقة والإهانة بشكل منتظم عند نقاط التفتيش الإسرائيلية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية"، وفق لازاريني الذي أعرب عن أسفه، لأن مرافق تتبع للوكالة في قطاع غزة "تستخدمها القوات الإسرائيلية و(حماس) وفصائل فلسطينية أخرى لأغراض عسكرية".
وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية اتهمت في 14 مايو الماضي، "الأونروا" بأنها "ذراع لمنظمة (حماس)"، وأن "جهاز التربية التابع للوكالة يدعم الإرهاب والكراهية".
وتنفي الأونروا التي تتخذ من حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية مقرا رئيسيا، صحة اتهامات إسرائيل لها، وتؤكد أنها تلتزم الحياد وتركز حصرا على دعم اللاجئين.
ويتعاظم احتياج الفلسطينيين إلى خدمات الأونروا في ظل حرب تشنها إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر، خلفت أكثر من 118 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.